العابر الذي يكتب بخط سيء
كان يمشي شاقّا طريقه ’ يعلم جيّدا - رغم مشكل نظره- أنّه في زقاق ما ...
فالأصوات المنبعثة من تلك النوافذ و الأضواء الخافتات تتسابق لإخباره
تجبّر عليه البرد , فمنع عنه حتّى حواسّه لكنّه يشعر بالبرد رغم ذلك .
يحاول عبثا أن يستذكر صورة ذاك الموقد , فيركّز انتباهه على من كان
حول ذلك الموقد .. لعب أطفال و نظّاراته قبل أن تكسر ...
" مه كفّى أذاك عن أختك أو اذهبا بعيدا فإنّي لست أعرف كيف أركّز "
قالها بصوت مسموع فتدارك أنّه يتوهّم . فمضى في طريقه
يهمس بتقطّع ذليل : كانت أناشيد , كانت أروع أناشيد ...
يواصل الخطى كالكفيف و مــــا هو بكفيف.
لفحات حارقات بعدها ترتدّ إليه كلّما همس أو تنفّس
ليال حالكات أضحت كاسمه , يتحسّس فيها سبيله
شمس , لا غربت و لا طلعت لكنّها استقرّت خلف أضلعه اليُسْرى
و كم توجعه كلّما تخفق ...
جسد مغلول و تقاسيم منقبضة , يحاول عبثا أن يصطنع " ابتسامة ما "
يده تتفقّد عرقه الغائب و الأخرى تناسى وجودها
يعرف جيّدا متى سينهار لكنّه يجهل " أنّه سلفا يحتضر "
يمشي غير مبالي فكلّ شيء قد هان
كالمتخبّط في الوحل أو كمن غطس لتوّه في مغطس بارد
حتّى إنسانيته فقد معناها . لكنّه رغم ذلك
لا زال يدرك بعضا من الفضيلة, فيحتفظ بها إلى حين
يمشي في أزقّة كانت مسقط رأسه ثم يسأل الغرباء عن سبيله
كم عاقر كؤوس العزلة
و كم يخاف أن يموت وحيدا.
يتبع . . .