2012-03-23, 03:01
|
رقم المشاركة : 45
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
قولهم: هل نترك الساحة للعلمانيين والنصارى وغيرهم ليحكموا فينا؟
◘الشبهة الرابعة عشر: قولهم: هل نترك الساحة للعلمانيين والنصارى وغيرهم ليحكموا فينا؟
وقبل الجواب على هذا السؤال فلنجب على السؤال التالي:
جمعية تنصيرية مهمتها نشر النصرانية وسط المسلمين ونريد أن ننهي عن منكرهم ونحولها لجمعية لنشر الإسلام بطريقة شرعية فاختر الحل الأمثل من الآتي:
1-نشارك معهم كأعضاء في الجمعية ونمارس التنصير ونحاول أن ننصحهم وننهاهم عن منكرهم ونحن معهم.
2-نشارك معهم كأعضاء في الجمعية وندعوا الناس للمشاركة في الجمعية وممارسة التنصير حتى نصبح الأغلبية ثم نغير مجلس إدارتها إلى مسلمين ثم نحاول تغيير برامج الجمعية , وإما أن نستطيع التغيير أم لا( لأن تغيير نشاط الجمعية لا بد من موافقة أغلبية الأعضاء عليه).
3-نتركهم وشأنهم ولا نحذر منهم ولكن نوضح معالم الدين الإسلامي وجماله وما فيه من محاسن والناس يستطيعون بين الجيد والرديئ.
4-نحذر الناس منهم ونفضح شرهم وخطورتهم مع توضيح معالم الدين الإسلامي وجماله وما فيه من محاسن.
الجواب:
لا شك أن الطرح الأول غير جائز لأن فيه فتنة للنفس وفتنة للمسلمين ولن يأتي بخير .
والطرح الثاني هو أشد الأطروحات سواء لما فيه من دعوة الناس للمشاركة في الكفر وهو التنصير (وهو في ذاته مفسدة محققة) ثم إن المصلحة المرجوة محتملة فقد تحدث وقد لا تحدث بالإضافة إلى ما في الوجه الأول من مفاسد..
والطرح الثالث فيه الأمر بالمعروف دون النهي عن المنكر( وهو التحذير من هذا المنهج المعوج) فهو تربية بلا تصفية...
ولا شك أن الطرح الرابع هو منهج المسلم في التأصيل والتحزير في التصفية والتربية,في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فلا شك أن الديمقراطية هي دين جديد الحاكم فيه ليس الله بل الحاكم فيه هي الأغلبية وهذا لا يماري فيه منصف.
وللأسف أن دخولنا لساحة الديمقراطية ليس فقط كما فعل من اختار الطرح الأول بل بدعوتنا للمشاركات الانتخابية صرنا كمن اختار الاختيار الثاني وهو المشاركة في الكفر ودعوة الناس إليه وهو ما لا يجوز لعاقل من المسلمين.
◄الرد العلمي على الشبهة:
فهذا المدخل مردود عليه من وجوه كثيرة:
◄الوجه الأول: هل تركُ الباطل مما تُؤاخذ عليه؟!!
إذا وجدتَ باطلاً؛ فهل تَرْكُ الباطل وعدم المشاركة فيه، وبيان أنه باطل، ودعوة الناس إلى تركه، هل هذا تُؤاخذ عليه؟!!
قال الله تعالى: ( وإذا رأيتَ الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) [الأنعام:68].
وقال الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) [النساء:140].
هل قال الله عز وجل: وإذا رأيتَ الذين يخوضون في آياتنا فشاركهم!! ولا تترك لهم الساحة!! بل قال: فلا تجالسوهم (حتى يخوضوا في حديث غيره) ، إلا إذا دخلتَ؛ فأنكرتَ على رؤوسهم بالبيان والحُجة.
وهذا يكونُ بغير مشاركة: تكونُ بالبيان؛ فحينما تحذّر من سبيل الملحدين، أو العلمانيين، أو الليبراليين أو الشيوعيين أو... فأنتَ ما تركتهم؛ إنما أنتَ بيَّنتَ للأمة خطرَهم؛ فكيف تكونُ تاركًا لهم؟!!
◄الوجه الثاني:الذين دخلوا وقالوا ما نترك لهم الساحة!ماذا صنعوا؟! هل أصلحوا الساحة!! أم شاركوا الساحة بمذهب الساحة، وبقاعدة الساحة، وبقوانين الساحة؟!!
كلّ ما صنعوا أنهم صبغوا الساحةِ (العَلمانية) و(الليبرالية) و(الديمقراطية).. الصبغةَ الإسلامية!! فصار هناك حزب إسلامي !! و ديمقراطية إسلامية!! و برلمانات إسلامية!! و قانون وضعي إسلامي!! ودولة مدنية إسلامية!! ودولة عصرية إسلامية!! وهكذا.. فهؤلاء الذين دخلوا الساحة بصبغة إسلامية خطرهم أشد بل اشك, لأن كل ما كان ينادي به العلمانين وغيرهم أصبح الداخلين الجدد ينادون به تحت الصبغة الإسلامية فهذا خطر أعظم, لأن نسبت الأمر إلى الشريعة وهو ليس منها أخطر من أن يفعله الإنسان وهو يعلم بحرمته.
أما أهل السنة فلا يحبون أن يتولى أحد إلا الصالح, فإن لم يوجد صالح, ولم يتيسر, صبوا على حكامنا الموجودين, ونصحوهم بالكتاب والسنة, فإن أمروا بمعصية؛ لم يطيعوهم, وذكروهم بأيام الله في الأمم السابقة, عندما أعلنوا بالمعصية, وحاربوا الله بالانحراف عن نهجه, كيف نقض الله بنيانهم, وأذهب ملكهم, وسلّط عليهم الأعداء, فأخذوا ما بأيديهم, وساموهم سوء العذاب, فلسنا أصحاب حماس فارغ, ولا ثورة تضر أكثر مما تنفع, ولسنا ممن يدق أبواب السلاطين, ولا ممن يمد يديه إليهم, ولا نبرر انحرافهم عن الصراط المستقيم, وهل كان منهج سلف الأمة إلا هذا؟!
◄الوجه الثالث:إن قلتَم: إن ترك أهل الباطل، والرد عليهم مع عدم مشاركتهم، والتحذير منهم، وإصلاح الأمة من غير مشاركة والتمييع لأهل الباطل، إن قلتَم: أن هذه سلبية!!
فأنا أدعوكم إلى أن تتهمَوا نبينا صلى الله عليه وسلم على كلامكم أو هذا لازم كلامكم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قريشًا، ولم يشارك قريشًا فيما كانوا عليه، ولو بدعوى التدرج؛ وإنما ترك المجال وصار يسفِّهُ الآلهةَ والأنداد، ويسب الأصنام والأوثان، وانشغل بما يجب عليه من بناء الدولة الإسلامية، وتنشئة الرجال، وقد عرضوا عليه المُلكَ، فقالوا: إنْ أردتَ مُلكًا، ملَّكناكَ، فلماذا لم يأخذ النبي المُلكَ؟ ولم يشاركهم ثم يتدرج في.. وفي.. وفي.. وفي؟!
إذا كان كذلك، فإن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان سلبيًا بل أول السلبيين!! بل وجميع الأنبياء والمرسلين كذلك!!؛ لأن جميع الأنبياء إنما ركزوا على تربية الأمة على التوحيد أولاً، وعلى تصفية الأمة من شوائب الشرك، وعدم المخالطة لهؤلاء.
قال اللـــه: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة:4].
◄الوجه الرابع: نقول لكم: لا زالت الجزائر واليمن ومصر وغيرها من بلاد المسلمين تُحكم بالسياسات الفاسدة الجاهلية من علمانية وشيوعية ورأسمالية و..., ومع هذا لا يزال الدين ظاهرا بل ويحصل له ازدهار , ولا يستطيع أحد بفضل الله جل وعلا أن يعطل الدعوة إلى الله أبدا, وهذا أمر معلوم, وواقع مشاهد في سائر العصور تحت حكم أئمة الجور والظلم, وهذا دين الله الذي تكفل بحفظه , وحمايته كما أخبر سبحانه" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" , فالواجب على الدعاة أن يستقيموا على طريق الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح, وأن لا يسيروا على الطرق والوسائل المحرمة, وأن لا يبحثوا عن أنصاف الحلول مع العلمانيين والنصارى والأحزاب المنحرفة, فإن الإنحراف الأكبر لا يأتي إلا من جهة الدعاة الذين إما يبحثون عن السلطة والرياسة كالإخوان, وإما لا يفهمون الدين فهما صحيحا فيستخدمون العنف والإرهاب في تغيير المنكرات ويكفرون الحكام كالجماعة الإسلامية والجهاد والتكفير و الهجرة و القطبيين......, وإما يجهلون أحكام ومنهج السلف, فيضيعون الأحكام الشرعية بجهلهم, وطلبهم للتصدر كالحزبيين(أدعياء السلفية) المتصدرين على الفضائيات, فما أحوج الناس اليوم إلى تعلم الدين وفهمه بعيدا عن هذا الانحراف ثم تطبيقه والعمل بأحكامه بدل الزج بهم في الحزبية البغيضة التي تفسد ولا تصلح وتمزق ولا تجمع.
◄الوجه الخامس: الساحة ساحتان , ساحة حق وساحة باطل, فساحة الحق هي ساحة الدعوة إلى الله على بصيرة وهي الساحة التي ما تركها الأنبياء يوما ما ولم يتركها العلماء من أهل السنة بعد نبيهم عليه الصلاة والسلام بل اجتهدوا فيها وبذلوا وسعهم فمكن الله لهم وكتب لهم القبول.وهذه الساحة أعم وأشمل من ساحتكم الضيقة ؛ فإن هذه الساحة تخاطب الساسة والعظماء والأمراء والكبير والصغير ؛ والغني والفقير ؛ والنساء والولدان ؛ والشباب والشيبة ؛ وتنظم جميع شؤون الحياة لأنها ليست من صنع البشر ؛ إذ الصناعة البشرية مهما تطورت فهي قاصرة وضيقة ؛ أما شريعة رب البرية فلا تضاهيها القوانين البشرية والتي هي زُبالة أفكار حثالة الناس وأسافلهم وأراذلهم .
هذه الساحة ؛ ساحة واسعة تخاطب جميع الناس على اختلاف ألوانهم وأشكالهم ؛ وعلى اختلاف بلدانهم ولغاتهم ؛ وترفع من تمسك بها وعض عليها ؛ وتكتب له الغلبة والتمكين والنصر والظفر .
أما ساحة الباطل فقد أمرنا الله باجتنابها حيث قال: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) [النساء:140].
وهذه الساحة هي ساحة عذاب كما قال تعالى((فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ ) الصافات177
قال الإمام ابن كثير في تفسيره للآية: ((قال الله - تبارك وتعالى - : فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ ؛ أَيْ : فَإِذَا نَزَلَ الْعَذَابُ بِمَحِلَّتِهِمْ فَبِئْسَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمُهُمْ بِإِهْلَاكِهِمْ وَدَمَارِهِمْ ؛ وقال السُّدِّيُّ : فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ ؛ يَعْنِي : بِدَارِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ ؛ أَيْ : فَبِئْسَ مَا يُصْبِحُونَ ؛ أَيْ : بِئْسَ الصَّبَاحُ صَبَاحُهُمْ
.وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حديث اسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ فَلَمَّا خرجوا بفئوسهم وَمَسَاحِيهِمْ وَرَأَوُا الْجَيْشَ رَجَعُوا وَهُمْ يَقُولُونَ : مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « اللَّهُ أَكْبَرُ ؛ خَرِبَتْ خَيْبَرُ ؛ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ » وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
فالغاية لا تبرر الوسيلة وما عند الله لا ينال بمعصيته فغايتنا رفع راية الإسلام,ووسيلتنا الدعوة بالكتاب والسنة وبفهم سلف الأمة.
فلا بارك الله في هذه الساحة ؛ ولا بارك فيمن يدعو لها ؛ لا بارك الله فيمن يشنّع على من بيّن عوارها وأوارها ؛ فإن لم تكن هذه الساحة هي ساحة كفر ( !! ) فلا أدري ما الكفر ؟!
وأقول استنانًا بقول نبينا الكريم - عليه الصلاة والسلام - : الله اكبر .. الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ؛ فلن تستطيعوا أن تقهروا هذه الأدلة البيّنات ؛ والبراهين الواضحات ؛ والأقوال الصريحات ؛ ولو كان بعضكم لبعض ظهيرًا ؛ فإن أهل السُنة منتصرون ؛ وبالحق ظاهرون ومستمسكون ؛ لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة ؛ وحتى يقاتل آخرهم الدجال ؛ فاللهم اجعلنا منهم بمنك وكرمك يا رحيم يا رحمن .
|
|
|