في يوم الامتحان
في صبيحة هذا اليوم صحبني شقيقي عبد الستار إلى لجنة الامتحان بالمعهد , وكان الامتحان شفويا للمكفوفين , وكانت اللجنة مكونة من أعضاء ليسوا من العاملين بمعهد القاهرة إنما جاءوا من معاهد أخري لأنها شهادة , وبدأنا الامتحان بالتفسير فكانت فاتحة خير, فقد أعجب الشيوخ بإجابتي في تفسير كتاب الله حتى قام أحدهم يدعو أعضاء اللجان الأخري ويقول لهم : تعالوا لتسمعوا العلم من منابعه الصافية , كنت ساعتها قد أفاض الله علىّ في آيات من سورة الملك.
وانتقلنا من التفسير إلى غيره من المواد وبينما نحن في هذا الصفاء العلمي , وذلك السمو الروحي , وفي جو اتسم بدفء اليقين بينما نحن كذلك , إذ دخل علينا شيخ المعهد , وأراد أن يلقي طرفه يمزح بها مع اللجنة لكنها يا للأسف كانت فظاظة في القول . فقد جرحني في أمر لا يدلي فيه . إذ قال : ماذا فعل هذا الأعمي معكم ؟ وعلى الفور رأيتني كالطير الجريح بل الذبيح , فإن هذه الكلمة لا أطيق سماعها وقد أمرنا الله تعالي أن نتأدب مع خلقه خاصة فيما خلق الله , على سبيل الفور قلت له : وهل أنت الذي أبصرت نفسك , فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور . وحضرني في ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه وقد كف بصره :
إن أذهب الله من عيني نورهما ففي فؤادي عقلي منهما نور عقلي ذكي وقلبي ما حوي دخلا وفي فمي صارم كالسيف مشهور