[هائم في البوادي]

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياكم الله وشكرا على اللفتة الطيبة

دعني بداية أنبه إلى أن نفع النت وضرره على أنحاء ثلاثة :

1- خير ظاهر، كالحصول على المعرفة .
2- شر ظاهر، ويشمل كل استخدام يخالف شرع الله
3- أمور مترددة بين الخير والشر.

فالشقان الأولان لا تكاد يختلف في أمرها رواد النت إلا من طبع الله على قلبه فرأى القبيح حسنا أو العكس، فلا تجد من ينكر خير الشبكة في الحصول على المعرفة والمعلومات الدنيوية والدينية مثلا.


إنما يحصل الالتباس في القسم الأخير وسأضرب مثالا عن نفسي لتتضح الصورة أكثر ويُفهم عني ما أصبو إلى بيانه.

إن المخالطة على العالم الافتراضي اختيارية ليس جبرية؛ فأنا من أختار من أخالط ومع من أتواصل قصد الاستفادة، مما يجعلني ضرورة أميل لمن يوافق طبعي وأنفر من غيره.
بينما الواقع بخلاف ذلك؛ فأنت ملزم بمخالطة أناس بسبب الجيرة أو القربى وإن كان في الطبع اختلاف بله في المخالطة ضرر عليك !

إن التصور الناشئ عن عالم الافتراض يطبع في عقل المرء صورة تكاد تصل للمثالية أحيانا مما ينعكس على واقعه ضرورة، وهنا يقع الإشكال.

فلم يعد بالإمكان المفاصلة بين الواقع والافتراض ! فتجدني مثلا صرت قليل المخالطة في الواقع بعيدا عن بؤر ما يسمونه باجتماعية الإنسان، طبعا ليس الافتراض هو السبب الوحيد لهذا بل أرى أن الافتراض صقل هذا التوجه لا غير، فتوجهي للعزلة إنما هو من علائق تركتها مرارة الأيام وانقلاب الأحوال وسوء الخصال.

ما أردت الوصول إليه أن مثل هذا التأثر من العالم الافتراضي في الواقع تتجاذبه نزعتان بين الناس فمنهم من يرى أن هذا أمر حسن ولا بأس فيه ومنهم من يرى أن هذا إغراق في المثالية بل هو أزمة في حد ذاته.

وحجة الأول أن محدودية الاتصال في الواقع ليس شرا في حد ذاته وما قد يستفيده المرء من اجتماعية الواقع يجده في عالم الافتراض، فالناس في الواقع هم الناس في الافتراض مع الفرق في رقعة الاتصال واختيارية المواصفات، والعاقل يختار الاستفادة مع تقليل الأضرار !

وحجة من يرى أن هذا سيئ أن الافتراض كما أسلفت عامل يؤدي إلى تكبير دور المثالية في نفس رائد النت، مما يصل به في مرحلة ما إلى المفاصلة عن الواقع شاء أم أبى، ولكن المرء ابن واقعه في الحقيقة المجردة فلن يقدر على أن يقتلع نفسه منه، فالواقع بسيئه والاحتكاك الذي فيه هو امتحان واختبار يُطور المرء معه حصانته .
بينما الافتراض تخدير مستمر للمناعة حتى إذا اصدم المرء مع الواقع الذي ابتعد عنه جرى ما لا تُحمد عقباه.

وبين الرأيين توجد أراء فيها ممازجة بين الطرفين وفي كل قول كثير من حق وكثير من باطل.

آسف سأنصرف لأبحث عن شيء يسد رمقي فالنت أجلّ مواعيد الأكل عندي [وهذا من مساوئه عندي ]