قلب هائم
أصبح وليد، نجل شكري بك، منذ اكتحلت عيناه برؤية تلك الصبية الحسناء (سلمى) منطويا على نفسه، دائب التفكير في أمرها، و لم يكن بمقدوره أن يقصي طيفها الجميل على ناظره، أو يسلو تينك العينين المنيرتين ذواتي الأهداب التي يترامى ظلها إلى الحدين مع ما يتجلى في وجه صاحبتهما من جمال و روعة.
و اضطرمت بين ضلوعه عاطفة مشبوبة بحبها أشقته و عذبته، و رأى أن الحياة لا تطيب له إلا أن كانت تلك الصبية بجانبه ، فقرر أن يخطبها، و لكنه كان يعلم لو أفضى بمثل هذا النبأ لوالدته فلن تتقبله بالرضي أو السرور بل انه سيجلب عليها نقمتها لرغبتها في تزويجه ممن تربطه بهن صلة القربى، و لن تتورع من أن تدفعها أنانيتها إلى تحريض أبيه كي يقف حائلا دون هذا الزواج، و لذا اثر أن يذهب إلى ابنة عمه سعاد ، أرملة أخيه المتوفى ، ليفضي إليها بما في نفسه . فمضى إليها في حجرتها، فاستقبلته هاشة باسمة و دعته للجلوس و أخذت هي مكانها إلى مقعد قبالته، و لاحظت عليه قلقه و تبدل حاله و ابتدرته بقولها: " ما وراءك يا ابن العم؟ ".
قال: " إنني لست في خير حال يا ابنة عمي ، و ها أنا ذا لم أجد غيرك لأفضي له ما بنفسي ".
قالت بحنان الأخت الكبرى: " اخبرني بالله ما في ضميرك؟ "
صمت لحظة ثم قال: " جئت لاسالك عما تعرفين من أمر تلك الفتاة الحسناء التي تقطن ذلك البيت القريب منا ".
فابتسمت سعاد و قالت: " أتقصد غادة الكرمل؟ "
قال: " وهل هذا هو اسمها؟ "
قالت: " هذا ما لقبها به أهل الحي لأنها أجمل فتيات الجبل، أما اسمها الحقيقي فهو (سلمى).. " و استطردت و الابتسامة ما زالت على شفتيها : " ترى هل أصابت تلك الغادة هوى من نفسك حتى طرا عليك مثل هذا التبدل؟ "
قال: " نعم فهلا قصصت عليا ما تعرفينه من أمرها؟ "