قصة الصحابي كعب بن مالك رضي الله عنه وإحدى عبرها
تذكرت موقف الصحابى الجليل كعب بن مالك وكان كعب قد تخلف عن غزوة تبوك التي سمي جيشها بجيش العسرة ، والسبب في هذه التسمية أن المسلمين مروا بصعوبات كثيرة في تمويل الجيش ؛ حيث إن العدد كان كبيرًا ، وعدتهم كانت ضئيلة ، وقد تخلف المنافقون عن هذه الغزوة بدون أعذار . ولما عاد المسلمون إلى المدينة دخل الرسول ( إلى المسجد أولا ، وصلَّى فيه ركعتين ، فدخل عليه المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد مع النبي ، وبدءوا يكذبون على الرسول ، ويتعللون بأعذار واهية . ولكن كعبًا لم يكذب على النبي ، وأقر بذنبه وتقصيره في حق الله وتكاسله عن الجهاد ، وفعل مثله هلال بن أمية ومرارة بن الربيع ، وكانا قد تخلفا أيضًا . وبعدما سمع النبي كلام كعب ، أمر المسلمين أن يقاطعوه وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بدون عذر ، فلم يكلمهم أحد من المسلمين ، ولم يتعاملوا معهم . فجلس الاثنان كل منهما في بيته يبكيان ، أما كعب فلم يحبس نفسه مثلهما ، بل كان يخرج للصلاة ، وكان إذا سار في السوق أو غيره لا يتحدث معه أحد ، وكان لكعب ابن عم يحبه حبًّا شديدًا هو الصحابي الجليل أبو قتادة - رضي الله عنه - ، ولما اشتد الأمر بكعب ، ذهب إلى ابن عمه أبي قتادة في بستانه وألقى عليه السلام ، ولكن أبا قتادة لم يرد عليه ، فقال له كعب : يا أبا قتادة ، أنشدك بالله ، هل تعلمني أحب الله ورسوله ؟ فلم يرد عليه أبو قتادة ، فكرر كعب السؤال ، فقال أبو قتادة : الله ورسوله أعلم ، ففاضت عينا كعب بالدموع وتركه . وذات يوم ، ذهب كعب إلى السوق ، فإذا برجل نصراني من الشام يسأل عنه ، وعندما قابله أعطاه النصراني رسالة من ملك غسان ، فقرأها كعب ووجد فيها : أما بعد ، فإنه قد بلغني أن صاحبك محمدًا جفاك ، (هجرك وتركك) ولم يجعلك الله بدار مذلة أو هوان ، فالحق بنا نواسك . وبعد أن قرأ كعب الرسالة قال في نفسه : والله إن هذه أيضا من الفتنة والابتلاء ، ثم ألقى بالرسالة في النار . وهذا هو الشاهد من القصة انه حين يرضى عنك عدو الله وعدو دينك فاعلم انك على خطر عظيم