زناتة
زانا (أو جانا أو شانا) بن يحيى بن ضرى. ويعرفون باسم زناتة وهم حسب قول ابن حزم ثلاثة أحياء: الديديت، وورسيج، وفريني وعند ابن خلدون: الديرت، وورسيك، وفرني. وقدتناسلوا، وتكاثفت أحياؤهم إلى حد أصبحوا به في مرتبة قبائل، أو شعوب طبقا لرأي ابن خلدون الذي يصفهم بصفات تتعدى صفات البطون. وذا يحتلون مراتب أعلى من مرتبة بطن؛ وذلك حينما نعتمد على الترتيب المتبع لدى النسابين العرب. فابن خلدون عندما يتكلم عن زناتة؛ يجعلها في مرتبةجيل. كما يكثر من قول: ((شعوب زناتة)).وهذا كله يدل على ضخامة زناتة، وكثافةأحيائها، وتشعبها. أضف إلى ذلك أنه خصص لزناتة حيزا كبيرا من كتابه العبر؛ إذ يشمله المجلد السابع بكامله تقريبا. بينما خصص المجلد السادس لبقية الأمازيغ، مع بني هلال، وسليم. وكون الزمن الذي كتب فيه ابن خلدون كتابه كانت زناتة مهيمنة على الحكم في بلاد المغرب مثل بني عبد الواد، وبني مرين، وغيرهم ,,,, وثمة من يعود بسلسلة الأسماء إلى المدعو بر. ومنه تنطلق السلسلة التي يزعمون أنها تربطهم بالنسب العربي؛ أي بقيس عيلان، أو بحمير.ولكن ابن حزم، وابن خلدون ينكران كما سبق تلك الأقوال؛ ويرجحان القول بانتسابهم إلى كنعان ابن حام؛ مثل ما هو الحال بالنسبة لكثير من الأمازيغ. أما الظاهرتان المميزتان لزناتة عن غيرها من الأمازيغ؛ فيحددهما ابن خلدون؛ في أسلوب العيش، وفي اللهجات.
تعتمد زناتة في عيشها على النجعة، والظعن؛ عبر السهوب، والفيافي. فهم كالأعراب؛ يتخذون الخيام مساكن لهم، ويتلهفون على اكتساب الإبل، والخيل. وفي ذلك يقول ابن خلدون: ((وهم لهذا العهد آخذون من شعائرالعرب: في سكنى الخيام، واتخاذ الإبل، وركوب الخيل، والتغلب في الأرض، وإيلاف الرحلتين، وتخطف الناس من العمران، والإباية عن الانقياد للنصفة.وشعارهم بين البربر اللغة التي يتراطنون بها؛ وهي مشتهرة بنوعها؛ عن سائر رطانة البربر)) . إذن..فثمة تشابه كبير في أسلوب العيش؛ بين زناتة والأعراب. وشعارهم بين البربر اللغة التي يتراطنون بها، وهي مشتهرة بنوعها عن سائر رطانة البربر. ومواطنهم في سائر مواطن البربر بأفريقية والمغرب. فمنهم ببلاد النخيل ما بين غدامس والسوس الأقصى، حتى أنّ عامة تلك القرى الجريدية بالصحراء منهم كما نذكره. ومنهم قوم بالتلول بجبار طرابلس وضواحي إفريقية، وبجبل أوراس، والأكثر منهم بالمغرب الأوسط، حتى أنه ينسب إليهم ويعرف بهم فيقال: وطن زناتة. ومنهم بالمغرب الأقصى أمم أخرى، وهم لهذا العهد أهل دول وملك بالمغربين. وكان لهم فيه دول أخرى في القديم. ولم يزل الملك يتداول في شعوبهم
الخبر عن الكاهنة وقومها جراوة من زناتة وشأنهم مع المسلمين عند الفتح:
كانت هذه الأمّة من البربر بأفريقية والمغرب في قوّة وكثرة وعديد وجموع، وكانوا يعطون الإفرنجة بأمصارهم طاعة معروفة وملك الضواحي كلّها لهم، وعليهم مظاهرة الإفرنجة مهما احتاجوا إليهم. ولما أطلّ المسلمون في عساكرهم على أفريقية للفتح ظاهروا جرجير في زحفه إليهم حتى قتله المسلمون، وانفضّت جموعهم وافترقت رياستهم .
. وكانت زنانة أعظم قبائل البربر وأكثرها جموعا وبطوناً، وكان موطن جراوة منهم بجبل أوراس ( أوراس النمامشة)، وهم ولد كراو بن الديرت بن جانا. وكانت رياستهم للكاهنة دهيا بنت تابنة بن نيقان بن باورا بن مصكسري بن أفصد بن وصيلا بن جراو. وكان لها بنون ثلاثة ورثوا رياسة قومهم عن سلفهم وربوا في حجرها، فاستبدت عليهم وعلى قومها بهم، وبما كان لها من الكهانة والمعرفة بغيب أحوالهم وعواقب أمورهم فانتهت إليها رياستهم.
والله أعلم