كنت أراها في حانوت السي منصور.. تحضر له الغداء في بعض المرات.. وتأتي للعب، ولتؤنسه، وتطرد عنه ملل الفراغ وكآبة الوحدة.. وتنسيه شح الزمن.. إذا كسدت صناعته - كحالي هذه الأيام -.. إن ولجت الباب رمى ما بيده ونزع مئزره ومسح يديه في منشفة ما علّقها على الحائط هناك إلا من أجلها.. أما أنا فكم صافحنى بأسوَد اليد وبُنّيها.. مُغبرّها ومَبلولها..
..
..
..
رحمه الله..
..
فترتمي زكية في حضنه كأسعد ابنة ماشاء الله.. إذا لاعبت لحية أسعد أب ماشاء الله..
وينسى العمل، وأصحاب العمل، ومواعيد العمل..
..
وفي كثير مرات، يتركها في حانوته.. وتأخذني طريقي إلى الصلاة قبالة بابهم.. فأسألها - عارفا - أين منصور؟؟
...
في الجامع.. سيأتي بعد قليل.. وتمسك بيدها الصغيرة إما مطرقته أو كماشة.. غير عابثة بها .. وشاهدتها في عدة مرات وقد أتقنت من الصنعة ما لاءم حجمها..
..
..
..
..
كبرت فجأة.. وصرنا لا حظّ لأعيننا بها إلا غبّاً.. فقد أصبحت تدرس في المدينة.. وكانوا على عهدنا يطبقون نظاما داخليا.. في التعليم الأساسي.. ومع ذلك كانت تمر كل خميس تحيينا وتبتسم كمثل عادتها.. مع قليل حياءٍ أصبح يعلو محياها إن سألتها عن قلة مرورها... أو إن ناديتها يا "الطبيبة".. وخصوصا إذا أخبرتها كم ناسبها الحجاب