للفائدة هذا تفريغ المادة الصوتية:
يقول الشيخ -حفظه الله-:
متى كان المنام مُستندًا للشرائِع والأحكام؟! متى كان المنام تُستمد منه العقائد والأديان؟!
مرة لقيتُ رجل يحفظ كتاب الله حِفظًا عجيبًا، حتى أنني أخذتُ منه مرة فائدة؛ قال: (في القرآن ثلاث وثلاثين آيـة مُفتتحة بلفظ الجلالة: الله؛ الأولى كذا، الثانية كذا، الثالثة كذا، الرابعة كذا، الثالثة والثلاثين: الله الصمد)، سردها كأنه يقرأ الفاتِحة، وعندمـا أسألـه عن آية مباشرة يذكر لي مكانها، مُتقِن في الحِفظ.
يذكر لي عن نفسه يقول: (أنا في هذه الفترة يأتيني هواتف).
قلت: ما نوعها؟
قال: (يأتيني هاتِف في المنام يقول: يا لطيف ستة عشر مليون وست مِئة وخمس وخمسين مرة يا لطيف، يقول: فإذا أصبحت أقول هذا شيء من الله، هذا هاتف من الله -عز وجل- ولا بد أن أقوم به، يقول: في الأول كنت أعد بيدي ثم اضطريت أن آخذ سبحة بألف خرزة حتى أضبِط العدد، وأجلس من الصباح إلى الظهر، حتى مراجعة القرآن تركتها حتى أقوم بهذا الهاتف الرحماني الذي من الله، لا بد أن أقوم به، هكذا كان يظن. يقول: وأبدأ أعد يا لطيف، يا لطيف، أعدها ومعي أوراق حتى أضبط العدد. يقول: ما آخذ يوم يومين وما أنتهي من هذا العدد الكبير يأتيني هاتف آخر في المنام الله الصمد ثلاثين مليون وكذا -كلها بالملايين-. يقول: أقوم وأكتب الرقم لأن هذا من الرحمن، هذا من الله هذه هواتف. ويقول: وأبدأ أعد، أعد، أعد ...) هو نفسه يحدثني ويقول: (الآن أنا انخبلت، القرآن ضيَّعته وبدأت تتفلت منِّي الآيات وأصبحت أوقاتي جالس في زاوية ومعي سُبحة طويلة وأعدت).
قلت: هذا العمل الذي تقوم به كله باطل وليس من دين والله ولا مما يٌقرِّبك إلى الله ولا رب العالمين يرضاه عنك.
قال لي: (كيف؟).
قلت: النبِّي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، اعطني دليلاً أن هذا من أمر النبِّي، ومتى كان الدِّين يُؤخذ من منام أو يُخذ من هتافات؟! هذه أشياء من الشيطان تُبعدك عن دينك، تُبعدك عن دين الله -سبحانه وتعالى- وتصرفك عن طاعة الله -سبحانه وتعالى-، والشيطان يشغل الإنسان بالبِدع عن السُنن وعن طاعة الله -جل وعلا-.
وجد هذا الرجل حافِظ للقرآن ومُقرئ للقرآن والناس تستفيد من تعليمه، فأبعده عن ذلك كلِّه وجعله في زاوية وبسُبحة ويُعدِّد بهذه الطريقة حتى كتاب الله -سبحانه وتعالى- وقراءته ترك ذلك منقطعًا عنه.
وهكذا يضيع كثير من الناس في الأعمال والعبادات بمثل ما حذَّر منه بن القيِّم هنا، قال: (هداية بأمر الله على لِسانه لا بُمقتضى عقولهم آراءهم ، وسياساتهم وأذواقهم، وتقليد أسلافهم) أهـ.
الآن بعض الناس يدعو آخر إلى شيء وإذا قال: إيش الدليل؟ يقول: أبدًا، أنا منذ والوالد والجد وكل الأسرة كذا. هذا الدليل !!!
الدليل، يقول -عليه الصلاة والسلام-: "تركتُ ما إن تمسَّكتُم به لن تضِلوا: كِتاب الله وسُنَّتي".