المطلب الثاني
الصلة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل والرسالات
الذين يزعمون أنَّهم مؤمنون بالله
ولكنّهم يكفرون بالرسل والكتب هؤلاء لا يقدرون الله حقَّ قدره
( وما قدروا الله حقَّ قدره
إذ قالوا ما أنزل الله على بشرٍ من شيءٍ )
[ الأنعام : 91 ]
فالذين يقدرون الله حقَّ قدره
ويعلمون صفاته التي اتصف بها من العلم والحكمة والرحمة
لا بدَّ أن يوقنوا بأنَّه أرسل الرسل وأنزل الكتب
لأن هذا مقتضى صفاته ، فهو لم يخلق الخلق عبثاً
( أيحسب الإنسان أن يترك سُدًى )
[ القيامة : 36 ] .
ومن كفر بالرسل وهو يزعم أنَّه يؤمن بالله
فهو عند الله كافر لا ينفعه إيمانه
قال تعالى :
( إنَّ الَّذين يكفرون بالله ورسله
ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله
ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ
ويريدون أن يتَّخذوا بين ذلك سبيلاً –
أولئك هم الكافرون حقّاً )
[النساء : 150-151] .
فقد نصَّت الآية على كفر من زعم الإيمان بالله وكفر بالرسل
( ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله )
يقول القرطبي في هذه الآية :
" نصّ سبحانه على أنَّ التفريق بين الله ورسله كفر
وإنَّما كان كفراً لأنَّ الله فرض على الناس
أن يعبدوه بما شرعه على ألسنة الرسل
فإذا جحدوا الرسل ردّوا عليهم شرائعهم
ولم يقبلوها منهم
فكانوا ممتنعين من التزام العبودية التي أُمروا بالتزامها
فكان كجحد الصانع سبحانه
وجحد الصانع كفر لما فيه من ترك التزام الطاعة والعبودية
وكذلك التفريق بين الله ورسله "
(1) .
........