منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - القول الرشيد في أهم أنواع التوحيد
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-12-31, 02:29   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
azam
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية azam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

( لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده . بل حقيقة التوكل توحيد القلب . فما دامت فيه علائق الشرك ، فتوكله معلول مدخول . وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه . فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة .
ومن ههنا ظن من ظن أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب . وهذا حق ولكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح . فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب وتعلق الجوارح بها فيكون منقطعا منها متصلا بها ) مدارج السالكين (2/125) .
وبالجملة فالقلب يجب عليه أن لا يتوكل إلا على الله فهو مرجوه وعياذه وملاذه ، ولا يتوكل أحد على مخلوق إلا لرجائه له .
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : ( وما رجا أحد مخلوقا أو توكل عليه إلا خاب ظنه فيه فإنه مشرك ) . الفتاوى (10/257) .
{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [الحج : 31].
وبالاعتبار يلاحظ أن كثيرا من الأفراد والجماعات يحصل لهم الخذلان العاجل أمام عدوهم وذلك بسبب عدم توكلهم على ربهم بل يتوكلون إما على شخص معظم وإما على دولة وإما على السبب أو غير ذلك فيتخلف النصر ، وذلك أن الله تعالى أمر عباده بالتوكل عليه فإن قاموا به مع سائر الواجبات ضمن الله لهم النصر والتأييد والفوز والظفر والتمكين في الأرض وإن لم يقوموا به فالخذلان حاصل لهم وهذه سنة الله في عباده فإن الله ينصر من عبده وتوكل عليه وأخلص أعماله له . ويخذل من أشرك به وجعل له شريكا ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا .
ومن أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله : ( النذر ) فإنه عباده لمدح الله للموفين به في قوله : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } [الإنسان : 7].

فإذا ثبت كونه عبادة فصرفه لغير الله شرك أكبر . فمن نذر لغير الله كأن ينذر لنبي أو ولي أو غيرهما كعبدالقادر الجيلاني أو البدوي فهو مشرك شركا أكبر .
وقد عمت البلوى بالنذر لغير الله في هذا الزمان فأريقت الدماء وقربت الذبائح لمن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، زاعمين أن لهم بذلك معظم الأجور . وأنى لهم الأجور وقد أتوا بالفجور ، والله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبا .
وهذه الذبائح التي أريقت لغير الله لا يجوز أكلها لأنها مما ذبحت لغير الله .
قال تعالى:-
{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ } [ الأنعام: 121 ].
والمرتد وإن قال على ذبيحته (( بسم الله )) لا تحل ذبيحته ما دام عابداً غير الله صارفاً له جل العبادات من نذرٍ وغيره.
وقد اتّفق المسلمون على أنّ نذر المعصية لا يجوز الوفاء به مع اتفاقهم أيضاً على أنّ نذر الطاعة يجب الوفاء به ، لما روى البخاري في " صحيحه " من طريق طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - -: (( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )).
وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في نذر المعصية هل تجب فيه كفارة يمين أم لا ، على قولين لأهل العلم ، أظهرهما أنّه تجب فيه كفارةٌ لعموم ما روى مسلم في " صحيحه " من طريق عبد الرحمن بن شماسة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - - قال: (( كفّارة النذر كفّارة يمين )).
قال العلاّمة ابن القيّم - رحمه الله -:
( وهذا يتناول نذر المعصية من وجهين:
أحدهما / أنّه عام لم يخص منه نذر دون نذر.
الثاني / أنّه شبّههُ باليمين ومعلوم أنّه لو حلف على المعصية وحنث لزمه كفارة يمين بل وجوب الكفارة في نذر المعصية أولى منها في يمين المعصية ) تهذيب السنن (9/118 - عون المعبود ) .
ومن أنواع العبادة التي أمر الله بصرفها له : الركوع ، والسجود.
قال تعالى:- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الحج: 77 ].
وقال تعالى:- { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً } الآية [ محمّد: 29 ].
فمن ركع أو سجد لغير الله فقد جعل مع الله إلهاً آخر فلا يراد بالركوع أو السجود في شريعتنا إلاّ التعظيم لمن يركع له أو يسجد له ، والتعظيم عبوديةٌ من أجلِّ العبوديّات فمن صرف التعظيم لغير الله فقد صرف خالص حق الله لمن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.
ومثل الركوع والسجود: الانحناء. فلا ينحني العبد إلاّ لله لأنّه يراد بالانحناء التعظيم . وتعظيم غير الله من أعظم الشرك وأقبحه.
والركوع والسجود والانحناء كل ذلك محض حق الله. وصرفه لغير الله شركٌ في الأفعال.
قال تعالى: ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) و ( أحدا ) نكره في سياق النهي فتفيد العموم ، فتعم كل مدعو من دون الله سواء كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا ، فصرف الركوع والسجود والانحناء وغير ذلك من العبادات لغير الله مناف لما بعث الله به محمدا - صلى الله عليه وسلم - وهدم لملة إبراهيم ( عليه السلام ) وتجديد لما اندرس من الشرك وإحياء لملة عمرو بن لحي الذي غير دين إبراهيم وأحيا الشرك .
وأما رفع اليد عند رؤية الرؤساء والأكابر فهذا تشبه بالكافرين .
وفي مسند الإمام أحمد بسند حسن ، عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من تشبه بقوم فهو منهم).
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ( وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ، كما في قوله تعالى: ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) المائدة51.
وأما إن رفع يده ووقف خاشعا خاضعا لمتبوعه فهذا نوع من الشرك بالله وقد وقع في هذا خلائق لا يحصون .
وهذا مصداق لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم قلنا يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال فمن ) .
رواه البخاري ومسلم من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- به .
وما أعز في هذا الزمان من يعمل بالحق ، بل ما أعز من يعرفه فإن القلوب في هذا الزمان يغلب عليها النفور عن قبول الحق وتحريه، وأدنى شبهه تعرض للقلوب تجدها تلفي إليها ولو كانت الشبه ظاهرة البطلان .
فهم يتشبثون بما هو أوهى من بيت العنكبوت .
وهذا من غربة الدين وتغير أحوال المسلمين .
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ) رواه مسلم (2/175-176، نووي ) من حديث أبي هريرة . ورواه أيضا : (2/176) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما .
وخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - صدق فلا بد من تحققه ووقوعه ، وقد تحقق ما أخبر به فهذا الزمان يشبه أزمان الفترات لقلة من يعرف الحق ويعمل به ، فأصبح المعروف عند الكثير منكرا حتى أنه في بعض البلدان أصبح النهي عن الشرك والكفر فجورا ، والأمر بالكفر والشرك معروفا .
وأي اغتراب فوق هذه الغربة التي فيها نقضت عرى الإسلام عروة عروة , وتكلمت الرويبضة , وأدلت بالباطل والفجور وجعلته الحق والمعروف الذي أمر الله به .
والواجب على من عرف الحق واستبان له اتباعة والقيام به وإن خالفه من خالفه وجفاه من جفاه .