حليم في مواطن اللئيم

تمادَوْا في الجُحُودِ فزدْتُ حِلْماً
وإنَّ الحِلْـمَ مِنْ شِيَـمِ الْكِرامِ
وما أنْ يَجْـهَلُوا حـتَّى تَراني
أمُـدُّ يَدَ المـرُوءَةِ والسَّـلامِ
وأَدْفَـعُ كُلَّ سَيـئةٍ بحـسْنٍ
كـما وصَّى الحليمُ وبالتَّمامِ
وأكْظِـمُ غَيْظَ قلبٍ قدْ تَرَبَّى
جَمِـيلُ الصَّبْرْ فيهِ عَلى الدَّوامِ
تَراهُـمْ يَكْرَهُـونَ بِغَيْرِ حَقٍّ
ويَبْـغِي بَعْضُـهُمْ بَغْيَ اللِّئامِ
ومَهْـمَا أَسْقِـهِمْ وُدّاً كَأَنَّي
سَقَيْتُ الصَّخْرَ مِنْ غَيْثِ الْغَمَامِ
وإنَّ مِنَ الصُّـخُورِ يَلِينُ حِيناً
وقَـلْبُ أُولاءِ كالدَّاءِ العُـقَامِ
فإنْ يَنْبُتْ بِعَـيْنِ الـنَّارِ زَرْعٌ
سَيـسْقِي الْوُدُّ قَلْباً كالرُّخامِ
ويَضْحكُ كُلُّهُمْ في الْوَجْهِ حَتَّى
لَتَحْسَـبُ أنَّهُـمْ أَهْلُ الْوِئامِ
وخَلْفَ الظَّـهْرِ لا يَأْلُونَ جُهْداً
فَيَغْـتابُونَـنِي عِنْـدَ الأَنـامِ
ولحْـمِي يَنْهَـشُونَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ
أَحَـلُّوا مَيْـتَتِي عِنْدَ الْكـلامِ
كثـيراً يَكْذِبـونَ عليَّ عَمْداً
ويَفْجُـرُ جُلُّهُمْ بَعْدَ الخِصَامِ
وإنْ قُلْـتُ اتَّقُـوا رَبَّ البرايا
يقولونَ افْتَرَيْتَ عَلَى الحَـمَامِ
ومَنْ مِنّا لمِثْـلِكَ داسَ حَـقّاً
لِتَفْـتَرِيَ المَظَـالِمَ بالحَـرَامِ
وتَنْقَلِبُ الْمَـوَاقِفُ حِينَ أُبْدِي
قلـيلاً مِنْ عِـتابٍ أوْ مَـلامِ
ومَهْـمَا يَفْعَلُوا لَمْ يُجْدِ نَفْعاً
وإنْ جَهِـلُوا عَلَيَّ لِأَلْفِ عَامِ
سَأَبْقَى دائـماً أَبَداً حَلِيـماً
فإنَّ الحِلْـمَ مِنْ شِيَمِ الْكِرامِ