.../... تابع رسائل الأنس مع القرآن الكريم : قول في الآيات 156و157و158 من سورة البقرة.
و قال تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) الشورى. الذي يتبع سبيل الضلال بعد العلم بسبيل الحق فإنه قد ظلم نفسه من ابتعاده عما كان من التنزيل علما وعملا. وفي هذا تحمل مسؤولية الاختيار الحر.
و قال تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً(13) الكهف.
و قال تعالى: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً و َالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً (76) مريم.
و قال تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) محمد، والاهتداء متعلق بالعلم والعمل.
و قال: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ و سَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) الكهف، فحرية الاختيار المطلق الإلهية مكمن الهداية.
و قال: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (3)الأحزاب، و الإتباع هو إتيان التشريع الرباني الإلهي على أكمل وجه من غير تحريف أو تزييف.
و الوكيل من يستعان به في قضاء الحاجات و المصالح. لنقول إن الإنسان مسئول عما يفكر به و فيه و ما يظهر من ممارسته، و قد لا ينطبق الفكر مع الممارسة و ذلك راجع إلى أخطاء في المنهج العملي من حيث الترتيب للمعطيات الموجودة و المتاحة. و فهمنا لهذا من أصل الآية من سورة البلد إذ يقول الله سبحانه و تعالى فيها: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) ، الإيمان و الكفر.
إذ من هذا نستدل إلى أن سبحانه و تعالى قد خَلَقَ الخَلقَ و بث فيه القوانين، و أعطى الإنسان حقا معلوما، وحقلا محدودا، يمارس فيه فكره، لترسيخ القناعات الحاصلة من العمل العقلي، و التي تعطي له تصورا لما تكون عليه حياته، و لا تكون الهداية إلا مِن إتباع نداء الفطرة، على أساس مبدأ الحرية في الاختيار، والاختيار ملزم في الفكر والنظام والممارسة، فهي تتحقق برجاء الإنسان العون والتوفيق من الله، لتتحقق له المعرفة التامة به و يكون العمل بالقوانين الشرعية اهتداء، إذ يحقق منها أصل الخَلق ''العبادة''، فهي بقاء مسؤولية الإنسان عن ممارسته حاصلة منه ''له أو عليه'' إلاّ في ما لا يستطيع إليه سبيلا أي فيما لم يرد له حصولا أو ما لم يكن مسئولا عن حصوله،بمعنى ما كان مسيرا فيه لا مخيرا فيه كما خيّر بين الإيمان والكفر وهو مسير في كثير من الأشياء.فالهداية خالصة لإرادة الإنسان وما العون و التوفيق إلا بالله.وهكذا تكون هداية الدلالة. فالمسلم عملي حسب قدرته واستطاعته في أداء العبادة وأما في معاملاته كذلك حسب قدرته واستطاعته وفق معرفته بالواقع من ظروف موضوعية وتاريخية ويترك النتيجة لله لعدم تحكمه في ما هو حاصل في المستقبل من الزمن ليكون منها التوفيق من الله عز وجل والدعاء أن اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان.
قال تعالى: إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) سورة الليل، و إرادة الله حق، و مشيئته حق، و قدرته حق، وكل أسمائه وصفاته حق، ورحمة الله سبحانه و تعالى شأنه، إن شاء عذّب و إن شاء غفر و الجنة و النار حق ويغفر الله لنا إن شاء الله .فالاهتداء للحق من الحق من خلال ما أنزله على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، والجزاء من جنس العمل ليتم العدل الإلهي.
قال الله تعالى:إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) سورة النجم
وأما أن يبعث الله تعالى الإيمان في قلب عبده فهو نفحة من نفحاته و يفعل ما يريد. وهذا من التوفيق
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفار التواب الرحيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.