الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
أختي الكريمة
دعيني أتوجه إليك بشيء من النقد و أرجو منك أن تقبليه بصدر رحب، فإنما أريد أن أبين لك بعض الأخطاء التي جرتك إلى هذا الحال، و ربما أنصحك بما يخفف عنك ما أنت فيه، فعلى الله توكلت و إليه أنيب.
و قبل ذلك كله دعيني أخبرك بحقيقة عن بعض مرضى النفوس من الشباب الذين لم يفقهوا حقيقة الزواج و إن طالت أعمارهم، و هي أنهم يحاولون اختبار البنات قبل خطبتهن بمحاولة استدراجهن إلى إقامة مثل هذه العلاقات المحرمة شرعا (الحب الحقيقي و الطاهر و المشروع هو ما يكون بين زوجين) و ذلك بدعوى معرفة العقلية حتى يكون هناك توافق بعد الزواج، فإذا انجرت الفتاة المسكينة خلفهم و طاوعت في ذلك يقولون: هذه فتاة سهلة الإستدراج و يرون أن ذلك دليل على أنها أقامت الكثير من هذه العلاقات ثم يتركون المسكينة و ينصرفون عنها و كأن شيئا لم يكن.
و أما التوافق بعد الزواج فليس بسبب العقلية كما يدعون، بل سببه حسن الخلق، و الرفق، و الحوار الصريح و أهم من ذلك كله هو التضحية و لولا التضحية لمات الحب منذ زمن بعيد، فإذا أراد الزوجان التوافق فعليهما أن يكونا جاهزين للتنازل عن بعض الحقوق في بعض الأحيان، فيكون هناك شد و جذب حفاظا على الحبل. و أستسمحك بهذه القصة الطريفة حتى يتضح المعنى: جاء رجل إلى أحد الصالحين ليدله على امرأة يتزوجها، و أخذ يحدد الشروط التي يرغب في أن تجتمع في هذه المرأة، فقال له ابحث عنها في جنات النعيم، فهذه الشروط لا تجتمع إلا في حور العين.
و أما أنت أيتها الحزينة فقد سمحت لهذه الشرير بأن يستدرجك إلى ما هو محرم حتى بين الخطيبين و هو التلاقي بعيدا عن أعين الأهل، و كذلك الحديث عبر الهاتف هو غير جائز أيضا حتى بين الخطيبين و هذه حقيقة غفل عنها كثير من الناس. و الهاتف لا يمكنه أبدا أن يظهر حقيقة الطرفين لأن كلا منهما سيحاول الظهور بصورة جميلة و قد يكذب و يدعي ما ليس فيه فتضيع الحقيقة و تخفى إلا ما شاء الله.
فعليك الآن أن لا تحزني لهذا المسكين، بل عليك أن تستبشري خيرا، و احمدي الله و اشكريه كثيرا فقدأراد الله بك خيرا إذ لم ترتبطي بهذا الذي ما زال صغيرا على الزواج و لم يفقه حقيقته بعد، و إلا كنت عشت معه في نكد، لأن الذي يريد أن تكون المرأة تبعا لعقليته و تنسلخ من شخصيتها فهو غاية في الأنانية، فلا يستحق ذلك الشعور النبيل و الذي هو الحب.
و لذلك كله، حرم الله هذه الأشياء حفاظا على شرف المرأة و عزتها و كرامتها من أن يعبث بها هؤلاء الخبثاء ضعاف االنفوس. فإن أدركت ذلك جيدا، تبين لك ما عليك القيام به مستقبلا، إذا أراد أحدكم خطبتك فعليه أن يأتي البيت من بابه، فمعرفةالعقلية و مناقشة الشروط تكون في بيتكم و بحظور أحد محارمك و بذلك تحفظ حقوقك و تغلقين على نفسك بابا عظيما من الشر. و أما المهاتفة و الملاقاة فبعد العقد الشرعي عندها تصبحين زوجة، فعندها يمكنك الخروج معه و مكالمته و لو على انفراد و يمكنه أن يزورك، و بعدها يمكن الحديث عن الحب.
و الله هو الهادي إلى سواء السبيل
و السلام