وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الغالي"فارس"
اقتباس:
ليتك يا اخ عمار أو اي احد
يتفضل بالإيتيان لنا بتعريف
أدق وشامل للبيعة
|
لقد تفضل الشيخ ببيان شافي لمفهوم البيعة؟
إن كنت تريد المعنى اللغوي فهذا لا يحتاج إلى عناء لأنه معلوم ومثل الذي يسأل عنه كمن يسأل عن معنى الماء والهواء.
وإن كنت تسأل عن المعنى الكيفي أي كيفية مبايعة الإمام فقد وضحها الشيخ الفوزان حفظه الله ولم يخرج عما قرره جمهور الفقهاء وأئمة السلف الصالح,
يقول المارودي ((فَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ لِلِاخْتِيَارِ تَصَفَّحُوا أَحْوَالَ أَهْلِ الْإِمَامَةِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِمْ شُرُوطُهَا فَقَدَّمُوا لِلْبَيْعَةِ مِنْهُمْ أَكْثَرَهُمْ فَضْلًا وَأَكْمَلَهُمْ شُرُوطًا وَمَنْ يُسْرِعُ النَّاسُ إلَى طَاعَتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُونَ عَنْ بَيْعَتِهِ , فَإِذَا تَعَيَّنَ لَهُمْ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ مَنْ أَدَّاهُمْ الِاجْتِهَادُ إلَى اخْتِيَارِهِ عَرَضُوهَا عَلَيْهِ , فَإِنْ أَجَابَ إلَيْهَا بَايَعُوهُ عَلَيْهَا وَانْعَقَدَتْ بِبَيْعَتِهِمْ لَهُ الْإِمَامَةُ فَلَزِمَ كَافَّةَ الْأُمَّةِ الدُّخُولُ فِي بَيْعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِطَاعَتِهِ , وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُجِبْ إلَيْهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا عَقْدُ مُرَاضَاةٍ وَاخْتِيَارٍ لَا يَدْخُلُهُ إكْرَاهٌ وَلَا إجْبَارٌ , وَعُدِلَ عَنْهُ إلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا .)) الأحكام السلطانية.
فالمبايعة تكون من أهل العقد والحل فمتى كان ذلك وجب على البقية اتباع أهل الحل والعقد لأنهم فضلاء الأمة وذوي الرأي والمكانة فيها والمتبوعين فيها وهم شركاء-أعني أهل الحل والعقد- للإمام في تحمل الأمانة وأنهم سيحلمون وزره إذا لم يتحروا في إختياره الصواب.
قال العلامة الشوكاني - رحمه الله - ( السيل الجرار 4/513 ) :
« وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يُبايعه كل من يصلح للمبايعة , ولا من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من جُملة المُبايعين ؛ فإن هذا الاشتراط - في الأمرين - مردودٌ بإجماع المسلمين أوّلهم وآخرهم , سابقهم ولاحقهم . ولكن التحكّم في مسائل الدين وإيقاعها على ما يُطابق الرأي المبنيّ على غير أساسٍ يفعل مثل هذا .
وإذا تقرر لك ما ذكرناه :فهذا الذي قد بايعه أهلُ الحلّ والعقد :
قد وجبتْ على أهل القُطر الذي تنفُذُ فيه أوامره ونواهيه طاعته بالأدلة المتواترة » انتهى .
هناك عدة تعريفات لهم من طرف العلماء والباحثين لكنها تنصب في قالب واحد ولا أريد أن أطيل عليك بذكر كل الأراء بل سأحاول جمعها والتوفيق بينها بإختصار شديد حتى لا تختلط عليك الأمور فأقول وبالله وحده أصول وأجول:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أهل الشورى هم أهل الحل والعقد في الأمة الإسلامية,وهم أهل الإختيار الذين بيدهم ترشيح الخليفة, والمفاضلة بين المرشحين, ومحاسبة الخليفة وعزله فهم الأشراف والأعيان, هم العلماء والرؤساء ووجوه الناس, وقد اشترط الفقهاء فيهم شروطا عديدة, منها العدالة والإسلام والرأي والعلم بشروط الإمام والأمانة وهناك شروط تكميلية ذكرها العلماء كالخبرة والتجربة والإجتهاد و الورع والمواطنة . هذه الشروط ذكرتها بالإجمال حتى لا يخرج الموضوع عن سياقه فمن أراد أن أفصل له في شرط من الشروط فليذكر الشرط ونحن في الخدمة إن شاء الله.(وليس لي من هذا كله إلا النقل عن أهل الإختصاص))
قال النووي في شرح مسلم:
(أما البيعة فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس، ولا كل أهل الحل والعقد، وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس)اهـ.
وهم المشارون بقوله تعالى((وأمرهم شورى بينهم)) ولا يمكن أن يكون الشورى بين جميع أفراد الأمة,فتعين أن يكون بين جماعة تمثل الأمة ويكون رأيها كرأي مجموع أفراد الأمة,وما هؤلاء إلا أهل الحل والعقد.
قال ابن بطال في شرح البخاري في بيعة الصديق:
(ثم بايعه الناس أحسن بيعة وأجملها. فدل هذا الحديث أن القوم لم يبايعوه إلا بعد التشاور والتناظر واتفاق الملأ منهم الذين هم: أهل الحل والعقد على الرضا بإمامته)اهـ.
كيف يعرفون ويعينون:
قال الأخ أبو حمزة:
اقتباس:
اخي الكريم اهل الحل والعقد هؤلاء من يختارهم الحاكم ام عامة الشعب
|
الجواب:
يعرفون من خلال صفاتهم –الآنفة الذكر- فمن توافرت فيهم تلك الصفات أصبح تلقائيا من أهل الحل والعقد , يتحمل مسؤولياته ويقوم بها دون تكليف من أي جهة كانت(أنظر نظام الحكم في الشريعة والتاريخ لظافر القاسمي ص236) أي أن بعض الأفراد يتدرجون صعدا حسب الصفات التأهيلية, وحسب نظرة كل مجتمع حتى يصلوا إلى درجة الريادة والسيادة في المجتمع.
وإذا كانت أسباب التدرج في المجتمعات الغير المسلمة تنطلق من منطلقات مادية, فإن ذلك يختلف في المجتمع المسلم, فأسباب التدرج والصعود تبدأ بالتقوى والخلق والعلم. ثم رجاحة العقل وسداد الرأي, ثم الخبرة , ثم الشوكة, وهكذا.
والحجة في ذلك ما كان عليه الواقع السياسي في القرون المفضلة.فقد كان التركيب الإجتماعي والسياسي يبرز أهل الحل والعقد في يسر, فقد كان رؤساء الأسر ووجهاء القوم معروفين بأعيانهم في المجتمع المحدود لكل حاضرة كبيرة في الأقطار الإسلامية, كما كان الكبراء معروفين بالشرق والعرب في شتى المجتمعات القديمة والوسطى والحديثة إلى ما قبل شيوع النظام البرلماني.
فأهل الحل والعقد لا يحتاجون إلى أن يعينهم شخص أو فئة لأن علمهم وراجحة عقلهم وخبرتهم وغيرها من الصفات هي التي تعينهم وتفرضهم على المجتمع فإن من يصل إلى درجة التأثير في المجتمع لا بد أن يشتهر أمره وأن يشار إليه بالبنان, ولا سيما أهل العلم فإنهم كما يقول الشوكاني((لا بد أن يرفع الله لهم من الصيت والشهرة ما يعرف به الناس أنهم الطبقة العالية))السيل الجرار4/508.