هكذا أيتها المدينة، يا بسكرة، ها أنت يتيمة و وحيدة، إذ ترجل الشاعر عمر البرناوي.
لا يمكنني تصور مدينة دون شاعر.
المدن بشعرائها.
إذن لا يمكنني تصور بسكرة دون عمر البرناوي.
كم هي أيها الراحل هذه المدينة دونك قفر، خلاء و انتظار و لا جواب.
أيها الشاعر
يا عمر البرناوي هل ارتبطت بمدينتك أم بسكرة هي التي بك ارتبطت؟
كنتما معا دائما.
كانت مدينة التمر و بن قيطون مملكتك،
وكنت نخلتها
نزقها
سفيرها
طفلها المدلل.
كنت تعرف كيف تتدلل أيها الشاعر، تتدلل علينا جميعا.
و يحق لك أن تتدلل لآنك صاحب ” لأجلك عشنا يا وطني”.
كان عمر البرناوي مثقفا وطنيا متحمسا دائما، مليئا بالجزائر و تاريخها.
كان البرناوي شجاعا لا يتردد في قول ما يؤمن به أمام كائن ما كان أو يكون.
قد نختلف معه لكنه كان دائما واضحا في الر أي.
كان البرناوي فصيحا معتصما بلغة عربية جميلة. لغة واقفة ما بين الشعر و خطاب الاعلام,
كان البرناوي على طول الحياة مستعدا لإلقاء خطاب.
كان منشدا.
كنت أرى فيه الممثل الذي أخطأ طريقه إلى الشاشة،
كان أنيقا دائما.
لعمر البرناوي مشيته الخاصة به، مشية ما بين الثقة و الزهو العالي، مشية لا تشبهها إلا مشية الشاعر الروسي يوفتشنكو أو محمود درويش.
لا يمكن للبرناوي أن يتحدث دون أن يقول نكتة.
كان يخرج نكته من كتب التراث عن الشعراء و الفقهاء.
ماذا أقول و قد رحل شاعر مدينة بسكرة مدينة الغفران.
أقول للقراء أن يقرؤوا كتابه النثري الأخير بعنوان ” الولادة الثانية”
و الولادة الثانية سيرة ذاتية تبدأ مع بداية رحلة حياة عمر البرناوي طفلا في مدرسة بسكرة إلى منتصف 2003.
سيرة ذاتية بصيغة الجمع فيها يعرض الشاعر البرناوي مساره الشخصي من بسكرة إلى قسنطينة إلى تونس إلى بغداد ثم مصر ثم الجزائر.
سيرة ذاتية عن تاريخ الجزائر و لكن أهم ما في هذا الكتاب هو سيرة المثقفين الجزائريين أيام الثورة، ففيه يعرض إلى من تعرف عليهم من المثقفين الجزائريين الذين سيشكلون لاحقا الحياة الثقافية و الفكرية و الجامعية و الإعلامية و السياسية في بلادنا ما بعد الاستقلال.
في ” الولادة الثانية” يذكر من عرفهم أو صاحبهم أو عاشرهم من أمثال: الدكتور عبد الله الركيبي و الدكتور عبد الله شريط و و الشاعر محمد الأخضر السائحي و الجنيدي خليفة و عيسى مسعودي و لمين بشيشي و غيرهم ممن عرفهم في تونس أو بغداد أو القاهرة.
في كتابه السيروي ” الولادة الثانية” حديث أيضا عن المرجعيات التي أسست للمثقفين الجزائريين الذين توجهوا نحو الشرق، مرجعيات سياسية و فكرية و أدبية.
في ” الولادة الثانية” مساره الشخصي أيضا مذيعا و نجما ميكروفونيا في تونس و بغداد و الجزائر.
في ” الولادة الثانية” سيرة ذاتية دون طهرانية كاذبة أو مزيفة.
في ” الولادة الثانية” يتحدث الشاعر عمر البرناوي بكل صدق و عفوية و شجاعة دون حواجز أو بروتوكولات.
إذا أراد القراء تكريم الشاعر عمر البرناوي فما عليهم إلا أن يقرؤوا هذه السيرة الذاتية ليدركوا كم كان جهاد جيل عمر البرناوي من المثقفين و المبدعين كبيرا و كم كانت الطريق أمامهم شاقة.
--------------------------------------------------------------------------------