منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-21, 19:49   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
رياض المطرفي
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية رياض المطرفي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي بعض أغلاط الناس في مفهوم الأمر بالمعروف

بعض أغلاط الناس في مفهوم الأمر بالمعروف

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:


"وهنا يغلط فريقان من الناس: فريق يترك ما يجب من الأمر والنهي تأويلاً لهذه الآية

كما قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في خطبته : إنكم تقرؤون هذه الآية :

{ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } .

وإنكم تضعونها في غير موضعها ، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

« إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منها » .

والفريق الثاني : من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقاً

من غير فقه وحلم وصبر ونظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح وما يقدر عليه وما لا يقدر

كما في حديث أبي ثعلبة الخشني : سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

« بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر

حتى إذا رأيت شحّاً مطاعاً وهوى متبعاً وديناً مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمراً لا يدان لك به

فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام

فإن من ورائك أيام الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر

للعامل فيهن كأجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله »

فيأتي بالأمر والنهي معتقداً أنه مطيع في ذلك لله ورسوله وهو معتد في حدوده

كما انتصب كثير من أهل البدع والأهواء

كالخوارج والمعتزلة والرافضة ؛ وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد على ذلك

وكان فساده أعظم من صلاحه

ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الأئمة ، ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة

وقال: « أدوا إليهم حقوقهم ، وسلوا الله حقوقكم » . وقد بسطنا القول في ذلك في غير هذا الموضع .

ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة

وأما أهل الأهواء - كالمعتزلة - فيرون القتال للأئمة من أصول دينهم

ويجعل المعتزلة أصول دينهم خمسة :

" التوحيد " الذي هو سلب الصفات

" والعدل " الذي هو التكذيب بالقدر

و " المنزلة بين المنزلتين "

و " إنفاذ الوعيد "

و " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " الذي منه قتال الأئمة .

وقد تكلمت على قتال الأئمة في غير هذا الموضع .

وجماع ذلك داخل في " القاعدة العامة " :

فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت

فإنه يجب ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد ، وتعارضت المصالح والمفاسد .

فإن الأمر والنهي وإن كان متضمناً لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له

فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأموراً به

بل يكون محرماً إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته

لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة

فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها ، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر

وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيراً بها وبدلالتها على الأحكام ".

حكم من يجمع بين المعروف والمنكر

"وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما

بل إما أن يفعلوهما جميعاً ، أو يتركوهما جميعاً : لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا عن منكر

بل ينظر : فإن كان المعروف أكثر أمر به ، وإن استلزم ماهو دونه من المنكر .

ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه

بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله

والسعي في زوال طاعته وطاعة رسول وزوال فعل الحسنات

وإن كان المنكر أغلب نهي عنه ، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف

ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمراً بمنكر وسعياً في معصية الله ورسوله .

وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما .

فتارة يصلح الأمر

وتارة يصلح النهي

وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين ؛ وذلك في الأمور المعينة الواقعة .

وأما من جهة النوع فيؤمر بالمعروف مطلقاً وينهى عن المنكر مطلقاً .

وفي الفاعل الواحد والطائفة الواحدة يؤمر بمعروفها وينهى عن منكرها ، ويحمد محمودها ويذم مذمومها

بحيث لا يتضمن الأمر بمعروف فوات أكثر منه أو حصول منكر فوقه

ولا يتضمن النهي عن المنكر حصول أنكر منه ، أو فوات معروف أرجح منه .

وإذا اشتبه الأمر استبان المؤمن حتى يتبين له الحق

فلا يقدم على الطاعة إلا بعلم ونية، وإذا تركها كان عاصياً

فترك الأمر الواجب معصية ، وفعل ما نهى عنه من الأمر معصية .

وهذا باب واسع ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ومن هذا الباب إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أُبي وأمثاله من أئمة النفاق والفجور

لما لهم من أعوان

فإزالة منكره بنوع من عقابه مستلزم إزالة معروف أكثر من ذلك بغضب قومه وحميتهم

وبنفور الناس في قصة الإفك بما خاطبهم به واعتذر منه

وقال له سعد بن معاذ قوله الذي أحسن فيه : حمى له سعد بن عبادة مع حسن إيمانه.

وأصل هذا أن تكون محبة الإنسان للمعروف وبغضه للمنكر ، وإرادته لهذا ، وكراهته لهذا :

موافقة لحب الله وبغضه ، وإرادته وكراهته الشرعيين .

وأن يكون فعله للمحبوب ودفعه للمكروه بحسب قوته وقدرته

فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ، وقد قال: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } .

فأما حب القلب وبغضه وإرادته وكراهيته فينبغي أن تكون كاملة جازمة

لا يوجب نقص ذلك إلا نقص الإيمان .

وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته

ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته :

فإنه يعطى ثواب الفاعل الكامل ، كما قد بيناه في غير هذا الموضع

فإن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها

لا بحسب محبة الله ورسوله وبغض الله ورسوله

وهذا من نوع الهوى ، فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه :

{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } "

كتاب:الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن تيمية









رد مع اقتباس