الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الأطهار وصحابته الأخيار،
أمّا بعد،
من فرائد الفوائد التي استفدتُ منها من الشيخ محمد حسّان، أنّ من علامات حبّ الله تعالى لعبده أن يوفقه للقيام بالنوافل مستدلا بالحديث القدسي المشهور" ... ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبّه".
لكنّ ما بالنا نسمع بل نحفظ على ظهر قلب، الأحاديث النبوية ـ مثلا ـ التي تحثّ على الإكثار من الصيام في شهر محرم ـ شهر الله الذي نسبه لنفسه ـ، وأنّ صيامه أفضل في الأجر والمثوبة من باقي نوافل أيام السنّة، ولا نحرك ساكنا !!، رغم أن الصيام في الشتاء " الغنيمة الباردة " كما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم.
بل حتى قيام الليل في الشتاء لا أسهل منه مقارنة مع باقي الفصول، ورغم ذلك لا نقوم بين يدي الله تعالى في الثلث الأخير ولو في نصف ساعة قبل الفجر، وهو وقت نزول الجبّار تعالى إلى السماء الدنيا ـ نزولا يليق به دون تشبيه ولا تعطيل ولا تأويلا ولا تفويض ـ.
وقسّ على ذلك كثيرا من أعمال الخير التي نضيّعها!!
- بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
* لفت انتباهي عندما خروجي من المسجد، أن المصليين يتسارعون ويلتفون حول بعض الباعّة، إذا كانت هناك " خردة" ، فسبحان الله!!، حطام الدنيا الزائلة لا نُسبق له والباقيات الصالحات نمرّ عليها مرور الكرام.
* قلتُ مازحا ذات مرة لزميل لي في العمل وقد كنتُ متوجها للمسجد بعد خروجي من العمل ( وهو لا يصلي في المسجد) : تعالى معي لتأكل مرطبات millefeuilles ، متكونة من 27 طبقة، فمشى معي متحمسا قائلا: هيّا بنا، ولكني قلتُ له بعد برهة: أقصد هيا معي لتصلي في المسجد وسوف تنال 27 حسنة، فغضب، وللأسف لم يذهب ورجع من طريقه، رغم أن المسجد لا يبعد إلا عشرات الأمتار!!.
الصورة الأولى : شيوخ ( كبار في السنّ) يجتهدون في حضور الجنائز....
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين..... وكان ابن عمر يصلي عليها ثم ينصرف فلما بلغه حديث أبي هريرة قال لقد ضيعنا قراريط كثيرة ( رواه البخاري ومسلم).
أعرف أكثر من عشرة شيوخ لا تكاد تفوتهم جنازة:
- منهم من يأتي يوميا خصيصا من بعد أكثر من 30 كلم، للمدينة، رجاء حضور جنازة.......
- ومنهم من يتنقل إلى خارج المدينة إذا سمع بوجود جنازة، مهما كان بعد المسافة....
- ومنهم من تعرضت سيارته في شهر رمضان إلى اصطدام، فأراد أولاده أن يدخلوا السيارة للإصلاح، فأبي قائلا: هل تريدون أن تفوتوا عليّ جنائز كثيرة، وبخاصة ونحن في شهر رمضان ؟ فأبى تصليحها حتى انقضى شهر رمضان الكريم....
- ومنهم من ماتت ابنته منذ شهرين تقريبا، ففي اليوم الثاني رأيته في جنازة!!
ولكن في المقابل ترى الواحد منّا، يتقاعس على فعل أدنى من ذلك، كالمحافظة على رواتب الصلاة !!
وهذا لا يعني أنه لا يوجد من الشباب من يُسارع مثلهم، فهم كُثّر، أعرف منهم أخ فاضل ، يحفظ معظم كلام الله تعالى ، محافظ على الصفّ الأول، وصيام الاثنين، الخميس وأيام البيض، يذهب باكر للمسجد يوم الجمعة قبل 09 صباحا، وكثيرا ما يذهب للمستشفى في الصباح للمساعدة في تغسيل الموتى!! ..........
ولا تكاد تفوته جنازة، ثمّ مباشرة بعدها يذهب للمستشفى الجامعي لزيارة المرضى، وأنا والله أغبطه وأحسده، لأنه لا يفتر عن حضور الجنازة وزيارة المرضى تقريب " يوميا" ..........
ـ نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكى على الله أحد ـ
الصورة الثانية :انظروا فعل صاحب هذا المحل!!
أترككم مع هذه الصور لمحل تجاري، توضّح مسارعة صاحبه للآخرة ـ نحسبه كذلك ـ، فلم يكتفي ببناء " عين " في الرصيف ليشرب منها المّارة، بل اغتنم موقع محله الذي يتوقف أمامه النّاس في انتظار الحافلة، فجعل واجهة المحل " صفحة دعوية"!!( تخدم عليه ).....