منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أهمية مسائل الإيمان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-12-28, 03:51   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
azam
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية azam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكفر

تعريف الكفر :

لغة : هو تغطية الشىء وستره وكل من ستر شيئا فقد كفره ومنه سمى الزراع كافرا لستره البذر بالتراب ، كفار : أسم فاعل وصيغة مبالغة لأنه مستمر فى عمله ، قال تعالى : { كمثل غيث أعجب الكفار نباته } ، أى أعجب الزراع نباته - على احد القولين فى تفسير هذه الأية - وسمى الكافر كافرا لأنه ستر نعم الله عز وجل .

قال الأزهرى : ( و نعمه أياته الدالة على توحيده ، والنعم التى سترها الكافر هى الايات التى أبانت - ظهرت - لذوى تمييز أن خالقها واحد لاشريك له وكذلك أرسال الرسل بالايات المعجزة والكتب المنزلة و البراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة فمن لم يصدق بها وردها فقد كفر نعمة الله أى سترها وحجبها عن نفسه ) [لسان العرب لأبن منصور].

أصطلاحا : هو نقيض الإيمان وضده وهو الكفر بالله وبأنعمه وبما أن الأيمان قول وعمل وأعتقاد كذلك الكفر يكون باعتقاد وقول وعمل .

اسباب الكفر :
وهى الأمور التى أذا فعلها الأنسان حكم عليه بأنه كافر وفى أحكام الدنيا أثنان لا ثالث لهما :
1- قول .
2- فعل : ومنه الترك أو الأمتناع .

يعنى قول مكفر أو فعل مكفر .

أما على الحقيقة ، فهو ثلاثة :
1- قول مكفر .
2- فعل مكفر .
3- أعتقاد مكفر : ومنه الشك لأن الشك متردد وليس منعقد [1].

أنواع الكفر : والكفر نوعان من حيث أرتباطه بالعمل :
1- كفر أكبر .
2- كفر أصغر .

قال أبن الأثير : ( والكفر صنفان الكفر بأصل الأيمان وهو ضده والاخر بفرع من فروع الأسلام فلا يخرج به من أصل الأيمان ) [نهاية غريب الحديث والأثر :4 /186].

أولا: الكفر الأكبر :
تعريفه : وهو الكفر الصريح الذى يخرج صاحبه من الملة ولا يعصم ماله ودمه به فتجرى عليه أحكام الكفر أن كان كفره أصليا أو أحكام الردة أن كان كفره بعد الاسلام و فى الاخرة مخلد فى النار ولا تناله شفاعة الشافعين و الكفر الأكبر أو الكفر الاعتقادى أو الكفر البواح أو الكفر الحقيقى مخرج من الملة ومثال ذالك قوله تعالى : { أن الذين كفروا وماتو وهم كفار أولئك عليهم لعنة اللله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون } .

وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) [رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي] ، وحديث عبادة بن صامت : ( ألا ان تروا كفرا بواحا. . . الحديث ).

أنواع الكفر الأكبر باعتبار البواعث - الدوافع - :

أولا : كفر التكذيب ؛ ويسمى كفر الأنكار ايضا وهو أن ينكر بقلبه و بلسانه الخالق أو الرسل أو الملائكة أو أى أمر معروف من الدين بالضرورة كالواجبات والمحرمات كالدهريين والشيوعيين ومن كان على شاكلتهم ، قال تعالى : { الذين كذبوا الكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون } ، وقال تعالى : { والذين كفروا وكذبوا باياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .

ثانيا : كفر الجحود ؛ وهو معرفة الحق بالقلب وانكاره باللسان ، قال ابن كثير : ( وهو يعرف الله بقلبه ولا يقر بلسانه ) [النهاية] ، كاليهود وأمثالهم ممن يجد أمرا معلوما من الدين بالضرورة كالذين يبدلون الخطاب الشرعى ، قال تعالى : { وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } ، وقال تعالى : { وما يجحد باياتنا الا كل ختار كفور } .

ثالثا : كفر العناد ؛ وهو من كان يعترف بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به حسدا وبغيا مما جعله معاندا ، قال تعالى : { ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد } ، قال تعالى : { كلا انه كان لاياتنا عنيدا } ، وكذا قصة وفات أبى طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم .

رابعا : كفر الأعراض ؛ وهو الذى يعرض عن الدين وعن تعلم ما يجب عليه تعلمه ، قال تعالى : { ومن أضلم ممن ذكر بأيات ربه وأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه } ، وقال تعالى : { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } .

خامسا : كفر ألأباء و الاستكبار ؛ وهو رديف كفر العناد ولكن صاحبه سبب عناده للحق هو الكبر و الأباء والترفع ككفر أبليس و أتباعه من الطواغيت الذين رأوا فى تسويتهم مع الفقرأءالمسلمين و ضعفائهم استخفافا لهم ولقدرهم ، قال تعالى : { فسجدوا ألا أبليس أبى وأستكبر وكان من الكافرين } ، وقوله تعالى : { قالوا أنؤمن لك و أتبعك الأرذلون } ، وقوله تعالى : { وأستكبر هو وجنوده فى الأرض بغير الحق } .

سادسا : كفر الشك والريب ؛ وهو من لم يطمئن قلبه بالإيمان ويخالطه وساوس النفوس وعدم تيقنه بما يعتقده ، قال تعالى : { وأذا قيل أن وعد الله حق والساعة لاريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة أن نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين } ، وقوله تعالى : { أنهم كانو فى شك مريب } .

سابعا : كفر النفاق ؛ هو الذى يظهر الأسلام ويبطن الكفر ويسمى نفاقا أعتقاديا ، قال تعالى : { أن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار } ، وقوله تعالى : { وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم الله } .

ثامنا : كفر الاستعلاء بجحد واجب أوستباحة المحرم ؛ هو الذى يستحل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله وهذا امر مجمع عليه فى قوله تعالى : { أنما النسيء زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله فيحلوا ما حرم الله * زين لهم سوء أعمالهم والله لايهدى القوم الكافرين } .

قال النووى : ( وأن أرتد بجحود أو أستباحة محرم ثم صلح اسلامه حتى يرجع عن ما أعتقد ويعيد الشهادتين لأنه كذب بالله وكذب رسوله بما أعتقده فى خيره فلا يصح أسلامه حتى يأتى بالشهادتين ) [المجموع : شرح المهذب : 14 : 131].

ويشمل هذا الكفر الأعمال الداخلة فى المرتبة الثانية من مراتب الإيمان أما الاعمال فى المرتبة الأولى فهو يكفر بمجرد فعله أو تركه بغض النظر عن الجحود أو الأستباحة .

قال أبن تيمية : ( والأنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه كان كافرا باتفاق العلماء ) [مجموع الفتاوى :3 :267].

ويعبر عن الأستحلال بالنطق كما فى النسىء المذكور فى الأية فأن أبا ثمامة كان ينادى بها فى الحج . ويعبر عنه أيضا بالكتابة كما تنص الدساتير والقوانين الوضعية بتحليل الخمر والزنا ومنع الجهاد وتطبيق الشريعة وغيرها وله نفس الحكم القاعدة الفقهية " الكتاب كالخطاب " [المغنى والشرح الكبير :11 /326 ، شرح القواعدالفقهية للشيخ أحمد الزرقا :285].

وكذالك يعبر عنه بالعمل كالذى تزوج بأمرأة أبيه فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتله وتخميس ماله .

تاسعا : كفر الكره أو البغض ؛ كالذى يكره شيئا من شرع الله أو مما أنزله الله ويتمنى أنه لم يكن منهم أو يكره المسلمين لأسلامهم لقوله تعالى : { والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم * ذالك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم } ، وقوله تعالى : { أن الذين أرتوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم و املى لهم ذالك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم فى بعض الأمر والله يعلم أسرارهم } .

عاشرا : كفر الأستهزاء ؛ لقوله تعالى : { قل أبالله وأياته ورسوله كنتم تستهزؤن *لاتعتذروا قد كفرتم بعد أيمانكم } ، قال تعالى : { وقد نزل عليكم فى الكتاب أن أذا سمعتم أيات الله يكفر بها و يستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره أنكم أذا مثلهم أن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا } .

الحادى عشر : كفر التولى عن الطاعة ؛ قال تعالى : { قل أطيعوا الله والرسول فأن تولوا فأن الله لا يحب الكافرين } ، وهو التولى عن طاعة الله والرسول فيما هو كفر وقد يحمل على التولى بواعث كالحسد والشك و الأعراض .

الثانى عشر : كفر الحسد ؛ وهو كاليهود لم يؤمنوا حسدا من عند أنفسهم كقوله تعالى : { أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله } .
الحسد : تمنى زوال النعمة .
الغبط : تمنى أن يكون له مثله .

وأنواع الكفر هذه والبواعث الباطنية الحاملة بصاحبها على الكفر الظاهر أى أسباب الكفر - قول وعمل - وهذه البواعث الباطنية هى أعمال قلبية يضاد كل منها عملا من أعمال القلب الداخلة فى أصل الإيمان [2] .

علم × جهل
تصديق × تكذيب
يقين ×شك
أنقياد × أعراض
محبه × كره
تعضيم و توقير × أستهزاء

وقد تجد سبب الكفر ويختلف نوعها - أى الباعث - مثلا كفار مكة و اليهود وهرقل فقد اتحد السبب فيهم وهو ترك الاقرار و أختلف النوع و فى كفار مكة الجحود و الاعراض واليهود حسدا و أستكبارا ، وهرقل التولى و أتباع الهوى .

قال ابن تيمية : ( أن كل من لم يقر بما جاء به الرسول فهو كافر سواء أعتقد كذبه أو أستكبر عن الإيمان به أو أعراض عنه أتباعا لما يهواه أو أرتاب فيما جاء به فكل مكذب لما جاء به فهو كافر وقد يكون كافرا من لا يكذبه أذا لم يؤمن به ) [الفتاوى :3 /315] .

قال أيضا : ( فأن الكفر عدم الأيمان بالله ورسله سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب بل شك وريب أو أعراض عن هذا كله حسدا أو كبرا أو أتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن أتباع الرسالة وأن كان الكافر المكذب أعظم كفرا كذالك الجاحد المكذب حسدا مع أستيقانه صدق الرسول , والسور المكية كلها خطاب مع هؤلاء ) [الفتاوى : 13 /335].

[إعداد قسم الإفتاء والبحوث في جماعة أنصار الإسلام في كردستان]


[1] والدليل على ذالك راجع موضوع القاعدة " أن الأحكام تجرى على الضاهر والله يتولى السرائر " - الدرس العاشر - .
[2] للمزيد من المعلومات راجع " معارج القبول " للحافظ الحكمى :2 /21 ، " مدارج السالكين " 366 .