السؤال الثالث
أ-أكمل الناقص من الحديث
الحديث الثلاثون:
الوقوف عند حدود الشرع
متن الحديث
عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياءفلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها}.
[حديث حسن، رواه الدارقطني في سننه:4/ 184، وغيره].
ب-اذكر فائدة استفدتها من الحديث
قوله -عليه الصلاة والسلام- هنا : إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها يعني: ما أوجبه الله -جلا وعلا- في القران، فما ثبت في القرآن وجوبه، فيسمى فرض بهذا الحديث
قال -عليه الصلاة والسلام- وحد حدودا فلا تعتدوها هنا الحدود على ما ذكرنا: هي ما أذن به، الواجبات والمستحبات وما أشبه ذلك؛ لهذا قال: حد حدودا فلا تعتدوها يعني: لا تعتد ما أذن لك، فكن في دائرة الواجب والمستحب والمباح، ولا تنتقل منه إلى غيره، فالأول: فرض فرائض فلا تضيعوها يعني: امتثل الفرائض، أد الواجبات، والثاني: كن في دائرة المستحب والمباح، ولا تتعده إلى غيره.
ثم قال: وحرم أشياء فلا تنتهكوها وهذا من العطف المغاير؛ لأن التحريم غير تعدي الحدود -كما ذكرنا لك-، من بيان فهم نصوص الكتاب والسنة في هذه المسألة المهمة، فما حرم الله -جل وعلا -نهانا -عليه الصلاة والسلام- أن تنتهكه، والتعبير بالانتهاك -أيضا- يفيد الاعتداء وعدم المبالاة ممن انتهك المحرمات، قال : وحرم أشياء فلا تنتهكوها وقوله -عليه الصلاة والسلام-: حرم أشياء يفيد أن هذه الأشياء المحرمة قليلة؛ ولهذا تجد أن أصول المحرمات في الأطعمة قليلة
؛ لهذا قال : وحرم أشياء وهذه الأشياء قليلة، فعجيب أن تنتهك، فقال : فلا تنتهكوها فيكون هذا المنتهك لهذه المحرمات شيء في نفسه جعله ينتهك هذا القليل، ويغرى بهذا القليل؛ ولهذا لم يحرم الشرع شيئا فيه لابن آدم منفعة، في حياته حاجية أو تحسينية أو ضرورية، بل كل المحرمات يمكنه الاستغناء عنها، ولا تؤثر عليه في حياته.
قال : وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها .
"سكت عن أشياء": يعني: أن الله سكت، وهذا السكوت الذي وصف الله -جل وعلا -به ليس هو السكوت المقابل للكلام، يقال: تكلم وسكت، وإنما هذا سكوت يقابل به إظهار الحكم، فالله -جل وعلا -سكت عن التحريم، بمعنى لم يحرم، لم يظهر لنا أن هذا حرام، فالسكوت هنا من قبيل الحكم، سكوت عن الحكم، ليس سكوتا عن الكلام، فغلط على هذا من قال: إن هذه الكلمة يستدل بها على إثبات صفة السكوت لله -جل وعلا -، وهذا مما لم يأت في نصوص السلف في الصفات، وهذا الحديث وأمثاله لا يدل على أن السكوت صفة؛ لأن السكوت قسمان: سكوت عن الكلام، وهذا لا يوصف الله -جل وعلا -به، بل يوصف الله -سبحانه وتعالى- بأنه متكلم، ويتكلم كيف شاء، وإذا شاء، متى شاء، وأما صفة السكوت عن الكلام، فهذه لم تأت في الكتاب ولا في السنة، فنقف على ما وقفنا عليه، يعني: على ما أوقفنا الشارع عليه، فلا نتعدى ذلك.
رحمة بكم، أو رحمة لكم غير نسيان السكوت بعدم إظهار بعض أحكام القضايا، رحمة لا نسيان، والله -جل وعلا -ليس بنسيٍّ، كما قال -سبحانه- فالله -سبحانه- ليس بذي نسيان، بل هو الحفيظ العليم الكامل في صفاته وأسمائه، سبحانه وتعالى، وجل وتقدس ربنا.
فإذا هناك أشياء لم يبين لنا حكمها، فالسكوت عنها رحمة غير نسيان، أمرنا -عليه الصلاة والسلام- ألا نبحث عنها فقال: فلا تبحثوا عنها .
بارك الله فيك ونفع بك ولا حرمك الأجر والثواب