منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إلى المتعصبين لأقوال من يعظِّمون
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-22, 06:56   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ قُتَيْبَةَ رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ
( إِصْلاَحُ غَلَطِ أَبِيْ عُبَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ )

(( وَقَدْ يَتَعَثَّرُ فِي الرَّأْي جِلَّةُ أَهْلِ النَّظَرِ ، وَالْعُلَمَاءُ الْمُبَرِّزُوْنَ ، وَالْخَائِفُوْنَ للَّهِ الْخَاشِعُوْنَ ، فَهَؤُلاَءِ صَحَابَةُ رَسُوْلِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ -وَهُمْ قَادَةُ الأَنَامِ ، وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ ، وَيَنَابِيْعُ الْحِكْمَةِ ، وَأَوْلَى الْبَشَرِ بِكُلِّ فَضِيْلَةٍ ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنَ التَّوْفِيْقِ وَالْعِصْمَةِ - لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ بِرَأْيِهِ فِي الْفِقْهِ ، إِلاَّ وَفِي قَوْلِهِ مَا يَأْخُذُ بِهِ قَوْمٌ ، وَفِيْهِ مَا يَرْغَبُ عَنْهُ آخَرُوْنَ ، وَكَذَلِكَ التَّابِعُوْنَ .

وَالنَّاسُ يَخْتَلِفُوْنَ فِي الْفِقْهِ ، وَيَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فِي الْحَلاَلِ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ ، وَفِي الْحَرَامِ أَنَّهُ حَلاَلٌ ، وَهَذَا طَرِيْقُ النَّجَاةِ أَوِ الْهَلَكَةِ ، لاَ كَالْغَرِيْبِ ، وَالنَّحْوِ ، وَالْمَعَانِي ، الَّتِيْ لَيْسَ عَلَى الْهَافِي بِهَا كَبِيْرُ جُنَاحٍ ، كَالشَّافِعِيِّ يَرُدُّ عَلَى الثَّوْرِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، وَعَلَى مُعَلِّمِهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَأَبُوْ عُبَيْدٍ يَخْتَارُ مِنْ أَقَاوِيْلِ السَّلَفِ فِي الْفِقْهِ وَمِنْ قِرَاءَتِهِمْ ، وَيُرَذِّلُ مِنْهَا ، وَيَدُلُّ عَلَى عَوْرَاتِ بَعْضِهَا ، بِالْحُجَجِ الْبَيِّنَةِ ، وَعُلَمَاءُ اللُّغَةِ يَخْتَلِفُوْنَ ، وَيُنَبِّهُ بَعْضُهُمْ عَلَى زَلَلِ بَعْضٍ ، وَالْفَرَّاءُ يَرُدُّ عَلَى إِمَامِهِ الْكِسَائِيِّ ، وَهِشَامٌ يَرُدُّ عَلَى الْفَرَّاءِ ، وَالأَصْمَعِيِّ يُخَطِّىءُ الْمُفَضَّلَ ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحَاطَ بِهِ ، أَوْ يُوْقَفُ مِنْ وَرَائِهِ .


وَلاَ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْطَى أَحَداً مِنَ الْبَشَرِ مَوْثِقاً مِنَ الْغَلَطِ ، وَأَمَاناً مِنَ الْخَطَإِ فَنَسْتَنْكِفُ لَهُ مِنْهَا ، بَلْ وَصَلَ عِبَادَهُ بِالْعَجْزِ ، وَقَرَنَهُمْ بِالْحَاجَةِ ، وَوَصَفَهُمْ بِالضَّعْفِ وَالْعَجَلَةِ ، فَقَالَ { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } ، وَ {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } وَ { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } ، وَلاَ نَعْلَمَهُ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْماً دُوْنَ قَوْمٍ ، وَلاَ وَقَفَهُ عَلَى زَمَنٍ دُوْنَ زَمَنٍ ، بَلْ جَعَلَهُ مُشْتَرَكاً ، مَقْسُوْماً بَيْنَ عِبَادِهِ ، فَتَحَ لِلآخِرِ مِنْهُ مَا أَغْلَقَهُ عَنِ الأَوَّلِ ، وَيُنَبِّهُ الْمُقِلِّ مِنْهُ عَلَى مَا أَغْفَلَ عَنْهُ الْمُكْثِرَ ، وَيُحْيِيْهِ بِمُتَأَخِّرٍ ، يَتَعَقَّبُ قَوْلَ مُتَقَدِّمٍ ، وَتَالٍ يَعْتَبِرُ عَلَى مَاضٍ .

وَأَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ شَيْئاً مِنَ الْحَقِّ أَنْ يُظْهِرَهُ ، وَيَنْشُرَهُ ، وَجَعَلَ ذَلِكَ زَكَاةَ الْعِلْمِ ، كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَةَ زَكَاةَ الْمَالِ ، وَقَدْ قِيْلَ : " اتَّقُوْا زَلَّةَ الْعَالِمِ " ، وَزَلَّةُ الْعَالِمِ لاَ تُعْرَفُ حَتَّى تُكْشَفَ ، وَإِنَ لَمْ تُعْرَفْ هَلَكَ بِهَا الْمُقَلِّدُوْنَ ، لِأَنَّهُمْ يَتَلَقُّوْنَهَا مِنَ الْعَالِمِ بِالْقَبُوْلِ ، وَلاَ يَرْجِعُوْنَ إِلاَّ بِالإِظْهَارِ لَهَا ، وَإِقَامَةِ الدَّلاَئِلِ عَلَيْهَا وَإِحْضَارِ الْبَرَاهِيْنِ .

وَقَدْ يَظُنُّ مَنْ لاَ يَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ ، وَلاَ يَضَعُ الأُمُوْرَ مَوَاضِعَهَا ، أَنَّ هَذَا اغْتِيَابٌ لِلْعُلَمَاءِ ، وَطَعْنٌ عَلَى السَّلَفِ ، وَذِكْرٌ لِلْمَوْتَى ، وَكَانَ يُقَالُ " اعْفْ عَنْ ذِيْ قَبْرٍ " ، وَلَيْسَ ذَاكَ كَمَا ظَنُّوْا ، لأَنَّ الْغِيْبَةَ : سَبُّ النَّاسِ بِلَئِيْمِ الأَخْلاَقِ ، وَذِكْرُهُمْ بِالْفَوَاحِشِ وَالشَّائِنَاتٍ ، وَهَذَا هُوَ الأَمْرُ الْعَظِيْمُ ، الْمُشَبَّهُ بِأَكْلِ اللُّحُوْمِ الْمَيْتَةِ ، فَأَمَّا هَفْوَةٌ فِيْ حَرْفٍ ، أَوْ زَلَّةٌ فِيْ مَعْنَىً ، أَوْ إِغْفَالٌ ، أَوْ وَهَمٌ ، أَوْ نِسْيَانٌ ، فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا مِنَ ذَلِكَ البَابُ ، أَوْ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ مُشَاكِلاً أَوْ مُقَارِباً ، أَوْ يَكُوْنُ الْمُنَبِّهُ عَلَيْهِ آثِماً ، بَلْ يَكُوْنُ مَأْجُوْراً عِنْدَ اللَّهِ ، مَشْكُوْراً عِنْدَ عِبَادِهِ الصَّالِحِيْنَ ، الَّذِيْنَ لاَ يَمِيْلُ بِهِمْ هَوَىً ، وَلاَ تَدْخُلُهُمْ عَصَبِيَّةٌ ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ تَحَزُّبٌ ، وَلاَ يَلْفُتُهُمْ عَنِ اسْتِنَابِةِ الْحَقِّ حَسَدٌ .


وَقَدْ كُنَّا زَمَاناً نَعْتَذِرُ مِنَ الْجَهْلِ ، فَقَدْ صِرْنَا الآنَ نَحْتَاجُ إِلَى الاعْتِذَارِ مِنَ الْعِلْمِ ، وَقَدْ كُنَّا نُؤَمِّلُ شُكْرَ النَّاسِ بِالتَّنْبِيْهِ وَالدَّلاَلَةِ ، فَصِرْنَا نَرْضَى بِالسَّلاَمَةِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِعَجِيْبٍ ، مَعَ انْقِلاَبِ الأَحْوَالِ ، وَلاَ يُنْكَرُ مَعْ تَغَيُّرِ الزَّمَانِ ، وَفِي اللَّهِ خَلَفٌ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ .

وَنَذْكُرُ الأَحَادِيْثَ الَّتِيْ خَالَفْنَا الشَّيْخَ أَبَا عُبَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ فِيْ تَفْسِيْرِهَا ، عَلَى قِلَّتِهَا فِي جَنْبِ صَوَابِهِ ، وَشَكَرْنَا مَا نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ عِلْمِهِ ، مُعْتَدِّيْنَ فِيْ ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ :

أَحَدِهِمَا : مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ فِيْ عِلْمِهِ
وَالآخَرِ :
أَلاَّ يَقِفَ نَاظِرٌ فِيْ كُتُبِنَا عَلَى حَرْفٍ خَالَفْنَاهُ فِيْهِ ، فَيَقْضِيَ عَلَيْنَا بِالْغَلَطِ ، وَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَالِمُوْنَ ، وَمَا أَوْلاَكَ رِحِمَكَ اللَّهُ بِتَدَبُّرِ مَا نَقُوْلُ ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا ، وَكُنْتَ لِلَّهِ مُرِيْداً أَنْ تَتَلَقَّاهُ بِقَلْبٍ سَلِيْمٍ ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً أَوْ كَانَ فِيْهِ شَيْءٌ ذَهَبَ عَنَّا ، أَنْ تَرُدَّنَا عَنْهُ بِالاحْتِجَاجِ وَالْبُرْهَانِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فَي النُّصْرَةِ ، وَأَوْجَبُ لِلْعُذْرِ وَأَشْفَى لِلْقُلُوْبِ ) اهـ


فَرَحِمَهُ اللهُ عَلَى هَذِهِ الدُّرَةِ النَّافِعَةِ ، ونَفَعَ الْمُتَعَصِّبِيْنَ بِهَا

منقول

__________________









رد مع اقتباس