نعم؛ فإن من عفَّ عن المحارم عفَّ أهله "عفُّوا تعفَّ نساؤكُم..." ولك أن تتخيل حالة مجتمع تشيع فيه روح الفضيلة.. كيف يتآزر أبناؤه ويتحابون وينتشر فيه الأمن، وتحفظ فيه الأنساب.
ثم انظر إلى الصورة المقابلة إلى المجتمعات التي ضعفت فيها صيانة الأعراض كيف تعيش حالة من الخوف وقلة الأمن واختلاط الأنساب وانتشار الخنا والخيانات، والجزاء من جنس العمل.
وقد ضرب السلف أروع الأمثلة.. في العفة نذكر منها على سبيل المثال:
**قصة عبيد بن عمير رحمه الله وامرأة من مكة:***
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي أن امرأة جميلة كانت بمكة، وكان لها زوج، فنظرت يومًا إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها: أترى أحدًا يرى هذا الوجه ولا يفتن به؟ قال: نعم. قالت: مَنْ؟ قال: عبيد بن عمير، قالت: فائذن لي فيه فلأفتننه، قال: قد أذنت لك. فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحية في المسجد الحرام، فأسفرت عن وجه مثل فلقة القمر، فقال لها: يا أَمَةَ الله استتري، فقالت: إني قد فتنت بك. قال: إني سائلك عن شيء، فإن أنت صدقتيني نظرت في أمرك. قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك. قال: أخبريني لو أن ملك الموت أتاكِ ليقبض روحك أكان يسركِ أن أقضي لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أُدخلتِ قبركِ، وأجلستِ للمسألة أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم، ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أردت الممر على الصراط، ولا تدرين هل تنجين أو لا تنجين، أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقتِ. قال: فلو جيء بالميزان، وجيء بك، فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقتِ. قال: اتقي الله، فقد أنعم عليك وأحسن إليك. قال: فرجعت إلى زوجها. فقال: ما صنعتِ؟ قالت: أنت بطالٌ ونحن بطالون. فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة، فكان زوجها يقول: مالي ولعبيد بن عمير أفسد علي امرأتي، كانت في كل ليلة عروسًا فصيرها راهبة.[روضة المحبين (340)].
فيا أيها الحبيب إذا أردت أن تذوق حلاوة الإيمان، وأن تعيش حميدا موفور الكرامة مُصان العرض فكن عفيفا.