منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حكم تغيير المنكر باليد لآحاد الرعية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-01-02, 14:07   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
azam
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية azam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


توطئة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وبعد:

فإن الإسلام - وهو دين الله الحق - قد جاء بكل ما فيه مصلحة ومنفعة محققة للناس في دنياهم وآخرتهم، ونهى عن كل ما فيه مفسدة ومضرة محققة لدنيا الخلق وآخرتهم.

لذا فالإسلام في حقيقته هو أمر بكل معروف ونهي عن كل منكر، وإن خيرية هذه الأمة مترتبة على كونها آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر بعد إيمانها بالله كما قال جل جلاله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (آل عمران: 110).

وإن الله سبحانه وتعالى جعل من أخص خصائص المجتمع المسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فيِ اْلأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاةَ وَءَاتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالمعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (الحج: 41).

وما استحق بنو إسرائيل اللعنة إلا لتركهم لهذا الأمر العظيم {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ بَني إِسْرَاءِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؛ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} (المائدة: 78 - 79).

وقد أمر رسولنا صلى الله عليه وسلم من رأى منكراً أن يغيره: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (7)، ولقد صدق الغزالي رحمه الله حين قال عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنه ( (القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين)) (8).

وقد كثر اللغط في هذه الأيام حول هذا الموضوع، وأُثيرت حوله الشبهات وأُعلنت حروب شعواء على شباب الإسلام الذين يحاولون - ما وسعهم الجهد - أن يأتمروا بأمر الله ورسوله فيغيروا ما استطاعوا من هذه المنكرات الفاشية التي صار مجتمعنا يموج بها ليل نهار.

ولما لم يستطع هؤلاء أن يشككوا في مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام؛ لجأوا إلى طريق أخرى وهي أن يدّعوا أن تغيير المنكر باليد إنما هو من خصائص الحكام، وليس لمن دونهم من الناس الحق في ذلك. وهم يعلمون جيداً أن حكام هذه الأيام لا يقومون بهذا الأمر، بل الواضح أنهم يفعلون ضد ذلك تماماً؛ فهم يشجعون المنكرات والفواحش ويحمونها ويحاربون دعاة الحق وينكلون بهم، فلم يكن هناك بد من تسطير هذه الصفحات نبين فيها الحق بمشيئة الله تعالى حتى يعلمه طلاب الحق من المسلمين.إن الحق الذي نعتقده وندين به: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو واجب الأمة جمعاء، وأن لآحاد الرعية من المسلمين تغيير المنكر بأيديهم وليس فقط بألسنتهم وقلوبهم، وذلك بضوابط نذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.

وفي الصفحات التالية تجد عرضاً لأدلتنا في ذلك مؤيدة بأقوال العلماء الأثبات في هذا الموضوع.

والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين... آمين.

عبد الآخر حماد
أسيوط في 4 شعبان 1408هـ
22 مارس 1988م


(7) صحيح مسلم: كتاب الإيمان (باب كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان). وسيأتي تمام تخريجه قريبًا إن شاء الله تعالى.

(8) إحياء علوم الدين (2/306).









رد مع اقتباس