منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-03-30, 15:03   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبو مصعب الجزائرى
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير الطبري بتحقيق أحمد شاكر بتصرف

اللهم إني أبرأ إليك من الضلالة . وبعد ؛ فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا ، قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله ، وفي القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه ، وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام . فلما وقف على هذين الخبرين ، اتخذهما رأيًا يرى به صواب القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير ما أنزل الله ، وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها ، والعامل عليها .

لو كان الأمر على ما ظنوا في خبر أبي مجلز أنهمأرادوا مخالفة السلطان في حكم من أحكام الشريعة ، فإنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن سن حاكم حكماً وجعله شريعة ملزمة للقضاء بها ، هذه واحدة، وأخرى أن الحاكم الذي حكم فيقضية بعينهابغيرحكم الله فيها ، فإنه إما أن يكون حكم بها وهو جاهل ، فهذا أمره أمر الجاهلبالشريعة ، وإما أن يكون حكم بها هوى ومعصية فهذا ذنب تناله التوبة وتلحقه المغفرة، وإما أن يكون حكم به متأولاً حكماً يخالفه به سائر العلماء فهذا حكمه حكم كلمتأول يستمد تأويله من الإقرار بنص الكتاب ، وسنة رسول الله r . وأما أن يكون في زمن أبي مجلز أو قبله أو بعده حاكم حكم بقضاء في أمر ، جاحداً لحكم من أحكام الشريعة ، أو مؤثراً لأحكام أهل الكفر على أحكام أهلالإسلام ، فذلك لم يكن قط ؛ فلا يمكن صرف كلام أبي مجلز والإباضيين إليه .
فمن احتج بهذين الأثرينوغيرهما في غير بابهما ، وصرفهما إلى غير معناهما رغبة في نصرة سلطان أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله وفرض على عباده ، فحكمه في الشريعة حكم الجاحد بحكم من أحكام الله : أن يستتاب ، فإن أصر وكابر وجحد حكم الله ، ورضي بتبديلالأحكام فحكم الكافر المصر على كفره معروف لأهلهذا الدين . اهـ (تفسير الطبرى يبتحقيق أحمد شاكر : 10/348)








تفسير ابن كثير

قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) :
ينكر تعالى على من خرجعن حكم الله المشتمل على كل خير ،الناهي عن كل شر ، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعهاالرجال بلا مستند من شريعة الله ، كما كان أهلالجاهلية يحكمون به من الضلالاتوالجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكمبه التتار من السياسات الملكيةالمأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق ،وهو عبارة عن كتابٍ مجموعٍ من أحكام قداقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها ، وفيها كثير منالأحكام أخذها من مجرد نظرهوهواه ، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدّمونه على الحكمبكتاب الله وسنة رسوله r ، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله r فلا يُحَكِّم سواه في قليل ولاكثير ، قال تعالى : ((أَفَحُكْمَ الجاهليةِ يَبْغون)) أي : يبتغون ويريدون ، وعن حكم الله يعدلون ، ((ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يوقِنونَ)) أي : ومن أعدل من الله في حكمه ، لِمَن عَقَل عنالله شرعه وآمن به وأيقن ، وعلِم أنّ الله أحكمُ الحاكمين ، وأرحمُ بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء ، العادل في كل شيء . اهـ (تفسير ابن كثير : 3/131)


وقال رحمه الله في البدايةوالنهاية :
فمن ترك الشرع المحكمالمنزل علىمحمد بن عبد الله خاتم الأنبياء r وتحاكم إلى غيره منالشرائع المنسوخة كفر ، فكيف بمن تحاكمإلى الياسق وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك فقد كفر بإجماع المسلمين . اهـ (البداية والنهاية : 13/119)
الرد باقتباس



قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله معلقًا على كلام ابن كثير في الآية السابقة :
أقول : أَفَيَجُوز -مع هذا- في شرع الله تعالى أن يُحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عنتشريعات أوربة الوثنية الملحدة؟ بل بتشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة، يغيّرونهويبدلونه كما يشاؤون، لا يبالي واضعه أَوَافق شِرعة الإسلام أم خالفها؟
إن المسلمينلم يُبلوا بهذا قط -فيما نعلم من تاريخهم- إلاّ في ذلك العهد عهد التتار ، وكان منأسوأ عهود الظلم والظلام ، ومع هذا فإنهم لم يخضعوا له ، بل غلب الإسلام التتار ، ثممزجهم فأدخلهم في شِرعته ، وزال أثر ما صنعوا بثبات المسلمين على دينهم وشريعتهم ،وبأن الحكم السيئ الجائر كان مصدره الفريق الحاكم إذ ذاك ، لم يندمج فيه أحد منأفراد الأمم الإسلامية المحكومة ، ولم يتعلّموه ولم يعلّموه أبناءهم ، فما أسرع مازال أثره .
أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير -في القرن الثامن- لذاك القانون الوضعي ، الذي صنعه عدو الإسلام جنكيز خان؟ ألستم ترونه يصف حالالمسلمين في هذا العصر، في القرن الرابع عشر الهجري؟ إلاّ في فرق واحد أشرنا إليهآنفاً : أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام أتى عليها الزمن سريعاً فاندمجت في الأمةالإسلامية وزال أثر ما صنعت .
ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً ، وأشد ظلماً وظلاماً منهم ؛ لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة ، والتي هي أشبه شيء بذاك "الياسق" الذي اصطنعه رجلٌ كافرٌ ظاهرُ الكفر ، هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام، ثم يتعلّمها أبناء المسلمين ويفخرون بذلك آباءًوأبناء ، ثم يجعلون مردّ أمرهم إلى معتنقي هذا "الياسق العصري" ويُحَقِّرون منيخالفهم في ذلك ، ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم "رجعياً" و "جامداً" إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة .
بل إنهم أدخلوا أيديهم فيما بقي في الحكم من التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى "ياسقهم" الجديد بالهوينا واللين تارة ،وبالمكر والخديعة تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطات تارات، ويصرّحون ولا يستحيونبأنهم يعملون على فصل الدولة من الدين!
أفيجوز إذن -مع هذا- لأحد من المسلمين أنيعتنق هذا الدين الجديد ، أعني التشريع الجديد ؟ أو يجوز لأب ان يرسل أبناءه لتعلم هذا واعتناقه واعتقاده والعمل به ، عالمًا كان الأب أو جاهلاً ؟
أَوَيَجوز لرجل مسلم أن يليَ القضاءفي ظل هذا "الياسق العصري" وأن يعمل به ويُعرِض عن شريعته البيّنة؟ ما أظنّ أنرجلاً مسلماً يعرف دينه ويُؤمن به جملة وتفصيلا ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله اللهتعالى على رسوله صلي الله عليه وسلم كتاباً مُحكماً لا يأتيه الباطل من بين يديهولا من خلفه ، وبأن طاعته وطاعة الرسول صلي الله عليه وسلم الذي جاء به واجبة قطعيةالوجوب في كل حال ، ما أظنه يستطيع إلاّ أن يجزم غير متردد ولا متأول ، بأن ولايةالقضاء في هذه الحال باطلة بطلاناً أصلياً ، لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة .
إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كُفرٌ بواح ، لا خفاء فيه ولا مداورة ، ولا عُذر لأحد ممن ينتسب للإسلام -كائناً من كان- في العمل بها ، أو الخضوع لها أوإقرارها ، فليحذر امرؤٌ لنفسه ، وكل امرئٍ حسيبُ نفسه .
ألا فليصدع العلماء غير هيابين ، وليبلغوا ما أمروا بتبليغه ، غير موانين ولا مقصرين .
سيقول عني عبيد هذا "الياسق العصري" وناصروه أني جامد وأني راجعي ، وما إلى ذلك من الأقاويل . ألا فليقولوا ما شاؤوا ، فما عبأت يومًا بما يقال عني . ولكني قلت ما يجب أن أقول .(عمدة التفسير : 4/173)


قسام الحكم بغير ماأنزل الله

اجاب عليها فضيلة الشيخ أ.د. ناصر العمر

التاريخ 30/1/1425
السؤال
فضيلة الشيخ :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
نرجو من فضيلتكم أن تبين لنا أقسام الحكم بغير ما أنزل الله ؟
وجزاكم الله خيراً






الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فاعلم أن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى يكتنفه حكمان: 1-الكفر الأكبر، وله عدة صور: أ- من جحد حكم الله تعالى واعتقد أن غير حكمه أفضل من حكمه. ب- أن لا يجحد حكم الله تعالى لكن يعتقد أن حكم غيره مساوٍ لحكمه. ج- أن لا يجحد حكم الله تعالى لكن يعقتد أن حكم غيره أفضل من حكمه. هـ-أن لا يجحد حكم الله تعالى ولا يعتقد حكم غيره مساوٍ لحكمه فضلاً عن أن يعتقد كونه أحسن منه، لكن بدّل حكم الله ورسوله، فأتى بالقوانين الوضعية والأعراف التي تعارف الناس عليها وجعلها دستوراً يلتجئ إليه الناس، فلا يتحاكمون ولا يفصل بينهم إلا بهذه القوانين بدلاً عن التحاكم إلى شرع الله، فأي محادة لله ورسوله بعد هذا، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة. وبعض العلماء يشترط الاستحلال لتكفير من فعل ذلك، وأقول: إن شرط الاستحلال غير سديد؛ لأن الإنسان لو كان يحكِّم شرع الله عز وجل وهو في قرارة نفسه يستحل التحاكم لليهودية أو النصرانية وغيرهما لكان كافراً، مع أنه محكِّم لشرع الله تعالى فكيف بمن لم يحكِّمْه. 2- الكفر الأصغر (كفر دون كفر): وذلك بأن تحمله شهوته وهواه على الحكم في قضية ما بغير ما أنزل الله تعالى، مع اعتقاده أن حكم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى، وكان في مسألة واحدة دون أن يجعل ذلك دستوراً عاماً يتحاكم إليه الناس، فهذا وإن لم يخرجه كفره هذا من الملة، فإنه معصية عظمى،بل هي من أكبر الكبائر؛ لأن معصية سماها الله في كتابه كفراً أعظم من معصية لم يسمها كفراً. نسأل الله جل وعلا أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقياداً ورضاءً إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم.