ردا على كل من يتفاخر باللغات الأجنبية
و يقول أنه لا يعرف العربية مستهزءا بقوله الله غالب
الحمد لله رب العالمين ، والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
سيّدنا محمّد ـ ص ـ وعلى آله وصحبه أجمعين . أمـا بعدُ ـ إخواني المشاركين ـ :
فإنّ الله ـ تعالى ـ حين أراد أنْ يبيّن مراده للنّاس ، اختار اللّغة العربية ،
لتكون حاملة لمراده إلى النّاس ، وهذا شرف عظيم للغة العربية ، فالقرآن الكريم
هو دستور هذه الأمّة ، كتاب عربي ، ليس مترجماً ، وإنّما نزل باللّغة العربية ،
قال ـ تعالى ـ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} يوسف: 2 ؛ لذلك فاللغة
العربية الفصحى هي الرّابطة بيننا وبين ديننا ؛ ولكن للأسف ،
هناك أقوام ليس لهم عمل إلّا صرف المسلمين عن منهج دينهم ، وعماد شريعتهم ،
ودستور حياتهم " القرآن الكريم " .
بحيث أصبح النّاس يقرؤون القرآن الكريم ، وهم لا يعلمون ماذا يقول لهم؟
,ولا بماذا يأمرهم ؟,ولا عن ماذا ينهاهم؟ ,حتى صار المجتمع غريبا عن كتابه
ودستوره ، وهذه الوحشة بيننا وبين القرآن الكريم قابلها في الجهّة الأخرى إعلاء
من شأن اللّغة الأجنبيّة ممّا أدى إلى عدّة مظاهر تمثّلتْ فيما يلي :
1ـ الاستهزاء باللغة العربية :
حيث صار المتحدّث بها غريباً ، والمتمسّك بقواعدها في نظر النّاس متخلّفاً ؛ممّا ترك انطباعاً
سيّئاً بين طلبة العلم ، بحيث أصبح الطّالب المتفوّق هو الّذي يدرس اللغة الأجنبية ، وصار الطّلاب
يتفاخرون بتعلّم العجمي ، ويضحكون من دارس اللغة العربية .
2ـ ترتّب على ذلك أنْ تحوّلتْ أغلب شوارع المدن العربية إلى نسخ مشابهة لشوارع الغرب ،
بحيث انتشرتْ على واجهة المحال الأسماء الأجنبية ، فهل بعد ذلك نقول نحن عرب ؟! .
3ـ خلّف كلّ ذلك على الشّباب ، بأنِ ارتدوا الملابس المكتوب عليها كلمات أجنبية ،
وأصبحوا يتفاخرون بها ، فهل وجد هؤلاء الشّباب شابّاً أجنبيّاً يرتدي لباساً مكتوباً عليه باللغة العربية ؟!.
بل صار كلّ منهم يجتهد في أنْ يحشوَ كلامه بأكبر قدر من الألفاظ الأجنبية ؛ ليبرهن على ثقافته العالية ،
فكيف نرضى لأنفسنا أنْ نفتخر بتقليد أناس يتعمدون تغيب لغتنا العربية عن حياتنا؟! ,
ونترك تقليد أفضل جيل عرفه التاريخ ,إنه جيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
ووصل الحال بنا ,إلى قيام بعض الكليات العربية بتعليم مناهجها للطلاب باللغة الأجنبية ،
حتّى صارتْ اللغة العربية غريبة بين أهلها .
يقول عمر بن الخطّاب ـرضي الله غنه ـ " عليكم ديوانكم لا تضلوا " وهذه وصية مهمّة ،
بتعلّم اللغة العربية ، والاجتهاد في التّحدّث بها وتعليمها للنّاس .
إنّ الشّاب العربي المسلم ، لا يلبس إلا ما يفخر به ، وفخرنا وعزّنا لا يكونان إلا في ديننا ولغتنا ،
إنّنا في حاجة إلى أن ندرك أنّ بقاءنا مسلمين ، وبقاء أمّتنا على الإسلام ، مرهون باللغة العربية ،
وإذا أردنا أنْ نعيد للأمّة الإسلامية مجْدها وعزّتها ومكانتها في صدارة الأمم ، وليس في مؤخّرتها ،
فيجب أنْ ننشئ جيلاً على طاعة الله ـ تعالى ـ يكون اهتمامه الأوّل هو الإسلام .
والله أسأل أنْ يحفظ أمّتنا ولغتنا وشبابنا كما حفظ قرآننا وهو على كلّ شيء قدير .