منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الغلول
الموضوع: الغلول
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-03-16, 21:46   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زهيرة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية زهيرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أخذ حقوق الناس بالباطل




الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراًَ إلى يوم الدين. عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى. اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، عياذاً بالله من ذلك. أيها الأحبة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من ظلم قيد شبر طُوِّقَهُ يوم القيامة من سبع أرضين) هذا شأن من ظلم شبراً فأدخله في أرضه وهو يعلم أنه ليس له! فما بالكم بمن ظلم متراً؟! أو كيلو متراً، أو أقل أو أكثر من ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله! إن الواقع في هذه الأيام يشهد نزاعات عظيمة، وخصومات كبيرة، وإحداثات ممنوعة، كلها من اعتداء بعض المسلمين على أراضي البعض. فهذا يدخل في أرض جاره خمسمائة متر أو أكثر، وهذا يدخل أكثر ويدَّعي أنه صاحب الملك، وهذا يستشهد الناس بالزور، ويدفع رشوة لكي يقيم الحق لصالحه؛ ولكي يطرد صاحب الحق من مكانه. أين الله؟! أين الله؟! أين الله يا عباد الله؟! أين الله عن قلوب أولئك الذين لا يبالون بما ظلموا في هذه الأرض، من قليل أو كثير؟! ألا يخشون أن يُطَوَّقُون من سبع أرضين يوم القيامة؟! ألا يعلمون أن هذا غلول؟! ألا يعلمون أن الغلول يؤتى به يوم القيامة؟! ألا يعلمون أن هذا عذاب ونار وسعير وجهنم ونارٌ تلظى؟! والعجب العُجاب من ذلك يا عباد الله: أن ترى غنياً له من العقار ما له! وله من الضِّياع ما له! ومع ذلك يظلم فقيراً في أرض ليس له إلا هي! أما يخشى الله في ظلم الضعفاء؟! أما يخشى الله في ظلم الأبرياء؟! أما يتقي الله جل وعلا في شبر أو أقل أو أكثر في هذا الظلم؟! سبحان الله العلي العظيم! إذا انعدمت التقوى، وغابت المراقبة، فحدث ولا حرج عن الظلم والطغيان والجرائم والغلول، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فيا عباد الله: اتقوا الله جل وعلا، ومن كان معتدياً على شيء ليس له؛ فليرجع إلى حده، ومن كان قد غصب شيئاً ليس له؛ فليتق الله وليرده إلى صاحبه، ومن كان في نفسه شيء من مالٍ؛ فليراجع صاحبه حتى يُمضي معه صلحاً؛ فإن الصلح تبرأ به الذمم؛ ما لم يكن صلحاً متفقاً فيه بالباطل على الباطل؛ فإن الصلح على الباطل باطل، ولا حول ولا قوة إلا بالله! عباد الله: ما شأن الناس في هذا الزمان يتخاصمون، ويتنازعون، ويحلفون, ويشهدون الزور، ويرتشون، وكلٌّ يقول: هذا لي. وأحدهم والله يعلم أنه كاذب فيما يشهد، ويحلف ويدعي ويرشي؟!......




السلف ومراقبة الله





أين الناس من مراقبة الله في هذا الزمان؟! أين الناس من زمان مر فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة، فسمع أمَّاً تقول لبنتها: [يا بُنَيَّة! قومي فامذُقي اللبن بالماء، قالت البنت: يا أماه! إن هذا لا يجوز، ,إن أمير المؤمنين قد نهى عن هذا! فقالت الأم: إن عمر لا يرانا الآن، فالتفتت البُنَيَّة إلى أمها صائحة، وقالت: يا أماه! إن كان عمر لا يرانا، فإن رب عمر يرانا]. وكان ابن عمر ذات يوم في برية، فوجد راعياً، وأراد أن يمتحنه، فقال: [اذبح لنا شاة من هذه الشياة، قال: لا. إنها ليست لي، وإن شئتَ حلبت لك شاة منها، فتشرب لبناً قال: لا. أعطنيها وخذ قيمتها من الدنانير، وإذا جاء صاحبها قل: إن الذئب افترسها وماتت، فالتفت الراعي إلى ابن عمر، وقال: فأين الله؟! فأين الله؟! فأين الله؟! -صاح ثلاثاً، وهو يقول: فأين الله- ... إن غاب الراعي، فإن ربي ورب الراعي موجود، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض]. فما بال الناس في هذا الزمان يعتدون تحت سمع السلطة وبصرها بعضهم على بعض، ويعلمون أن الله رقيب حسيب؟ لكن ...


إذا الإيمان ضاع فلا أمانٌ ولا دُنْيا لمن لم يحي دينا


والله لا لذة ولا هناءة ولا سعادة ولا استقرار إلا بالإيمان ومراقبة الله جل وعلا. فاتقوا لله يا عباد الله. جاءت امرأة إلى الإمام أحمد ، وقد كان محبوساً في زمن المحنة، فقالت: يا أبا عبد الله ! إن السلاطين يخرجون بالمشاعل على سطوح قصر الخليفة، أفيجوز أن أنسج الصوف في ظل نور قصر السلطان؟ قال: رحمكم الله! إنكم من آل بيت تقىً وزُهد، أنتم من آل فلان؟! قالت: نعم. قال: فذاك أمر لا يخرج إلا من عندكم. تسأل أبا عبد الله أحمد بن حنبل، تقول: أيجوز أن أنسج الغزل تحت أنوار قصر الخليفة؟ فيعجب أحمد بن حنبل: هذا كلام ليس من سائر الناس، هذا لا يكون إلا في بيت بني فلان، بيتٌ عُرف بالورع، وعُرف بالزهد، وعُرف بالتقى والمحاسبة. عباد الله: لن نكون متشائمين إذا قلنا: إن لقمة الحلال في هذا الزمان نادرة! والله ثم والله ما أصاب الناس من الأمراض ومن المحن والمصائب وقلة الغيث وقلة الإجابة والبلاء والفتن، ما أصابهم إلا من لقم الحرام، من طعام الحرام، من شراب الحرام، كلهم لا يبالي إلا ما قل وندر في هذا الزمان، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يمضي على الناس زمان، لا يسلم فيه أحدٌ من الربا، من لم يأكله صراحة أصابه من غباره) والله إنه لهذا الزمان، إن لقمة الحلال أندر من النادر في هذا الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فلنراقب أنفسنا يا عباد الله، ولنحاسب أنفسنا فيما نركب، فيما نصْيَف، فيما نعمل في دوائرنا. ثم انظروا عِظَم التساهل! كم يوجد عندنا في هذه المملكة من موظف؟ مليونا موظف -مثلاً- على وجه التقريب؟ لو كل موظف أتلف ورقة واحدة في يوم من الأيام لكان حصيلة التلف والإسراف وإهدار مال الأمة: مليوني ورقة في يوم واحد، فما بالك إذا غصب دفتراً، وهذا أخذ قلماً، وهذا أخذ سيارةً، وهذا صرف وقوداً، وهذا فعل، وهذا ترك، إن الناس لا يحاسِبون فيما يفعلون في هذا الزمان. فراقبوا الله يا عباد الله، راقبوا الله في أنفسكم، وفيما ولاكم الله عليه. يقول أحدهم لي: أنا مسئول دائرة من الدوائر، فيأتي موظف يقول: لو تسمح! تصوِّر لي هذا المخطط في هذه الآلة، فأقول: هذا ليس لك، وليس لي، وليس من حقنا؟ فيتهمني بالتعقيد والتشديد والتضييق. نعم. فليقل لك ما يقول، ما دامت ذمتك بريئة. إذا أذن لك المسئول المفوض بالأمر والنهي في هذا، فعند ذلك برئت ذمتك، أما إذا كنتَ مسئولاً فلا تصرف قلماً، ولا تصرف ورقةً، ولا تصور قرطاساً، ولا تؤدِّ لتراً، إلا إذا كان مأذوناً لك فيه، وما سوى ذلك، فحسبك وذنوبك ونفسك أن تتحملها، فضلاً عن أن تحمل ذنوب الآخرين يوم القيامة.......




أعظم الغلول






فيا عباد الله: فلنتق الله جل وعلا. روى الإمام أحمد عن أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أعظم الغلول عند الله: ذراع في الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار، فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً، فإذا قطعه طُوِّقَه من سبع أرضين يوم القيامة) ولا حول ولا قوة إلا بالله! وليعلم أولئك الذين يظنون أن من الشجاعة ومن الذكاء ومن الحنكة، الذين إذا تنازعوا على أرض من الأراضي، ولَّجوها لرجل أقوى منهم. تجد إنساناً يملك قطعة يسيرة، فيمتد عن يمينها وشمالها ومن قدامها وخلفها، فإذا بلغ حداً ما، فتنازع مع جيرانه ذهب إلى رجل أقوى منه، وقال: أبيعك هذه الأرض بما فيها من المشاكل والقضايا والدعاوى، فيتولاها ذاك القوي، فيعجز الضعفاء أن ينالوا حقهم عند ذلك. ألا فليعلم أولئك أن الله جل وعلا قد نهى عنه بقوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188]. لا تظنن أن بيعك لهذه الأرض، وما حولها وما جاورها من المشاكل والمصائب والخصومات منجيك من التبعية في الدنيا والآخرة، بل أنت موقوف ومسئول بين يدي الله جل وعلا. أيها الأحبة: لا تظنوا أن هذا الكلام بعيد عن واقعنا، في كل صقع وأرض وشبر من أرضكم يوجد نزاع وخصومات بين الناس، بنو فلان يعتدون على بني فلان، وفلان يعتدي على أرض فلان، وهَلُمَّ جَرا، وكأن المسألة قوة وغلبة وسيطرة واستعلاء. أفلا يحاسبون أنفسهم أمام الله؟! أفلا يراقبون أنفسهم أمام الله؟! أفلا يتقون الله؟! ثم هذا الذي يغصب أرضاً كبيرة عريضة والله ليس لك من هذه الأرض إلا قبراً توضع فيه. فاتق الله يا عبد الله، واتق الله فيما أنت فيه، واقطع باب الخصومة، واقطع دابر النزاع، إن كان حق الناس عندك؛ فاردده، وإن كنت مغتصباً فعد إلى حدك. أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم إلى الحلال طعاماً وشراباً وكسباً ونفقة. اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مُبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا باغياً إلا قطعته، ولا تائباً إلا قبلته، بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين. إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّـوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيـماً [الأحزاب:56]. اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر. وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء: أبي بكر، وعمر، و عثمان، وعلي، وارضَ اللهم عن بقية العشرة، وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.......




الشبكة الإسلامية -الشيخ سعد البريك-