تجارب التفريغ الكهربائي ودورها في تطور مفهوم تركيب المادة
كانت لتجارب التفريغ الكهربي دور انقلابي في تاريخ الذرة عندما أثبتت وجود جسيمات سالبة الشحنة في ذرات العناصر عرفت بالالكترونات ، وتتألف أنبوبة التفريغ الكهربي من أنبوبة زجاجية تحتوي على قطبين معدنين في طرفيها ويتصل القطبان من الطرف الأخر بمصدر كهربي عالي الجهد ، وعندما تكون الأنبوبة مملوءة بالهواء عند الضغط الجوي العادي فلا يلاحظ أي شيء ولكن إذا فرغت الأنبوبة من الهواء وعرضت إلى فرق جهد كهربي مرتفع ( 10000 فولت ) وتم طلاء الأنبوب ببعض المواد الكيميائية مثل كبريتيد الخارصين يلاحظ إشعاع ضوء من الأنبوب .
وبالبحث عن مصدر هذا الضوء ومحاولة التعرف على ماهيته وجد أن المصدر هو القطب السالب ( المهبط ) في الأنبوب لذلك سميت هذه الأشعة بأشعة المهبط وهي في الحقيقة ليست أشعة بل عبارة عن جسيمات ذات كتلة تحمل شحنة سالبة ، وقد تم التعرف على كونها جسيمات ذات كتلة بوضع عجلة صغيرة في مسار الأشعة فلوحظ بأنها تتحرك وبتعريض هذه الأشعة لمجال مغناطيسي لوحظ انحرافها بطريقة تشير إلى أنها تحمل شحنة سالبة ، واتضح أن هذه الجسيمات متشابهة مهما كانت المادة المصنوع منها القطب السالب ومهما كان نوع الغاز في الأنبوب .
عرض شكويف لأنبوبة التفريغ الكهربي ( اضغط هنا )
وقد أدت التجارب التي أجراها أولاً أويجن جولد شتاين في 1886 م إلى اقتراح أن
الجسيمات الموجبة تتكون أيضاً في أنابيب التفريغ حيث يوجد القطب الموجب في أحد طرفي الأنبوب والقطب السالب الذي يتكون من قطعة من المعدن المحفور بها ثقب في الطرف الأخر ويتم وضع حاجز كاشف خلف القطب السالب وعند التشغيل يلاحظ خيط مضيء يمكن أن ينحرف بواسطة مغناطيس في اتجاه مضاد للانحراف الذي يحدث لأشعة المهبط في أنبوب التفريغ الكهربي والاستنتاج هو أن هذا الخط المضيء ما هو إلا حزمة من الجسيمات الموجبة ، ويمكن تفسير هذه الظاهرة بأن الالكترونات المنبعثة من المهبط ( أشعة المهبط ) تصطدم بذرات الغاز المتعادلة الموجود في الأنبوب الزجاجي فتؤدي إلى طرد بعض الالكترونات الموجودة بذرات الغاز وتؤينها لتكون أيونات موجبة ومن ثم ستنجذب هذه الأيونات الموجبة بطبيعة الحال نحو القطب السالب للتعادل بعض الذرات عليه بينما تنفذ بعض هذه الجسيمات من خلال الثقب الموجود بالمهبط وترتطم بالانبوب مكونةً حزمة من الجسيمات الموجبة ، وقد وجد أن هذه الجسيمات تكون أثقل من الالكترونات وتعتمد كتلتها على نوع الغاز الموجود في الأنبوب ،
وبهذا كانت هذه التجربة أول تجربة تشير إلى وجود جسيمات تحمل شحنة موجبة في ذرات العناصر .
في عام 1895 للميلاد اكتشف ( ويليم رنتجن ) الأشعة السينية (X rays )عندما لاحظ صدور اشعاعات عالية الاختراق قد نتجت من اصطدم أشعة المهبط بالفلزات ، كما اكتشف بيكريل أن اشعاعاً مشابهاً تقريباً قد انبعث تلقائياً بواسطة خام اليورانيوم في عملية تعرف حالياً بالتحلل عن طريق النشاط الاشعاعي .
وبدراسة طبيعة هذه الاشعاعات الناتجة من العناصر المشعة كاليورانيوم مثلاً تم التعرف على مكوناتها وهي :
1- اشعة الفا وهي الحقيقة جسيمات وليست أشعة ( أيونات عنصر الهيليوم الموجبة ) .
2- جسيمات بيتا وهي عبارة عن الكترونات .
3- جسيمات متعادلة أشعة جاما وهي عبارة عن أشعة شبيه بالأشعة السينية .