منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الترخُّص بمسائل الخلاف ضوابطه وأقوال العلماء فيه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-03-19, 08:15   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الثالث : فضل معرفة علم ما يختلف فيه

رُوي عن طائفة من السلف آثار في فضل تعلّم علم الخلاف ، فمن ذلك
ما رواه أحمد رحمه الله عن سعيد بن جبير أنه قال : (( من عَلِمَ اختلاف الناس فقد فقه )) وعن قتادة قال : (( قال سعيد بن المسيّب : ما رأينا أحداً أسأل عما يختلف فيه منك ، قلت : إنما يسأل من يعقل عما يختلف فيه فأما ما لا يختلف فيه فلم نسأل عنه )) ، وغيرها من الآثار ، فملكة الفقه لا تتأتَّى إلا بالارتياض في معرفة أقوال العلماء باختلافها ، وما أتوا به في كتبهم ، فالحق لا يعرف إلا إذا عُرف الباطل ، والفاسد لا يعلم إلا إذا عُلِمَ الصحيح ، فبضدها تتميز الأشياء ، فنبتة التعصب إنما تنشأ عند من ألِف قولاً واحداً فتربى حتى كهل عليه ، لذلك أحسب أن هذا العلم الذي يدرّس في الجامعات والمعاهد فيما يسمى (( بالفقه المقارن )) أو (( الفقه الموازن )) ، هو من أعظم الفنون أثراً في تنمية ملكة الاحتجاج والاستنباط ، وتحليل ما في الكتب ورده إلى الحجج ، لاسيما إذا تولى تعليم هذا الفن من يؤمن به ، ومن له تمكن من معرفة الصحيح من الفاسد، فهذا كفيل - بإذن الله - على نزع هذه النبتة من جذورها ، فيستقر في قلب الطالب حب جميع العلماء، فيعرفهم حينئذ بالحق، ولا يعرف الحق بهم.
بل ويعجبني فيمن تولى تدريس (( فقه المذهب )) أن يبيّن بعض المسائل التي خالف فيها أصحاب المذهب إمامهم ، فتركوا التعصب واتبعوا الدليل ، ولم يستنكفوا من ذلك .