2009-03-06, 02:03
|
رقم المشاركة : 2
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
ابن المقـفـع :
وُلِد حوالي سنة ( 106 ) هجريّة في مدينة جور قرب شيراز ، وكان أبوه مجوسيّاً من أصلٍ فارسيٍّ ..
كان من المتمرّدين على الآراء التقليدية ، واللجوء - عنده - إلى حكم العقل هو علاج السوء والحمق والفساد ، وهو السبيل للكشف عن الحقيقة .. يقول : ( العقل مكتسبٌ بالتجارب والأدب ، وله غريزة مكنونة في الإنسان ، كامنة كالنار في الحجر ، لا تظهر ولا يُرى ضوؤها حتى يقدحها قادح من الناس ، فإذا قُدحت ظهرت طبيعتها ، وكذلك العقل كامنٌ في الإنسان ، لا يظهر حتى يُظهره الأدب وتقويه التجارب ..)(1)
ويقول أيضاً : ( غاية الناس وحاجاتهم صلاح المعاش والمعاد ، والسبيل إلى إدراكها العقل الصحيح ، وإمارة صحة العقل اختيار الأمور بالبصر ، وتنفيذ البصر بالعزم ، وللعقول سجيّات وغرائز ، بها يُقبل الأدب ، وبالأدب تنمو العقول وتزكو ..)(2)..
وهكذا نرى أن فلسفة ابن المقفع فلسفة عقلية ، ترفض الآراء التقليدية البعيدة عن العقل ، وتعتبر العقل بمثابة السبيل الوحيد للكشف عن الحقيقة ، ولتحقيق غاية الإنسان ..
الجاحـظ :
وُلد سنة 159 هجرية في البصرة ، امتاز بتجربة فلسفية شاملة ، تدلّ على اطّلاعه على ثقافة عصره وما سبقها من ثقافات ، ولذلك نراه ينتقد أرسطو وعلماء عصره من فقهاء ومحدّثين .. ولم ينجُ الأدباء والشعراء والخطباء والمترجمون وحتى العامة من نقده ..
اعتقد الجاحظ بأن للمعرفة وجهاً مجرداً مشتركاً بين جميع الأمور، وأن المعرفة الإنسانية صرحٌ تتعاقب الأمم وتتآزر في بنائه ..
وعلى الرغم من أن الجاحظ يعتبر التجربة مقدمةً للوصول إلى الحقيقة ، ويطمئن إلى المعرفة الحسّيّة الاختباريّة ، إلاّ أنّه في الوقت ذاته ينبّه إلى أخطاء الحواسّ وخداعها ، ويعدّ العقل الفيصل الأخير الذي يُحتَكَم إليه .. فيقول : ( فلا تذهب إلى ما تريك العين ، واذهب إلى ما يريك العقل ، وللأمور حكمان : حكم ظاهر للحواس ، وحكم باطن للعقول .. والعقل هو الحجّة )(3) ..
ومنهج الجاحظ للوصول إلى اليقين هو أن يتمّ البدء بالشكّ المنهجي الواعي عبر طريق المعرفة العقلية .. أي يتمّ دفعُ الشكِّ باليقين من خلال المشاهدة والتجربة والمحاكمة البرهانيّة ..
النـظـّام :
وُلد في البصرة سنة 160 هجرية ، وكان من الموالي .. وقد سبقت عقليّة النظّام زمنها ، فكان فيها ركنا الشكّ والتجربة ، اللذان سارت بهما أوروبة في نهضتها الحديثة .. يقول النظّام : ( نازعت الشُكّاك والملحدين فوجدت الشُكّاك أبصر بجواهر الكلام من أصحاب الجحود .. إن الشاكّ أقرب إليك من الجاحد ، ولم يكن يقين قط حتى صار فيه شك ، ولم ينتقل أحد من اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتى يكون بينهما حالة شك )(4) ..
ولذلك من الطبيعي أن يكون النظّام مؤمناً إيماناً شديداً بالعقل في تفسير القرآن الكريم ، وفي نقد الأحاديث ، وأعمال الصحابة ، وآراء الفقهاء .. يقول : ( لا تسترسلوا إلى كثيرٍ من المفسرين ، وإن تصبو أنفسهم إلى العامة ، وأجابوا في كل مسألة ، فإن كثيراً منهم من يقول بغير رواية ، على غير أساس ، وكلما كان المفسر أغرب عندهم كان أحب إليهم .. )(5) ..
ويقول في نقد المحدثين : ( لقد قدمتم السنور على الكلب ، ورويتم أنّ النبي rأمر بقتل الكلاب واستحياء السنانير وتقريبها وتربيتها ، وأنّه قال : إنهن من الطوّافات عليكم ، مع أنّ كلّ منفعة السنور هي أكل الفأر فقط .. وهو مع ذلك يأكل حمامكم وفراخكم والعصافير التي يتلهى بها أولادكم ، ويأكل الطائر الذي يُتخذ لحسنه وحسن صوته ، فإن هو عفّ عن أموالكم ، لم يعفّ عن أموال جيرانكم ، ومنافع الكلب لا تحصيها الطوامير ، ثم السنور مع ذلك يأكل الأوزاع والعقارب والخنافس والحيّات ، وكل خبيثة ، وكل ذات سم ، وكل شيء تعافه النفس ، وقلتم في سؤر السنور وسؤر الكلب ما قلتم ، ثم لم ترضوا به حتى أضفتموه إلى نبيكم )(6) ..
(1) المدخل إلى الفلسفة . د . عادل العوا – د . غسان فينيانس – جامعة دمشق – عام : 1982 م – ص : 35
(2) المرجع السابق – ص : 37
(3) المرجع السابق – ص : 42
(4) المرجع السابق – ص : 40
(5) المرجع السابق – ص : 38 (6) المرجع السابق – ص : 38
|
|
|