منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نحو فلسفة إسلامية جديدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-03-05, 03:23   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

منهج الفلسفة الإسلامية الجديدة

وبناءا على ما سبق يمكن أن نقترح منهجا قوامه مبادئ ثلاثة تكون قاعدة لدراسة الفلسفة الإسلامية:
1. مبدأ التسليم
ومصدر هذا المبدأ الوحي وهو القرآن دون بقية النصوص، وذلك يعني أن النصوص التي تستحق أن يسلم ما جاء فيها هي نصوص القرآن، وذلك إذا تعذر فهمها أو كانت مفهومة ولكنها غير محكمة الدلالة. أما مجال هذا المبدإ الذي يدور فيه ولا يخرج عنه هو مجال الإلهيات. ويشترط لهذا المبدأ الإيمان، أي أن الذي يسلم به لابد أن يعتقد بصحته ويؤمن به.

2. والمبدأ الثاني من مبادئ المنهج الجديد التحليل ومصدره العقل، لأن العقل يصل إلى الحقائق عن طريق تحليلها وربط بعضها ببعض، ومجاله اللغة وشرطه العلمية. فمبدأ التحليل يمكن الفلسفة الإسلامية دراسة اللغة دراسة تحليلية لمعرفة استخداماتها في مختلف المجالات الفلسفية، وكذلك دراسة القضايا الرياضية والمنطقية، وشرط هذا المبدإ العلمية، أي أن تكون نتائجة علمية ولا يشترط أن تكون واقعية لأنها قد تكون علمية ولكنها غير واقعية كأن تكون حقيائق رياضية أو منطقية.

3. المبدأ الثالث من مبادئ المنهج الجديد ينبغي أن يكون التعقيل، ومصدره الكون، كما أن مجاله الإنسان، وشرطه الشمولية. فالتعقيل مبدأ يمكن من الفلسفة الإسلامية معالجة القضايا غير العلمية أو القضايا التي لا يمكن إثباتها بطريقة علمية، بطريقة تكون مقبولة لدي العقل الإنساني، ذلك أننا ندرك الوجود إذا كانت معقولة وأما إذا كانت غير معقولة فقد يتعذر فهمها وإن كانت حقاً. فشروط هذا المنهج، كما بينا، هي:

أولاً: أن يكون منهجا إيمانيا يعترف بوجود الله سبحانه وتعالى وكذلك الوحي الإلهي والنبوة وذلك تبعا لمنهج التسليم الذي اخترنا لمجال الإلهيات، وهذا معلم من معالم الفلسفة الإسلامية، فإذا كانت الفلسفة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة قد تميزت من غيرها بإنكارها لله ولا يسلم الفيلسوف عندهم بوجود حقيقة من الحقائق، فإن من ميزات الفلسفة الإسلامية أنها خلاف ذلك فهي تسلم بوجود خالق للكون، وكذلك تسلم وجود هذا الكون كحقيقة من الحقائق التي لا يمكن إنكارها وذلك أن التسليم مبدأ مهم جدا لتفسير وجود الكون والحياة وذلك أننا نسلم بوجود إله قادر على كل شيء وعالم بكل شيء وكذلك نثبت جميع الصفات التي جاء بها القرآن التي ينبغي أن يتصف بها خالق كهذا.

وهذا الأمر مهم جدا لأننا والحالة هذه لا نسلم فقط بما جاء في ديننا الحنيف من الحقائق بل نستطيع أن نتغلب على المشكلات التي واجهها الفلاسفة المسلمون، ومن هذه المشكلات مشكلة صدور الخلق عن الله، وذلك أنهم اعتقدوا أنه لا يصدر عن الواحد إلا واحد، فكيف تصدر المادة عن الجوهر الذي ليس بمادة، وكيف تصدر هذه الكثرة عن الواحد الذي لا يوجد فيه أي نوع من أنواع الكثرة، وللجواب على هذا السؤال اخترعوا نظرية العقول العشرة وهي التي يعرف بنظرية الفيض، وملخصها أن العقل الأول المفارق للمادة يصدر عنه عقل آخر، وهذا الأخير بما أنه مشتق فهو مركب، ويتميز بمعرفته بالمبدأ وبمعرفته بوجوده هو من جهة أنه إمكان وبمعرفته لذاته، ومن هذه الأطوار الثلاثة تتولد موجودات ثلاثة وهي عقل ومادة ونفس، ومن هذا العقل الأخير تتولد موجودات ثلاثة أخرى، وهكذا إلى أن نصل إلى العقل العاشر.
فهذه النظرية الوثنية التي لا تمت بصلة إلى الإسلام يجب أن يرفضها العقل المسلم، وإذا أردنا أن نجد حلا للمشكلات السابقة، فإنه يكفينا أن نقول إن ما توهمه هؤلاء أنه مشكلة ليس بمشكلة إطلاقا لأن مجرد اعترافنا بوجود إله قادر، عالم.. إلخ، يحل ما توهمه هؤلاء بأنه مشكلة، ذلك أنه لا معنى من الناحية المنطقية أن نتساءل كيف يخلق الله المادة وهو نفسه ليس بمادة بعد أن اعترفنا بأنه قادر على كل شيء، وأنه عليم بكل شيء، فإذا كان الله قادرا على كل شيء فليس هناك ما يمنع منه أن يجعل الروح مادة أو المادة روحا.

ثانيا. أن يعتمد على الوحي بالإضافة إلى العقل والكون، والاعتماد على الوحي لا يعني أن يسلم الفيلسوف المسلم بكل ما يظن أنه وحي بل ينظر في المبادئ التي يقررها الوحي ويحاول تحديدها وتفسيرها معطيا الأولوية المنهج الذي يكون وثيق الصلة بموضوع البحث على ما قررناه آنفا، ويستخلص منها آراء فلسفية تتلاءم مع العقيدة الإسلامية الصحيحة، وهذا النوع من الدراسة يمكن أن يكون كدراسة مفهومي الزمان والمكان في القرآن، وكذلك مفهوم الحركة، ومفهوم الإنسان، وحرية الفكر إلخ، وقد كانت هذه المفاهيم من أهم القضايا التي أوقعت الفلاسفة المسلمين في تناقضات وحيرة لأنهم اعتمدوا على التعريف الأرسطي لهذه المفاهيم، فالزمان هو عد حركة المادة على رأي أرسطو، وقد أخذ ابن رشد هذا التعريف للزمان مما جعله عاجزا عن فهم أصل الوجود وما إذا كان هذا الكون قديما أو محدثا، وكذلك فشل كل الذين سبقوه في تصور مفهومي الزمان والمكان كالفارابي وابن سينا مما جعلهم يؤمنون بنظرية الفيض المستمدة من الفلسفة الرواقية في أصل الخليقة، فمفهومي الزمان والمكان واضحان في القرآن، فهناك زمانان ومكانان، زمان ومكان مؤقتان وزمان ومكان دائمان وكلاهما مخلوق لله سبحانه وتعالى وقد خلق الله العالم في زمانه وليس في زماننا نحن، فلا يجوز خلط هذه الأمور.

ثالثا. أن يكون هذا المنهج منهجا واقعيا يبحث في الأمور الواقعية التي تخص حياة المسلمين وأن لا يتيه في الفرضيات ودراسة النظريات العقيمة التي لا تنتج شيئا، وهذا ما نعني به دراسة الإنسان وحقوقه وحرياته.. إلخ.
وبهذه الطريقة تستطيع الفلسفة الإسلامية تشكيل نظريات ومعتقدات سليمة مستمدة من المصادر الأصلية للإسلام.

ولتوضيح العلاقات القائمة بين المصادر والمجالات والمبادئ والشروط التي يتطلبها المنهج الجديد الذي ينبغي أن تدرس الفلسفة الإسلامية في ضوئه نثبت فيما يلى:
[/url[/IMG]