غالبًا - أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين على خمسين سنة - قال تعالى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ}.
فاللائي يئسن هن من بلغن خمسين سنة. واللائي لم يحضن هن الصغار دون التسع.
3 ـ أحكام الحائض
1 ـ يحرم في حال الحيض وطؤها في الفرج لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} .
ويستمر هذا التحريم إلى أن ينقطع عنها خروج دم الحيض وتغتسل منه لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} .
ويباح لزوج الحائض أن يستمتع منها بما دون الجماع في الفرج لقوله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا كل شيء إلا النكاح).
2 ـ تترك الحائض الصوم والصلاة في مدة حيضها ويحرم عليها فعلهما ولا يصحان منها لقوله صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم) .
فإذا طهرت الحائض فإنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاةلقول عائشة رضي الله عنها: (كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة).
والفرق، والله أعلم، أن الصلاة تتكرر فلم يجب قضاؤها للحرج والمشقة في ذلك بخلاف الصيام.
3 ـ يحرم على الحائض مس المصحف من غير حائل لقوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} .
ولما في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: (لا يمس المصحف إلا طاهر) .وهو يشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يمس المصحف إلا طاهر. وأما قراءة الحائض للقرآن من غير مس المصحف فهي محل خلاف بين أهل العلم والأحوط أنها لا تقرأ القرآن إلا عند الضرورة كما إذا خشيت نسيانه، والله أعلم.
4 ـ يحرم على الحائض الطواف بالبيت لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) .
5 ـ يحرم على الحائض اللبث في المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم: (إني لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب).
ويجوز لها المرور مع المسجد من غير لبث لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ناوليني الخمرة من المسجد). فقلت: إني حائض فقال: (إن حيضتك ليست بيدك).
ولا بأس أن تأتي الحائض بالأذكار الشرعية من التهليل والتكبير والتسبيح والأدعية وأن تأتي بالأوراد الشرعية المشروعة في الصباح والمساء وعند النوم والاستيقاظ. ولا بأس أن تقرأ في كتب العلم كالتفسير والحديث والفقه.
فائدة في حكم الصفرة والكدرة
الصفرة شيء كالصديد يعلوه صفرة. والكدرة شيء كلون الماء الوسخ الكدر. فإذا خرج من المرأة كدرة أو صفرة في وقت عادتها فإنها تعتبرهما حيضًا يأخذان أحكامه السابقة، وإن خرجا من المرأة في غير وقت العادة فإنها لا تعتبرها شيئًا وتعتبر نفسها طاهرًا لقول أم عطية رضي الله عنها: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا) ، وهذا له حكم الرفع عند أهل الحديث لأنه يعتبر تقريرًا من النبي صلى الله عليه وسلم. ومفهومه أن الكدرة والصفرة قبل الطهر حيض تأخذان أحكامه.
فائدة أخرى
ما الذي تعرف به المرأة نهاية حيضها؟ تعرف ذلك بانقطاع الدم وذلك بأحد العلامتين:
العلامة الأولى: نزول القَصة البيضاء وهي بفتح القاف: ماء أبيض يتبع الحيض يشبه ماء الجص وقد تكون بغير لون البياض، فقد يختلف لونها باختلاف أحوال النساء.
العلامة الثانية: الجفوف وهو أن تدخل خرقة أو قطنة في فرجها ثم تخرجها جافة ليس عليها شيء لا من الدم ولا من الكدرة أو الصفرة.
4 ـ ما يلزم الحائض عند نهاية حيضها
يلزم الحائض عند نهاية حيضها أن تغتسل. وذلك بأن تستعمل الماء بنية الطهارة في جميع بدنها. لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) .
وصفته: أن تنوي رفع الحديث أو الطهارة للصلاة ونحوها ثم تقول: بسم الله ثم تفيض الماء على جميع جسمها وتروي أصول شعر رأسها ولا يلزمها نقضه إن كان مضفورًا وإنما ترويه بالماء. وإن استعملت السدر أو المواد المنظفة مع الماء فحسن. ويستحب أخذ قطنة فيها مسك أو غيره من الطيب تجعلها في فرجها بعد الاغتسال. لأمره صلى الله عليه وسلم أسماء بذلك.
تنبيه مهم:
إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم. ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة، لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: ولهذا كان جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد إذا طهرت الحائض في آخر النهار صلت الظهر والعصر جميعًا. وإذا طهرت في آخر الليل صلت المغرب والعشاء جميعًا. كما نقل ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وابن عباس، لأن الوقت مشترك بين الصلاتين في حال العذر فإذا طهرت في آخر النهار فوقت الظهر باق فتصليها قبل العصر وإذا طهرت في آخر الليل فوقت المغرب باق في حال العذر فتصليها قبل العشاء. انتهى.
وأما إذا دخل عليها وقت صلاة ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي فالقول الراجح أنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة التي أدركت أول وقتها ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى في هذه المسألة:
والأظهر في الدليل مذهب أبي حنيفة ومالك أنها لا يلزمها شيء لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد. ولا أمر هنا يلزمها بالقضاء. ولأنها أخرت تأخيرًا جائزًا فهي غير مفرطة. وأما النائم أو الناسي وإن كان غير مفرط أيضًا فإن ما يفعله ليس قضاء بل ذلك وقت الصلاة في حقه حين يستيقظ ويذكر. انتهى.
5 ـ الاستحاضة وأحكامها
الاستحاضة سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل. والمستحاضة أمرها مشكل لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة. فإذا كان الدم ينزل منها باستمرار أو غالب الوقت فما الذي تعتبره منه حيضًا وما الذي تعتبره استحاضة لا تترك من أجله الصوم والصلاة. فإن المستحاضة يعتبر لها أحكام الطاهرات. وبناء على ذلك فإن المستحاضة لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون لها عادة معروفة لديها قبل إصابتها بالاستحاضة بأن كانت قبل الاستحاضة تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام مثلاً في أول الشهر أو وسطه. فتعرف عددها ووقتها. فهذه تجلس قدر عادتها وتدع الصلاة والصيام وتعتبر لها أحكام الحيض فإذا انتهت عادتها اغتسلت وصلت واعتبرت الدم الباقي دم استحاضةلقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي) .
ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : ( إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة).
الحالة الثانية: إذا لم يكن لها عادة معروفة لكن دمها متميز بعضه يحمل صفة الحيض. بأن يكون أسود أو ثخينًا أو له رائحة. وبقيته لا تحمل صفة الحيض بأن يكون أحمر ليس له رائحة ولا ثخينًا. ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضًا، فتجلس وتدع الصلاة والصيام، وتعتبر ما عداه استحاضة تغتسل عند نهاية الدم الذي يحمل صفة الحيض. وتصلي وتصوم وتعتبر طاهرًا.لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا كان دم الحيض فإنه أسودُ يُعرفُ، فأمسكي عن الصلاة. فإذا كان الآخر فتوضأي وصلي) . ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم فتميز بها بين الحيض وغيره.
الحالة الثالثة: إذا لم يكن لها عادة تعرفها ولا صفة تميز بها الحيض من غيره، فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر. لأن هذه عادة غالب النساء.لقوله صلى الله عليه وسلم يحمنة بنت جحش: (إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء) .
والحاصل مما سبق: أن المعتادة ترد إلى عادتها. والمميزة ترد إلى العمل بالتمييز. والفاقدة لهما تحيض ستًّا أو سبعًا. وفي هذا جمع بين السنن الثلاث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والعلامات التي قيل بها ست: إما العادة فإن العادة أقوى العلامات. لأن الأصل مقام الحيض دون غيره. وإما التمييز لأن الدم الأسود والثخين المنتن أولى أن يكون حيضًا من الأحمر. وإما اعتبار غالب عادة النساء لأن الأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب. فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السنَّة والاعتبار. ثم ذكر بقية العلامات التي قيل بها. وقال في النهاية: وأصوب الأقوال اعتبار العلامات التي جاءت بها السّنة و الغاء ما سوى ذلك. انتهى
6 ـ ما يلزم المستحاضة في حالة الحكم بطهارتها
1 ـ يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة حسبما سبق بيانه.
2 ـ تغسل فرجها لإزالة ما عليه من الخارج عند كل صلاة وتجعل في المخرج قطنًا ونحوه يمنع الخارج وتشدّ عليه ما يمسكه عن السقوط ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة: (تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة). وقال صلى الله عليه وسلم: (أنعت لك الكرسف تحشين به المكان). والكرسف: القطن. ويمكن استعمال الحفائظ الطبية الموجودة الآن.
7 ـ النفاس وأحكامه
النفاس هو الدم الذي ينزل من الرحم للولادة وبعدها. وهو بقية الدم المحتبس وقت الحمل في الرحم فإذا ولدت خرج هذا الدم شيئًا فشيئًا. وما تراه قبل الولادة من خروج الدم مع أمارة الولادة فهو نفاس، وقيده الفقهاء بيومين أو ثلاثة قبل الولادة. والغالب أن بدايته تكون مع الولادة، والمعتبر ولادة ما تبيّن فيه خلق إنسان. وأقلّ مدّة يتبيّن فيها خلق الإنسان واحد وثمانون يومًا وأغلبها ثلاثة أشهر. فإذا سقط منها شيء قبل هذه المدة وحصل معه دم فإنها لا تلتفت إليه ولا تدع الصلاة والصيام من أجله لأنه دم فساد ونزيف فيكون حكمها حكم المستحاضة. وأكثر مدة النفاس في الغالب أربعون يومًا ابتداء من الولادة أو قبلها بيومين أو ثلاثة كما سبق. لحديث أم سلمة رضي الله عنها: (كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا) .
وأجمع على ذلك أهل العلم كما حكاه الترمذي وغيره. ومتى طهرت قبل الأربعين بأن انقطع عنها خروج الدم فإنها تغتسل وتصلي فلا حد لأقله لأنه لم يرد تحديده، وإذا تمت الأربعون ولم ينقطع عنها خروج الدم فإن صادف عادة حيضها فهو حيض. وإن لم يصادف عادة الحيض واستمر ولم ينقطع فهو استحاضة لا تترك من أجله العبادة بعد الأربعين. وإن زاد عن الربعين ولم يستمر ولم يصادف عادة فمحل خلاف.

8 ـ الأحكام المتعلقة بالنفاس
أحكام النفاس كأحكام الحيض فيما يلي:
1 ـ يحرم وطء النفساء كما يحرم وطء الحائض ويباح الاستمتاع الذي دون الوطء.
2 ـ يحرم على النفساء أن تصوم أو تصلي أو تطوف بالبيت كالحائض.
3 ـ يحرم على النفساء مسّ المصحف وقراءة القرآن ما لم تخش نسيانه كالحائض.
4 ـ يجب على النفساء قضاء الصوم الواجب الذي تركته في النفاس كالحائض.
5 ـ يجب على النفساء أن تغتسل عند نهاية النفاس كما يجب ذلك على الحائض والأدلة على ذلك.
1 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها: (كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا) . قال المجد ابن تيمية رحمه الله في المنتقى: قلت: ومعنى الحديث كانت تؤمر أن تجلس إلى الأربعين. لئلا يكون الخبر كذبًا، إذ لا يمكن أن تتفق عادة نساء عصر في نفاس أو حيض. انتهى.
2 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس. .
فائدة: إذا انقطع الدم عن النفساء قبل الأربعين واغتسلت وصلَّت وصامت ثم عاد عليها الدم قبل الأربعين، فالصحيح أنه يعتبر نفاسًا تجلسه وما صامته في وقت الطهر المتخلل فهو صحيح لا تقضيه. انظر مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم؛ وفتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز الذي طبعته مجلة الدعوة؛ وحاشية ابن قاسم على شرح الزاد، والدماء الطبيعية للنساء ؛ والفتاوى السعدية.
فائدة أخرى: قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: فظهر مما تقدم أن دم النفاس سببه الولادة وأن دم الاستحاضة دم عارض لمرض ونحوه. وأن دم الحيض هو الدم الأصلي، والله أعلم.
فائدة: تناول الحبوب: لا بأس أن تتناول المرأة ما يمنع عنها نزول الحيض إذا كان ذلك لا يضر بصحتها فإذا تناولته وامتنع الحيض عنها فإنها تصوم وتصلي وتطوف ويصح ذلك منها، كغيرها من الطاهرات.
9 ـ حكم الإجهاض
أيتها المسلمة إنك مؤتمنة شرعًا على ما خلق الله في رحمك من الحمل فلا تكتميه قال الله عز وجل: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}.
ولا تحتالي على إسقاطه والتخلص منه بأي وسيلة، فإن الله سبحانه رخص لك بالإفطار في رمضان إذا كان الصوم يشق عليك في حالة الحمل أو كان الصوم يضر بحملك. وإن ما شاع في هذا العصر من عمليات الإجهاض عمل محرّم. وإذا كان الحمل قد نفخت فيه الروح ومات بسبب الإجهاض، فإن ذلك يعتبر قتلاً للنفس التي حرم الله قتلها بغير حق ورتب على ذلك أحكام المسؤولية الجنائية من حيث وجوب الدية على تفصيل في مقدارها. ومن حيث وجوب الكفارة عند بعض الأئمة وهي عتق رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. وقد سمى بعض العلماء هذا العمل بالموءودة الصغرى. قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في مجموع فتاويه : أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز. انتهى.
وفي قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم 140 وتاريخ 20/6/1407هـ ما يلي:
1 ـ لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جدًّا.
2 ـ إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين وكان في إسقاطه مصلحة شرعية، أو دفع ضرر جاز إسقاطه. أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفًا من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.
3 ـ لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره جاز إسقاطه بعد استنفاد كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار.
4 ـ بعد الطور الثالث وبعد إكمال أربعة أشهر للحمل لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها وذلك بعد استنفاد كافة الوسائل لإنقاذ حياته. وإنما رُخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعًا لأعظم الضررين وجلبًا لعظمى المصلحتين.
والمجلس إذ يقرر ما سبق يوصي بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر. والله الموفق وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم. انتهى.
وجاء في رسالة الدماء الطبيعية للنساء لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: أنه إذا قصد من إسقاطه إتلافه فهذا إن كان بعد نفخ الروح فيه فهو حرام بلا ريب لأنه قتل نفس بغير حق. وقتل النفس المحرمة حرام بالكتاب والسنَّة والإجماع..
وقال الإمام ابن الجوزي في كتاب أحكام النساء : لما كان موضوع النكاح لطلب الولد. وليس من كل الماء يكون الولد فإذا تكوَّن فقد حصل المقصود. فتعمد إسقاطه مخالفة لمراد الحكمة. إلا أنه إن كان ذلك في أول الحمل فقبل نفخ الروح فيه إثم كبير لأنه مترق إلى الكمال وسارٍ إلى التمام إلا أنه أقل إثمًا من الذي نفخ فيه الروح. فإذا تعمدت إسقاط ما فيه الروح كان كقتل مؤمن. وقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} انتهى.
فاتقي الله أيتها المسلمة ولا تقدمي على هذه الجريمة لأي غرض من الأغراض ولا تنخدعي بالدعايات المضللة والتقاليد الباطلة التي لا تستند إلى عقل أو دين.
يُتبع باذن الله