نعم إن الإنسان لا يقاس بالبصر ولا بسلامة الأعين , وإلا فقد خلق الله الحمار أوسع المخلوقات عينا , لقد كان سعد بن ابي وقاص رجلا مجاب الدعوة ولكنه لما فقد بصره على كبر قال له أبناؤه : سل الله أن يرد عليك بصرك فأنت مجاب الدعوة فقال بلسان اليقين ومنطق الحق المبين : استحي من الله أن أسأله ذلك ولكني أسأله أن يدخر لى ذلك عنده في الآخرة إن الله إذا ابتلي عبده بفقد حبيبتيه أى عينيه فصبر لم يجد له جزاء غلا الجنة .
يعيرني الأعداء والعيب فيهم وليس بعيب أن يقال ضرير إذا أبصر المرء المروءة والوفا فإن عمي العينين ليس يضير رايتا لعمي أجرا وذخرا وعصمة وإني إلى تلك الثلاث فقير ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) وقد يكون الخير كامنا في الشر . لقد سألني أحد أعضاء اللجنة : لماذا استأت من هذه الكلمة ؟ وسألني سؤالا عقب به على هذه الكلمة فقال : أتحب إن تكون مبصر العينين عاصيا لله ؟ أم مكفوف البصر طائعا لله ؟ وأجبت عن هذا السؤال إجابة ضافية وافية نابعة من يقين صادق وعقيدة راسخة قلت : إن قضاء الله لا يقابل بغير التسليم وليس له عدة سوي الصبر الجميل وإن طاعة الله لا يعدلها شئ في الأرض ولا في السماء فالعز كل العز في طاعته والذل كل الذل في معصيته واستشهدت بقوله جل شأنه: ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ) ولم يقل تعالى : " يهديهم بأبصارهم " بل إن هناك قوما قال الله تعالي في شأنهم ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) .