جواز الجزم في (وتكذب) مبني على كون الواو للعطف، والعطف على نية تكرار العامل، فيكون المعنى: (لا تأمر الناس بالصدق، ولا تكذب)، ولا يخفى ما فيه، فإن الإنسان لا ينهى غيره عن الأمر بالصدق، إلا عند قصد التهديد، وحمل الكلام ههنا عليه بعيدٌ.
وأما قولكم إن الواو في (لا تأكل السمك وتشربُ اللبن) -برفع: تشربُ-؛ أن الواو للحال، فالذي أعلمه من كلام النحاة في هذا المثال، أنهم يُخَرِّجون الرفع على أن الواو للاستئناف، وعليه ففيه النهي عن أكل السمك، وإباحة شرب اللبن.
بخلاف ما لو جعلناها للحال، فإنها تكون للنهي عن الجمع بينهما، تماما -أي: من حيث المعنى- كما لو جعلناها للمعية.
والله أعلم.