منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سلسلة الرد على شبهات دعاة التحزب والانتخابات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-17, 21:05   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الثالث: مفاسد الانتخابات النيابية والرئاسية:


أولا : مفاسد الانتخابات النيابية :


المفسدة الأولى :الإشراك بالله

"الانتخابات" داخلة في الإشراك بالله، وذلك في شرك الطاعة، حيث إن "الانتخابات" جزء من النظام "الديمقراطي"، وهذا النظام من تشريع غير المسلمين كما هو معلوم وليس من تشريع الله.
فمن قبله راضياً به, مروّجاً له, معتقداً صحته, فقد أطاع أعداء الإسلام في مخالفة أمر الله عز وجل، وهذا عين الشرك في الطاعة، قال الله تعالى: [أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم] الشورى. وقال تعالى: [ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر] محمد, وقوله تعالى: [وإن أطعتموهم إنكم لمشركون] الأنعام.
فهل "الانتخابات" من شرع الله, أم من شرع البشر؟.
فإن قالوا: هي مِن شرع الله.
فهذا تجرّؤٌ وافتراء على الله، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ووجود الدساتير العلمانية الموجودة في بلاد المسلمين أكبر شاهد على أن "الانتخابات" من النظام العلماني.
وإن قالوا: هي مِن تشريع البشر.
فالجواب: كيف قبلتم تشريع البشر؟ وما الحكم على من قبل هذا التشريع؟ أليست الآية واضحة في أنهم قد جعلوا مؤسسي "الديمقراطية" الذين وضعوا "الانتخابات", شركاء لله في التشريع ووضع المناهج للخلق؟
وإذا كان من قَبِلَ نظام "الانتخابات" ليس متخذاً المخلوق مشرِّعاً, فمتى يكون المخلوق مشرِّعاً؟! وكيف نفهم الآية السابقة؟
ولم يكتف المخالف بدعواه: أن "الانتخابات" جائزة عنده، بل زاد الطين بِلّةً, فقال: هي واجبة, وتاركها آثم, وفاسق, ولم يؤد الأمانة...الخ.
وإذا كان الله عز وجل قد عاب على الذين: [اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله]. أي اتخذوهم: مشرّعين لهم, وهم يعتقدون صحة ما شرعوه لهم؛ مع أنهم أعطوا هذه المكانة للأحبار والرهبان, رمز الدين والشرائع السماوية, فما ظنك بمن يجعل أهل التشريع أجهل الناس وأضلّهم من اليهود والنصارى والوثنيين, عليهم لعنة الله؟!!. وقد قال الله في كتابه: [وإن أطعتموهم إنكم لمشركون] الأنعام.
قال ابن كثير في تفسيره: "أي حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه, إلى قول غيره, فقدمتم عليه غيره, فهذا هو الشرك".
وإذا كان من أطاع المشركين -معتقداً صحة قولهم- في مسألة واحدة, وهي مسألة إباحة الذبيحة التي تُركت التسمية عليها عمداً، إذا كان فاعل ذلك مشركاً, فما بالك بمن يطيع أشد الناس عداوة للذين آمنوا, وهم اليهود, في أكثر من مسألة، وفي مسائل مصيرية تتعلق بقيادة الأمة؟ أفلا يكون هذا أخطر من طاعتهم في تحليل الذبيحة؟!
المفسدة الثانية :تأليه الأغلبية:

"الانتخابات" سلّم الوصول ومرقاة الصعود للمجالس ــ سواء كانت رئاسية أم نيابية أم محلية أم غير ذلك ــ التي تقوم على تأليه الأغلبية، واعتماد ما قبلته, وإن كان باطلاً، ورد ما رفضته, وإن كان معلوماً من الدين بالضرورة. فرأي الأغلبية هو الأهم في نظام الانتخابات كما هو معلوم حتى لو خالف رأي الأغلبية شرع الله.
فهي إذاً ذريعة لهذا التفويض الذي لا يكون إلا لرب العباد أو لرسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: [والله يحكم لا معقّب لحكمه] الرعد، وهؤلاء لم يكونوا معقّبين فقط, بل ومصادرين لدين الله، قال الله تعالى: [لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون] الأنبياء. ومن الذي يسأل ربنا وهو القائل: [وهو القاهر فوق عباده] الأنعام، أي فوقهم بقهره وسلطانه وذاته العلية سبحانه وتعالى, فهو القادر على البطش بالجميع، والمحيط بهم والحاكم عليهم.
ثم إنّ المجلس لو أقرت فيه الأغلبية حكماً يوافق الشرع, فإنهم يعتمدونه, لا لأنه وافق الشرع، إنما لأنه وافق حكم الأغلبية, فمن قضى قضاءً وافق فيه الحق غير قاصدٍ إحياء حُكْم الله؛ فهو من قضاة النار، كما أخبر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم : ((القضاة ثلاثة: قاضيان في النار, وقاضٍ في الجنة, الذي في الجنة: رجل علم الحق فقضى به, واللذان في النار: رجل عالم بالحق فقضى بخلافه, ورجل جهل بالحق فقضى بخلافه)) الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي والحاكم وغيرهم من حديث بريدة.
المفسدة الثالثة :اتهام الشريعة بأنها ناقصة:

الذين يجيزون "الانتخابات" وما وراءها؛ أساءوا إلى الإسلام، حيث أعطوا أعداء الإسلام شرعية اتهام الشريعة الإسلامية بأنها ناقصة وعاجزة عن إصلاح حياة الناس، واتهموا الشريعة بالنقص أيضاً. فهم لو كانوا موقنين بكمالها من كل الوجوه, لما وافقوا على "الانتخابات", وهذا لابد منه، ومهما قالوا: شريعتنا كاملة, مع عدم تحكيمها, فهو زعم باطل.
والأدلة كثيرة على كمال الشريعة.
قال الله سبحانه وتعالى: [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً] المائدة. فهو الإكمال الإلهي الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحاط علمه بما كان وما سيكون وما هو كائن، وهكذا شريعته سبحانه وتعالى أحاطت بكل ما يحتاجه الناس في ماضيهم وفي حاضرهم وفي مستقبلهم، فالشريعة كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا في زمان ولا في مكان، وقد رضيها سبحانه, فمن ابتغى الرضى في غيرها, فقد نسب إلى الله النقص والعجز, تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقال الله سبحانه وتعالى: [ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً] الفرقان، وهذه الآية تضمنت مقارعة أصحاب الفساد والشبهات، والقرآن والسنة يضمنان لنا مقارعة المفسدين بشتى أنواعهم وفسادهم, حيث كانوا, وكيفما كانوا، وقال الله عز وجل: [وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين] الأنعام، ولا يأتي أحد بِشَرٍّ؛ إلا بيّن القرآن والسنة حقيقته في كل زمان ومكان، قال الله تعالى: [إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم] الإسراء. فما من قضية إلا والقرآن والسنة حكما فيها بما هو أنفع وأصلح وأعدل، وهذه هداية القرآن لا دَجْل البشر، وقال الله:[ أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون] العنكبوت.
فمن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله، والله لو تناطحت الجبال بين يديه من خشية الله ما صلح ولا استقام إلا أن يشاء الله، قال الله: [فماذا بعد الحق إلا الضلال] يونس، ويقول سبحانه: [ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين] النحل. ومادام القرآن تبياناً لكل شيء، فما بقي لأحد حجة بعده ولا عذر.
ويقول الله: [ما فرّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون] الأنعام، وهذا على أحد التفسيرين للكتاب.
فالقرآن هو المرجع في منهج الحياة، وشرائع الناس، ونظام حياتهم, بلا تعديل ولا تبديل، وكل خلافٍ حكمه في القرآن، وكل خير يوجد في القرآن والسنة، ومالا يقبله القرآن والسنة فليس بهدى.

و قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً, فعليكم بسنتي, وسنة الخلفاء الراشدين)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن العرباض. ولا يمكن أن يردنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مالا خير فيه، فعند مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم)).
بل إن السنة كافية في معالجة الاختلافات, ورد الأمور إلى نصابها, وتعريف الناس بالحق، قال صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي, ولن يتفرقا حتى يَرِدا عليّ الحوض)) من حديث أبي هريرة عند الحاكم، وصدق الله إذ يقول: [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] الحجر، فقد صدق سبحانه, وأنجز وعده, وأتم عدله, وأسبغ رحمته ونعمته.
فإذا كان القرآن الكريم يتكوّن من ثلاثين جزءًا, وأكثر من ستة آلاف آية، والسنة الصحيحة تتكون من عشرات الآلاف من الأحاديث, فما قيمة دساتير "الديمقراطية" التي تتكون من مواد فاسدة؟!.
المفسدة الرابعة : هدم الشريعة الإسلامية :
وهذا وضح بين لما في الانتخابات من إقصاء حكم الكتاب والسنة, وتحكيم النظام الطاغوتي الذي يجعل الكتاب والسنة رأيا من الآراء قابلا للأخذ والرد ... !!! ويوجب سقوط حكم الكتاب والسنة برأي الأغلبية من الفساق والعلمانيين بل والكفار من اليهود والنصارى,وذلك طبقا لأحكام الدستور وقانون البرلمان الذي يسوي بين جميع الملل والمذاهب والآراء,والعبرة فيه بالأغلبية الغوغائية لا بالصواب وما وافق الشرع.
بل بمجرد طرح الأحكام الشرعية للتصويت عليها وأخذ رأي الأغلبية فيها,يعد كفرا بالله عز وجل, إذ ليس للمسلم اختيار ولا اعتراض على حكم الله جل وعلا, فكيف يكون له حق النقد والنظر في حكم رب العالمين؟ قال الله رب العالمين : [وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا]
وقال سبحانه : [ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون].
وأما حال المنافقين فقد بينها سبحانه بقوله : [ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا, وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا, فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا,أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا].
قال العلامة مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله- : (الديمقراطية معناها : الشعب يحكم نفسه بنفسه , أي : لا حاكمية لله !! فالآية((إن الحكم إلا الله)) ليس بصحيح (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به) فكل هذا عندهم باطل.
فمعناها : إلغاء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسل
م) غارة الأشرطة(2/147-148).
المفسدة الخامسة :تمييع الولاء والبراء:

تقوم "الانتخابات" على تضييع الولاء والبراء. ولا يخفى على كل مسلم ذاق طعم الإيمان؛ أن الحب يكون لله ورسوله وأوليائه، والمعاداة تكون لمن عادى الله ورسوله وأولياءه، قال الله تعالى: [إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون] المائدة.
انظر إلى وعد الله بالغلبة للمؤمنين على أعداء الله بعد ذكر قاعدة الإيمان، وهي: الولاء الثابت لله ولرسوله وللمؤمنين, مع المفاصلة التامّة للأعداء، ولهذا افتتح الله هذه الآية بقوله: [يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمٌ إنما وليكم الله ...] المائدة، فما قيمة مؤمن لا يوالي أولياء الله, ولا يحارب أعداء الله؟ وتأمّل قوله سبحانه: [فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه] فهم لا يحتفلون أبداً بمحبة الشخصيات ذات الزعامة والرئاسة والوجاهة والمال والتكتل ضد المؤمنين، ثم بيّن موقفهم من المؤمنين والكفار, فقال: [أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين] انظر ما أعظم هذه الصفة، وما أبعد كثيراً من الناس عنها, وخاصة الدعاة إلى "الانتخابات" [أذلةٍ على المؤمنين] أي: أنهم لينون منقادون لبعضهم بعضاً، فيما يرضي الله، فلا يتكبر على أخيه المؤمن، ولا يحتقره, فهو سمْح ودود معه، وقال سبحانه: [محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم] محمد. ومنذ أن جاءت الحزبية, وبالذات في "لانتخابات" –لأنها تظهر كل إنسان على حقيقته ومع من هو- استفحل الخلاف, وتغلبت القسوة بين المسلمين.
والإسلاميون يجعلون الناصح لهم عدواً، فما أن تأتي تبين خطأ من أخطائهم, إلا ويقول: هو يسب ويعادي العلماء..! إلى غير ذلك، وتجد قادتهم مع العلمانيين أصدقاء وأحباباً، وأعني بذلك المرشّحين والقادة لهذه الجماعات, إلا من رحم الله، والله يقول: [لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان] إلى قوله تعالى: [رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ] المجادلة.
فحزب الله هو الذي لا يوادّ من حادّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, وليس حزب الله من يدافع عن "الديمقراطية" ويروّج لها، بل الله يقول: [قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين] التوبة. فهذا مطلب الله من الجماعة المسلمة التي تريد أن تسلم من مصير الفاسقين, فلا علاقة مع أحد, ولا مصلحة لأحد, إلا من أجل الله، كل الجاهلية موضوعة تحت الأقدام: المباهاة والمفاخرة بالآباء والأخوة والعشائر والأموال والتجارة، هذه كلها لا تسعف فاعلها ولا تنجيه من المصير الأسود.
فيا دعاة الأحزاب: أين المعاداة لأصحاب الشركيات والشعوذة والخرافات؟ ألستم تدخلونهم في أحزابكم, وتتركونهم على ما هم عليه, بحجة أن هذا ليس وقت الكلام في هذه الأمور؟ أو أنها قشور, وليست بلباب، المهم أنه ينتخب؟!.
أين المعاداة لدعاة التصوّف؟
أين المعاداة لدعاة البعثية والناصرية والاشتراكية الذين ظهرت منهم القناعة بهذه الأنظمة؟
أين المعاداة لتاركي الصلاة؟ ألستم تجالسونهم دون نكير عليهم؟!
أين نصحكم للحكام المخالفين للشرع؟ إن رضيتم عنهم؛ نفّذتم ما قالوا وإن كان باطلاً, بحجة أن هذا نظام وقانون، وإن سُلبتم مصلحة مادية؛ قامت قيامتكم، وأثرتم الانقلابات والثورات وكفرتموهم في المساجد.
ثم ألستم تشاركون دعاة تقارب الأديان بالحضور والكلام المميّع, وإن سميتموه: محاورة بين الأديان؟
ألستم تتحالفون مع أحزاب علمانية, وإن سميتموه: تنسيق برامج لا مناهج؟
المفسدة السادسة :الخضوع للدساتير العلمانية

معروف أنه لا يمكن أن تدخل الأحزاب الإسلامية في "الانتخابات" إلا بعد الموافقة منها, على شكل ومضمون الدستور, بما فيه من مواد مخالفة للإسلام.
فهذا يُثْبت لنا أن الأحزاب الإسلامية وافقت على هذه المواد وما تضمنته، وإلا لم يوافق شركاؤهم على دخولهم في "الانتخابات"والمجالس النيابية، وهذه الموافقة على ما في هذه المواد الموجودة في الدساتير "الديمقراطية", تجعل الأحزاب الإسلامية المشاركة غير قادرة على فعل شيء في مجلس النواب.
وإذا علمت هذا فاعلم أن كل حزب أو جماعة طالبت بالدخول في "الانتخابات", لا تُقْبَل إلا بشروط.ومنها:
عدم انتقاد الأفكار التي مع الأحزاب الأخرى، ويعترف بها, ويوافق على أن يكون قوله -ولو كان هو من تعاليم الإسلام- كالأفكار الوضعية, قابلاً للنقاش, والرأي للأغلبية.
ومنها: الموافقة على قبول التعددية السياسية العقدية, وبالذات في البلاد الإسلامية.
ومنها: الموافقة على "قانون ميثاق الشرف" بين الأحزاب الإسلامية والعلمانية: "أن لا يكفّر, ولا يفسق, ولا يبدع بعضهم بعضاً".
ومنها: الالتزام بالدستور وقانون مجلس النواب ولوائحه.
ومادامت الموافقة من الأحزاب الإسلامية حاصلة على أصول وفروع "الديمقراطية", ومضمون هذه الأصول مع العلمانيين؛ فهذا دليل واضح على أن غاية الأحزاب الإسلامية –في المآل- هي الكراسي, وليس الإسلام، -سواء علموا ذلك أم جهلوا- لأن موافقتهم للعلمانيين لا تضمن إلا البقاء على الكرسي الصوري المؤقت, دون أن يحققوا للإسلام شيئاً يُذكر, ولهذا سهل منهم التنازل عن الحكم بالشريعة الإسلامية إلى الحكم بالأغلبية.

المفسدة السابعة : "الانتخابات" تخدم اليهود والنصارى

تقوم "الانتخابات" على الدعم الخارجي من قبل دول أو منظمات كفرية يهودية صليبية, وهذا يدلّنا على أمر مهم وهو: أن "الانتخابات" في صالحهم؛ ولو لم تكن في صالحهم ما بذلوا هذا الدعم، قال الله تعالى: [إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة] الأنفال.
وهذا مما يجعل الأحزاب الإسلامية المشاركة في "الانتخابات" ستجني الفشل، وترجع بخفي حنين, وهذا هو الواقع, ولكن كما قيل:"وعين الرضى عن كل عيب كليلة".
فإذا جارينا الأعداء في ذلك, فنحن منفّذون لمخططاتهم, وبلا شك نكون مخالفين لمنهج نبينا صلى الله عليه وسلم، ونكون أيضاً مضيّعين لأموال الأمة، وطاقاتها فيما لا فائدة منه، ومفوّتين لمصالح عدة, في استعمال مال المسلمين في غير حقه، وقد جاء خارج (الصحيح) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نُهينا عن التكلف)) وهو عند البخاري من قول عمر رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم : ((إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة)) رواه البخاري عن خولة.
المفسدة الثامنة: تمزيق وحدة المسلمين

فكل حزب ومرشح يسعى لنصرة ذاته ونصرة نفسه,ويكره الخير لغيره, وهذه مفسدة مناقضة لقوله تعالى : (إنما المؤمنون إخوة)), ومتعارضة مع قوله تعالى :[ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن َقُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً], ومضادة لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضها بعضا)).
فالانتخابات لها دور كبير في تفريق كلمة المسلمين، وتشتيت وحدتهم، وهي لا تقلّ شراً عن الحزبية, التي فرّقت المسلمين فُرقةً ليس بعدها تلاقٍ، إلا أن يشاء الله، ومن أجل وحدة المسلمين، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد, وأراد أن يشق عصاكم, فاقتلوه كائناً من كان)) رواه مسلم وغيره من حديث عرفجة، وجاء عند مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما)).
انظر يا أخي كيف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل هذا الرجل, ولو كان يدعي الخلافة، وما ذاك إلا لأنه يُوجِد فُرْقَةً, إذ أنه عند أن يطالب بالخلافة له، يتعصب معه أناس، ويؤدّي ذلك إلى سفك دماء المسلمين، وشُرع قتله حرصاً على وحدة المسلمين.
ولسنا نحمّل الإسلاميين كل الفُرْقَة, فالفُرْقَة قديمة, ولكنّهم جددوها بالدخول في التحزب, وصبغوها بالصبغة الشرعية, فهم في نظر الناس أصحاب صلاح واستقامة، وإن كان الناس قد غيّروا هذه النظرة لمّا علموا أن دعاة الأحزاب الإسلامية دعاة تحزب، ومنذ أن جاءت "الديمقراطية" ودخلت الأحزاب الإسلامية فيها, لم تستقم لهم قائمة الدين أبداً, وسبق وبينا في المبحث الأول الأدلة على تحريم التحزب .

يتبع...









رد مع اقتباس