منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سقوط القومية العربية المعادية للإسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-12, 15:44   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
صقر محلق
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي سقوط القومية العربية المعادية للإسلام

إهداء

لا أزال أؤمن بأن ثمة دورا كبيرا ينتظر الأمة المسلمة ، ولا أزال أؤمن بأن حركة التاريخ التي هي من سنن الله سوف توقف هذه الأمة أمام قدرها المحتوم ‏.‏‏.‏ لتؤدي واجبها نحو البشرية التائهة ‏.‏‏.‏

فإلى الذين يساعدون التاريخ ، كي تقف هذه الأمة في مكانها الصحيح ‏.‏‏.‏ وكي تؤدي دورها الصحيح ‏.‏‏.‏‏.‏

إليهم ‏.‏‏.‏ وحدهم ‏.‏‏.‏ أهدي هذا الكتاب


الدكتور عبد الحليم عويس

سقوط القومية العربية المعادية للإسلام



بعد سقوط آل عثمان على يد جمعية الاتحاد والترقي وسادتها اليهود ـ يهود الدونما ـ تفككت أوصال العالم الإسلامي ‏.‏‏.‏ ونجح ساطع الحصري ـ وهو رجل أعجمي لا يستطيع الكلام بالفصحى ويضمر عداء شديد للإسلام بتأثير تربيته الصهيونية ـ نجح هذا الرجل في نشر فكرة القومية بمفهومها العلماني الإلحادي المعادي للإسلام بين العرب ‏.‏


وكانت إنجلترا ـ سيدة العالم آنذاك ـ قد ساعدت على إنشاء ما يسمى بجامعة الدول العربية ، وهي مؤسسة لم ير منها العرب خيرا ، ولم تسهم في حل أية مشكلة ، أو في تحقيق أي تقدم للعرب في حاضرهم الأسيف ، وحسبها أنها فصلت العرب ـ رسميا ـ عن العالم الإسلامي وأشعرتهم بكيان مستقل وهمي ‏.‏


وفي ظلال المد العربي ـ على يد حفنة من الثوريين والمقامرين الشبان ـ خسر العرب جزءا كبيرا من أرضهم ، وساحت في بلادهم دويلة يهودية ، ودرعها الغرب بأحدث الأسلحة ‏.‏‏.‏ والمعارف ‏.‏‏.‏ والخبائث الأخلاقية ‏.‏


وأما هذه الدويلة الهزيلة التي لا يزيد سكانها عن 1 / 35 من سكان العرب ـ سقط القوميون العرب أبشع سقوط ‏.‏‏.‏


وكان المقدمة الطبيعية لنجاح هذه الدويلة أنها ساعدت هؤلاء القوميين الثوريين وحدهم على الصعود إلى الحكم ، لأن وجودهم هو وحده الكفيل بتحقيق ما تريد إسرائيل من ضمانات بقائها التي أهمها ‏:‏


1 - إبعاد العرب عن عقيدة جامعة روحية تقاوم اليهودية التي يتسلحون بها ‏.‏


2 - ضمان إبقاء الأمة العربية في حالة استيراد دائم ، لأن الذين لا عقيدة لهم لا يستطيعون إبداع شيء ذاتي ‏.‏


3 - ضمان تفكك العرب ، تفككا دائما ، لأن هؤلاء القوميين والثوريين مجرد شبان مغامرين ، لا رصيد لهم من عقيدة أو أصلة أو وعي تاريخي، ومن السهل تلقينهم بعض شعارات ‏.‏‏.‏ أو ‏(‏ شعارات مضادة ‏)‏ يصرخون بها ، وتضيع معها عقولهم وعقول الجماهير التي يقودونها ‏.‏


وقد قامت هذه القوى الحاكمة الثورية بالواجب نحو العرب وإسرائيل على النحو المرسوم لها ‏:‏


1 - فصادرت حريات المواطنين وإرادتهم ، بحيث لم يعد للشعوب العربية من الأمر شيء وأصبحت هذه الشعوب نسبة عددية مهيأة تقوم بالموافقة للحكام على كل شيء بنسبة ‏(‏ 99‏.‏999% ‏)‏ وهي تقوم بالتصفيق الحاد لكل خطيب ، وتؤيد كل القرارات ‏.‏


2 - أعلنت هذه الحكومات الحرب على الإسلام وقد نجحت هذه القوى في إبعاد الإسلام عن مجال التأثير تماما ‏.‏‏.‏ على الأقل في مستوى توجيه الأمور وقيادتها ‏.‏


ففي عصر الطاغية جمال عبد الناصر ، أمكن من جعل الصلاة شبهة ، وقراءة القرآن من طالب جامعي أمرا يضعه في القائمة السوداء ، وأمكن نشر الرعب ، وفرض الشيوعية ، حتى قضى الله عليه ، وخلص البلاد من شروره ، بعد أن خلف تركة أخلاقية ومادية وهزائم تحتاج لأجيال طويلة كي تزال آثارها ‏.‏‏.‏ وهيهات ‏!‏‏!‏


ولما جاء خلفه أمكن تحوير الأسلوب بعض الشيء ، ووضع على رأس العمل الإسلامي المتصوفة والدجالين وحدهم ، كما ظل الخط الراعي للتحلل الأخلاقي في طريقه ، وعومل الإسلاميون وحدهم بقوانين استثنائية وعسكرية ‏.‏


ـ أما حزب البعث بجناحيه السوري والعراقي فعداؤه للإسلام وتنكيله بأهله وفقا لتوجيهات الصليبي الحاقد ميشيل عفلق ـ أمر مقرر كجزء من سياسة الحزب وأساسياته الفكرية والحركية ‏.‏


3 - نجحت أساليب هذه النظم في الوصول إلى النتيجة الطبيعية ، وفي إقرار قواعد إسرائيل عسكريا وسياسيا ، كدولة ذات سيادة تفصل العالم العربي عن بعضه البعض ، وتقف بالمرصاد لأية بادرة نهضة حقيقية سواء في مجال البعث الإسلامي والوحدة العربية الإسلامية ‏.‏


وأصبحت إسرائيل بفضل هذه النظم ، التي قتلت شعوبها وشلت قواها ـ كابوسا ثقيلا يؤمن أكثر أبناء هذا الجيل ـ باستثناء المؤمنين منهم ـ بأن زواله أمر شبه مستحيل ‏.‏


وكان هذا هو حصاد التخطيط العالمي الصليبي الصهيوني الشيوعي الثوري ‏.‏‏.‏ القومي المشترك ‏!‏‏!‏


ولأنهم بلا عقيدة ‏.‏‏.‏


ولأن القومية شعار لا يصلح لصناعة حضارة ولا لإيجاد وحدة جامعة شاملة ‏.‏


ولأن التبعية الفكرية أوسع أبواب التبعية العامة التي تفرض الهزيمة والذل ‏.‏


لهذا ولغيره أصبح العرب أشبه بدول عظمى ، الوحدة بين الدول العربية والأخرى أصعب من الوحدة بين الدولة العربية وإسرائيل ، أو الوحدة بين بعضها وأمريكا ‏.‏‏.‏ أو روسيا ‏.‏‏.‏ كما هو قائم فعلا ‏.‏


لقد أصبح معظم العالم العربي دولا متقطعة الأوصال ، أسيرة نظم يمينية وأخرى يسارية وليس للإسلام نصيب فيها سياسيا أو إداريا ‏.‏ وقد تمزقت وسائل التوحيد كلها ، فلا تكامل اقتصادي ، ولا تكامل اجتماعي ، ولا تنسيق سياسي ، أو إعلامي ، وهلم جرا ‏.‏


وهم كأسلافهم سلالة ‏"‏ أبي جهل ‏"‏ يتقاتلون لأتفه الأسباب ، ويقطعون العلاقات بلا مبرر كاف ، ويسيرون في طريقهم دون مشورة وتكامل ، بل كل حسب مصالحه وتوجيهات سادته ‏.‏‏.‏ وقد أصبح العربي لا يأمن على نفسه في أي بلد عربي آخر ، بل أصبحت بلاد الغرب هي المثوبة والأمن ، كما أن الملجأ والأمن لأموالهم هي بنوك اليهود في أمريكا وأوروبا ، والمنتجع لتعليم أبنائهم ولاستراحاتهم وجولاتهم هي مرفأ الأمن والحرية ‏.‏‏.‏ أوربا العظيمة ‏.‏‏.‏ وتقوم بينهم الحواجز الجمركية وإجراءات الزيارة والإقامة بدرجة تجعل زيارة الدول الأوربية أسهل من زيارة عربي دولة عربية أخرى ‏.‏


وقد بلغ الانحطاط بالعرب إلى أن صنفوا أنفسهم طبقيا على جنسيات مختلفة تفصل بعضها بعضا ، فبعض دول الخليج تصنف الشعوب العربية على هذا النحو ‏:‏


1 - خليجي درجة أولى ‏(‏ وله سائر الحقوق السياسية والمادية ‏)‏ ‏.‏


2 - خليجي درجة ثانية ‏(‏ وله الحقوق المادية فقط ‏)‏


3 - إيراني ‏(‏ وله حق الحصول على الجنسية بعد فترة وجيزة ‏)‏ ‏.‏


4 - عراقي


5 - سوري


6 - فلسطيني وأردني


7 - مصري ‏.‏‏.‏ وهكذا ‏!‏‏!‏


‏.‏‏.‏ وهكذا ‏.‏‏.‏ تتوالى التصنيفات التي تتبعها حقوق مادية غير متكافئة ، بالرغم من تساوي المؤهل والخبرة ، كما يتبعها احترام بقدر الدرجة الطبقية المحددة ‏.‏


لقد انحطت القومية العربية بالعرب إلى أسفل سافلين ، ومن الغريب أنهم على الرغم من درس لبنان ، ومن درس فلسطين ، ومن الدروس المتكررة التي يلقنها لهم الاستعمار ولا يتعلمون ، فإنهم إذا تخاصموا لا يلجئون إلى العلاج إلا بإثارة النعرة الإقليمية الوطنية الضيقة ‏.‏‏.‏ ‏(‏ مصر للمصريين ـ الهلال الخصيب ـ وحدة المغرب العربي ‏)‏ ‏.‏‏.‏ فبدلا من أن يبحثوا عن دين يغير نفوسهم وأخلاقهم ، وبدلا من البحث عن مركز آخر للوحدة في عصر ‏"‏ الوحدات الكبرى ‏"‏ ـ ‏(‏ الأمريكتان ـ السوق الأوربية المشتركة ـ دول حلف وارسو ـ الكتلة الشرقية ـ الكتلة الغربية ‏)‏ ‏.‏‏.‏ بدلا من هذا ينزوي كل منهم كأطفال ، مكتفيا بلعبة الوطنية ‏.‏‏.‏ ممزقا شمل العرب تمزيقا جديدا ‏.‏


وعلى أية حال ‏.‏‏.‏ فكما سقطت النزعة الوطنية ، وأقام الاستعمار النزعة القومية بديلا للوحدة الإسلامية التي دعا إليها السلطان عبدالحميد ‏.‏ وكاد يقضي بها على مخططات الاستعمار وينقذ العالم الإسلامي كله ، حتى جاء ‏"‏ جماعة الاتحاد والترقي ‏"‏ وأعوانهم من الماسون في العالم العربي ‏.‏‏.‏ فقضوا على الخليفة المجاهد العظيم ‏.‏


أجل ‏.‏‏.‏ كما سقطت النزعة الوطنية بعد فترة تاريخية حالكة ـ نسجل هنا 0 سقوط القومية العربية ‏)‏ بعد فترة تاريخية ثورية لا تقل حلكة وظلاما عن الفترة الاستعمارية ‏!‏‏!‏


ولم يبق إلا الحل الحضاري الشامل ‏.‏‏.‏ الإسلام ‏!‏‏!‏

مقطع من كتاب : دراسة سقوط ثلاثين دولة إسلامية
للدكتور : عبد الحليم عويس









 


رد مع اقتباس