يا حسرتى!! وما أعظم الحسرة إذا خسر أصحابها, وعظمت خسارة أربابها, وخرجوا من الدنيا صفر اليدين من رحمة الله! ما أعظمها من خسارة إذا طويت الصحائف باللعنات! ما أعظمها من خسارة يوم يطبع على القلوب! يوم يتأذن غضب الله علام الغيوب؛ من عظيم الإساءة وعظيم الذنوب, ما أعظمها من خسارة يوم لا يستطيع الرجوع، يوم لا تنفع المعذرة ولا تغني الدموع, يوم يتقطع القلب من الألم، ويعتصر من شديد الندم! أن تقول نفس.. ومتى تقول؟ حين تضع آخر أقدامها من أعتاب هذه الدنيا وتستقبل الدار التي هي غريبة عليها, يوم تنقطع المعاذر, وتغص السكرات في الحناجر, ويصير العبد ذليلاً حقيراً إلى الله الواحد القاهر: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى [الزمر:56]