الخبر عن اعتناق أشجع للإسلام
و تقول بعض الأخبار عن المؤرخين كابن خلدون و غيرهم أن إسلام"الأعراب" و القبائل العربية المجاورة للمدينة, و منهم"أشجع" و بنو أسد, لم يكن في بداية الأمر إلا وسيلة لتجنب الصدام مع جيش المسلمين الذي قويت شوكته بعد فتح مكة, إذ أنه لما افتتحت مكة,و دانت قريش و دخلها الإسلام, عرفت" الأعراب" و من بينهم"أشجع" أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم و عداوته, فدخلوا في دينه جنوحا للسلم و طلب المهادنة و ليس إيمانا منهم بالدعوة الإسلامية. و لهذا نزلت فيهم الآية الكريمة"قالت الأعراب آمنا. قل لم تومنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم"... الاية السورة
طـــــــــرائف أشجعــية:
ومن الروايات الطريفة أنهم لما جاؤوا ضمن الوفود لمبايعة الرسول صلى الله عليه و سلم قالوا:"جئنا نفاخرك بخطيبنا و شاعرنا" فاخرج أليهم الرسول صلى الله عليه و سلم"حسان بن ثابت" و" الأقرع بن حابس", فأنشد الأول و خاطب و فاخر الثاني. فتشاورت "أشجع" بينها ثم قالوا: هذا الرجل مؤيد من الله, خطيبه أخطب من خطيبنا, و شاعره أشعر من شاعرنا, فأسلموا وأحسن الرسول صلى الله عليه و سلم جوازهم.
و في هذه الحادثة وفد على رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل من"أشجع" يسمى"ضمضام بنثعلبة" و استحلف رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما جاء به من الإسلام, وذكر التوحيد والصلاة و الزكاة و الصيام و الحج واحدة واحدة, حتى إذا فرغ الرسول صلى الله عليه و سلم من القسم بصحتها, تشهد ضمضام و قال:"و الله لأؤدي هذه الفرائض و أجتنب ما نهيت عنه لا أزيد عليها و لا أنقص" ثم انصرف, فقال الرسول صلى الله عليه و سلم " إن صدق دخل الجنة".
وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم, الخلافة و حروب الردة
ما أن توفي الرسول صلى الله علبه و سلم, في السنة العاشرة للهجرة, حتى ظهرت الفتن وارتدت جل القبائل العربية عن الإسلام, بل أكثر من ذلك فقد ادعى بعضهم النبوة"كمسيلمة الكذاب", و كان أمره باليمامة,"وطليحة بن خويلد" في قبيلة بني أسد. و في خضم هذه الفتن ارتدت بطون غطفان عن الإسلام و من بينها قبيلة"أشجع" و امتنعت عن دفع الزكاة و طالبوا أبا بكر بالإقتصار على الصلاة فأبى أبا بكر و عزم على حربهم. فأغارت هذه القبائل على المدينة ووقع قتال شديد.
و اشتعلت نار الفتن و عادت القبائل العربية إلى عصبيتها, و ارتدت عن الإسلام, و ظهر المتنبئون بكل أنحاء شبه الجزيرة العربية, و كان المسلمون قد بايعوا أبا بكر لقتال أهل الردة فوقعت معارك ضارية.
و من أخبار"أشجع" أنها بايعت"طليحة بن خويلد",و بايعته بطون غطفان وأسد و هوازن و طيء. و كان طليحة هذا ادعى النبوة قبل وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم و هزم جيوش المسلمين. إلا أن هروب طليحة و ضجر غطفان من حربها ضد المسلمين جعلت هذه القبائل في موقع لا تصلح معه إلا المهادنة, و هو ما حدث فعادت أسد و غطفان إلى الإسلام.
و في عهد عمر رضي الله عنه اجتمعت قبائل"غطفان" و منها"أشجع" إلى"ساعى بنت مالك" وساندتهم فلال من هوازن و سليم و طيء و أسد, و نزلوا بلاد الجوأب فسار إليهم"خالد بن الوليد" فاقتتلوا حتى قتلت ساعى و تفرق عنها أحلافها من كل ناحية.
و قد شاركت"أشجع" في جل الغزوات التي خاضها جيوش أبا بكر و عمر ضد الفرس بالعراق وكذلك ضد الروم و حلفاؤهم بالشام.
و في غزوة الأكراد بتخوم البصرة بعث" الخليفة عمر" جيشا من المسلمين بقيادة"سلمة بن قيسالأشجعي"فدعا الأكراد إلى الإسلام أو دفع الجزية فرفضوا, فتولى قتالهم و هزمهم و غنم منهم جوهرة ثمينة أرسلها إلى الخليفة عمرفردها إليه هذا الأخير ليقسمها بين جنوده ففعل ذلك.
و لما اغتيل عمر على يد "لؤلؤة", بايع الصحابة عثمان و تواصلت الفتوحات في عهده. و سنحت الفرصة" لمعاوية" الذي كان واليا على الشام, و اقنع عثمان بالإبحار إلى قبرص قصد فتحها. فأرسل عثمان أسطولا و على رأسه"عبد الله بن قيس" و هو من قبيلة"فرارة" و أبناء عمومة "أشجع" و هما من غطفان. و لما نزل بقبرص صالحه أهلها على دفع الجزية(سبعة الاف دينار سنويا) و ختم الصلح على ذلك.
و قد حققت الجيوش الإسلامية, في عهد عثمان انتصارات ساحقة على حساب الروم غربا و ضد الفرس شرقا, و اجتمعت لدى المسلمين, و خاصة العرب منهم ثروات طائلة. فكان لبني أمية الحظ الأوفر فكانت نقمة على العرب و سببا على مقتل" عثمان" ووقعت بسببها فتنة عارمة أدت إلى معارك ضارية بين ا لقبائل العربية و حتى بين الصحابة و منها معركة"الجمل" و التي واجهت فيها جيوش"علي بن أبي طالب" أنصار عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه و سلم. و منهم طلحة والزبير, و كانت هذه الواقعة بداية لما يعرف "بالفتنة الكبرى". ثم طالب معاوية عليا بن أبي طالب بدم عثمان و اتهمه في اغتياله بصفة غير مباشرة. و كان معاوية قد رفض مبايعة علي, و رفض أيضا التنازل عن ولايته بالشام, و بهذا التقت جيوش الطرفين" بمعركة صفين" و ما نجم عنها من صلح كان خدعة دبرها عمرو بن العاص .
فانقسم أنصار علي إلى" شيعة" بايعوه و "خوارج" رفضوا الصلح, و كفروا علي و معاوية. و كانت"أشجع" من ضمن الخوارج.
إثر معركة"صفين" خرجت"أشجع" على أنصار علي كرم الله وجهه ضمن الخوارج فقاتلهم علي في معارك كثيرة و منها معركة "نهروان " و فيها انصرفت "أشجع" و على رأسها " فروة بن نوفل الأشجعي" في500 من فرسان "أشجع", قائلا :"اعتزل حتى يتضح لي أمر في قتال علي". ونزلت "أشجع" بلاد الدسكرة قرب النهروان بالعراق. بعد ذلك وقعت معركة بين أنصار علي والخوارج, فهزمهم علي و قتل منهم الكثير و فيهم " عبد الله بن شجرة الأشجعي" الذي سينتقم له أخوه " شبيب بن شجرة الأشجعي" بقتل علي بمساعدة "بن الملجم" و "وردان" من قبيلة تيم.