منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - هل من معين في الحصول على مساعدة علمية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-11, 23:53   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

يونس بن حبيب النحوي
94-182 هـ / 713 ـ 798م

صادق جعفر الروازق(*)


إمام النحو والقراءة.. استاذ الاصمعي وسيبويه والكسائي والفراء..
يونس بن حبيب بن عبد القاهر بن عبد العزيز بن عمر بن قيس بن أبي مسلم الماصر، أبو بشر، وهو ابن بنت حبيب بن الزبير، ويلقب بالضبيّ. ولد عام 94 هـ في العراق، والمشهور عن كنيته: «أبو عبد الرحمن» وذكر بعض المؤرخين أنه «أبو محمد»(1) و«أبو بشر»(2) ويذكر البعض: أن أغلب الروايات وقفت عند حد اسمه، واختلفت في لفظة «حبيب» هل هي أسم أمه أم أسمُ أبيه؟ والراجح أنه أسم أمُه(3).
نقول: والأكثر رجاحة أن «حبيب» هو اسم جده لأمه «حبيب بن الزبير بن مشكان»(4).
والحديث عن كنيته واسمه يقودنا عن معرفة أسرته وزواجه، وهذا ما لم تذكره الروايات إلا أن ابن الجزري أنفرد حين قال: «روى القراءة عنه ابنه حرمي بن يونس»(5)، أي انه له أبناً ولعل في هذا وهماً وقع فيه ابن الجزري، فلربما كان حرمي تلميذاً ليونس أو ان أسم أبيه يونس غير هذا المترجم له.
وعرف عن يونس بن حبيب انه عظيم القدر، مُهاباً في مجتمعه، وله منزلة علمية واجتماعية، ويحظى بمنزلة رفيعة عند السلاطين، كما أنـّه كان معروفاً بالستر والصلاح.
ويقال أن جدّه عمر بن قيس وأخيه عبد العزيز الماصر ممن خرجوا مع القراء على الحجاج لما أخرجهم بن الأشعث، فلما هزم ابن الأشعب هرب عبد العزيز والد يونس إلى أصبهان وتزوج بنت الزبير بن مشكان، وكان زواجهم في «الزبيرية»(6).
وكان أبو مسلم والد عمر من سبي الديلم، سباه أهل الكوفة وحسُن إسلامُه، وولد له قيس الماصر، ويقال أنـّه مولى لعلي بن أبي طالب(عليه السلام) وولاه الماصر، فهو أول من مَصَرَ الفرات ودجلة(7).
نشأته
نشأ يونس بن حبيب في منطقة «جبل» وهي قرية تقع على نهر دجلة بين بغداد والبصرة، ثم ذهب إلى البصرة وتعلـّم بها وعـَلـّم وهي في أوج نهضتها وبنائها الفكري، وهناك التقى بعبد الله بن اسحاق الحضرمي، وتتلمذ على يد حماد بن سلمة فأخذ عنه النحو، وتحدث هو عن ذلك فقال ً: «أول من تعلمت منه النحو حمّاد بن سلمة»(9).
كما تعلم في البصرة؛ التفسير، والحديث، والقراءة، والنحو، واللغة، ورواية الشعر والأخبار، وغيرها مما كانت تزخر به البصرة في حينه.
وأخذ القراءة على أبي عمر وبين العلاء وأبان بن يزيد(10)، ولقي أبا علي الأسواري من رجال الحديث والقراءة، وعاصر عيسى والخليل من أساتيذ النحو، وكان من شيوخه الأجلاء أبو الخطاب الأخفش، كما أخذ عن الأعراب الفصحاء من أمثال أبي مهدية، فقد «كانت حلقته بالبصرة ينتابها أهل العلم وطلاب الأدب وفصحاء الأعراب والبادية»(11).
وقد كانت العلاقة بين يونس بن حبيب والخليل بن أحمد علاقة مميزة يسودها الاحترام المتبادل والتواصلية العلمية.
ويذكر صاحب معجم الأدباء: ان يونس بن حبيب تتلمذ على يديه جماعة من أكابر فنون اللغة والأدب فيما بعد ومنهم: أبو عبيده معمر بن المثنى، والأصمعي وسيبويه والكسائي، وروى عنه القراءة أبو عمر الجرمين وموسى بن عبد الصمد الإبلي(12) وقال أبو زيد الأنصاري «جلست إلى يونس بن حبيب عشر سنين، وجلس إليه قبلي خلف الأحمر عشرين سنة»(13).
ولكن كان من أعظم تلامذته شهرة هو النحوي «سيبويه» ونقل عنه سيبويه كثيراً في كتبه. وكما كان للبصريين النصيب في التلمذة على يده، كان للكوفيين ـ أيضاً ـ نصيباً في التعلم فالكسائي والفراء من أشهر تلامذته في الكوفة.
مصنفاته
يذكر ابن النديم: ان له من الكتب؛ كتاب معاني القرآن، كتاب اللغات، كتاب النوادر الكبير، كتاب الأمثال، كتاب النوادر الصغير(14).
قيل فيه
قال أبو الخطاب زياد بن يحيى: مثل يونس كمثل كوز ضيق الرأس لا يدخله شيء إلا بعسر، فإذا دخله، لم يخرج منه ـ يعني لا ينسى ـ (15).
وقال أبو عبيدة، لم يكن عنده، علم إلا ما رآه بعينه، كما قال أيضاً: اختلفت إلى يونس أربعين سنة أملأ كلّ يوم ألواحي من حفظه(16).
وقال أبو زيد النحوي: ما رأيت أبذل لعلم من يونس(17).
آراءهُ في اللغة
يذكر ابن منظور: ان النحويين اختلفوا في كلمة «جهنم» ففيها قولان: قال يونس بن حبيب: جهنم اسم النار التي يعذب الله بها في الآخرة، وهي أعجمية لا تجري للتعريف والعجمة(18).
ذكر الأزهري عنه أنـّه قال: يقال: «وعَمْتُ الدار» أعِمُ وَعْماً = أي قلت لها أنعمي، وأنشد: «عما طللي جمل عن النأي وأسلما».
ويضيف يونس بن حبيب ـ مستشهداً ـ: وسئل أبو عمرو بن العلاء عن قول عنترة: «وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي» فقل هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء(19).
وحول كلمة «عنانة» العانة والعنانة: السحابة.
وقال أبو عبيد الله: قال يونس بن حبيب: أعنان كلّ شيء نواحيه، فأما الذي نحكيه نحن فاعناء السماء نواحيها.
وقال يونس: ليس لمنقوص البيان بهاء، ولو حكّ بيافوخه أعنان السماء.
وسئل عن كلمة «لبيك» فقال: ليس بمثنى وإنما هو مثال عليك وإليك(20). هذا فيما حكي عن الخليل أن قولهم (لبيك) مثنى.
وقال يونس: أول من تكلم بالعربية (اسماعيل)(21).
ولا يخفى يونس بن حبيب الضبي على المشتغلين في الفقه والتاريخ والأدب، فهو من أروى الناس عن أبي داود الطيالسي، وكان مقبول القول، حتى ان الخليفة المعتز كتب له كتاباً بالنظر في أمر متظلم تظلـّم إليه لما كان يرى في يونس من ثبات واستقامة على الحق(22).
ومع كل ما عرف عن هذا الراوي والأديب والنحوي من سمات المهابة والعلم والمنزلة الرفيعة في مجتمعه، فهو لا يتحرج من بعض المُزاج المحبب المقبول، فعن ابن دريد ـ يقول ـ : كان «رؤبة» ـ اسم شخص ـ يقعد بعد صلاة الجمعة في رحبة بني تميم، فينشد، ويجتمع الناس إليه، فتزاحموا يوماً، فضيّقوا الطريق، فأقبلت عجوز معها شيء تحمله، فقال (رؤبة):


تنح للعجوز عن طريقها قد أقبلت رائحة من سوقها

دعها فما النحوي من صديقها

قال أحد الشُراح: ان المخاطب بقوله «دعها» هو يونس بن حبيب النحوي، وذلك أن رؤبة كان يسير ومعه أمه إذا لقيهما يونس، فجعل يداعب والدة رؤبة ويمنعها الطريق فخاطبه رؤبة بهذه الأبيات(23). وعلى اختلاف الرواية في احداثها إلا أن الأشخاص هم ذاتهم.
وفاته
اختلف المؤرخون في عام وفاته، فابن النديم قال عام 183هـ، و تفيد رواية ذكرها ابن خلكان انه توفي عام 185هـ، ولكن الجاحظ وياقوت الحموي حددا وفاته بعام 182هـ كون الجاحظ (ت 255هـ) هو الأقرب عهداً ليونس بن حبيب، وأيضاً لكثرة الروايات التي توافقت على ان عام وفاته 182هـ(24).

الهوامش
ـــــــ
(1) الفهرست، لابن النديم: 47.
(2) الأنساب، للسمعاني، ج5: 174.
(3) من مشاهير اعلام البصرة، الدكتور عبد الحسين المبارك، د. عبد الجبار ناجي.
(4) راجع ترجمته في ذكر اخبار اصبهان للحافظ الاصبهاني، ج2: 347.
(5) غاية النهاية في طبقات القراء، ج2: 406.
(6) وهي أحدى مناطق البصرة، اليوم ـ «الزبير» ـ .
(7)طبقات المحدثين بأصبهان، عبد الله بن حبان،ج 3: 45، وتهذيب الكمال للحمزي، ج21: 485، وتهذيب التهذيب لابن حجر، ج7: 431، الأنساب للسمعاني ج5: 174، ذكر أخبار أصبهان، للحافظ الأصبهاني، ج2: 346.
(8) معجم البلدان للحمودي، ج2: 103.
(9) طبقات الزبيدي، طبقات النحويين واللغويين، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، دار المعارض، مصر، 1973م: 51.
(10) الفهرست لابن النديم البغدادي: 47.
(11) أخبار النحويين البصريين لليسرافي، تحقيق طه الزيني ومحمد عبد المنعم خفاجي، 1955م: 27، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة ج13: 347.
(12) معجم الأدباء ج2: 65.
(13) المصدر نفسه.
(14) الفهرست، ابن النديم البغدادي: 47.
(15) الزبيدي، مصدر سابق: 51.
(16) نفس المصدر.
(17) نفس المصدر: 52.
(18) لسان العرب لابن منظور ج12: 112.
(19) نفس المصدر، ج12: 641.
(20) نفس المصدر، ج 15: 238.
(21) تاج العروس، الزبيدي، ج1: 376.
(22) انظر ترجمته في ذكر اخبار اصبهان، للحافظ الاصبهاني، ج2: 347.
(23) شرح الشافية لابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي، ج4: 138-139.
(24) انظر د. عبد الجبار ناجي ود. عبد الحسين المبارك في كتابهما المشترك «من مشاهير اعلام البصرة» طبعة عام 1983م: 101.










رد مع اقتباس