الشبهة الأولى عدم تركيز الإخوان على العقيدة وعدم توضيحها للعوام
أولا : بيان الشبهة
من الناس من يتساءل : هل الإخوان سلفيو العقيدة أم لا؟ وهل هم على مذهب السلف أم الخلف في الأسماء والصفات ؟ ولماذا لا يعلِّمون الناسَ الأسماء والصفات؟ ولماذا لا يربُّون الأفراد على العقيدة ؟
ثانيا رد الإخوان على الشبهة
مقدمة :
شبهة عدم تركيز الإخوان على العقيدة وعدم توضيحها للعوام يطلقها السلفيون وأساس هذه الشبهة عندهم أنهم يقيسون الإخوان في منهج التربية ودعوة الناس إلى الله إلى منهجهم الخاص بهم في الدعوة والتربية ، والذي يستهدف إعداد علماء متخصصين في علم الكلام والعقائد والملل والنحل
وتقتصر دعوتهم إلى تربية الناس وإصلاحهم في جانب العقيدة والإيمان فقط أما الإخوان المسلمون فيربون إفرادهم تربية شاملة على كل مقومات الشخصية الإسلامية ويدعون الناس إلي شمولية الإسلام ، ومن ثم فإن مسلكهم في عرض العقيدة هو مسلك الأنبياء الذي عرضه القرآن الكريم ومنهجهم في ذلك منهج السلف الصالح وعدم محادثتهم العامة بعلم الكلام وأحاديث الصفات بالشكل والمنهج الذي يتعاطاه السلفيون الآن يقوم على سند صحيح
ورأيت في مقال ( هل الإخوان يربون على العقيدة؟ ) المنشور على الموقع الالكتروني الرسمي للإخوان المسلمون خير رد على هذه الشبهة فجعلته مرجعا ومن خلاله أعرض العناصر الآتية
. بيان مسلك الأنبياء في عرض العقيدة
إن الناظر في مسلك الأنبياء في تقديم العقيدة يرى أنه لم يكن تقديمًا نظريًا ولا تجريبيًّا ولا مصطلحيًّا، وإنَّما كان منهَجًا متحركًا باعِثًا لحياة أفضل، ينشدها كل ساعٍ للخير في مجتمعه؛ ولذلك كان التقديم لها يتصل بواقع المجتمع الذي يعيشونه. فالعقيدة إذن حين قدَّموها إنما قدموها ليعالجوا بها مشكلاتٍ كانت متأصِّلةً في زمانهم، ولم يقدموها على أنها علمٌ مجردٌ يجب أن يُحفظ، ومصطلحاتٌ يجِب أن تحدَّد، وينتهي الأمر بهذا العلم، فنوح- عليه السلام- قال لهم: ﴿ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُ هُ ( ؛ ليستقيم سلوكهم وتصورهم، ويعرفوا مصدر الخير لأنفسهم ولبلادهم.. وكذلك هود- عليه السلام- قالها: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ ؛ ليعالج بها قومًا غرتهم قوتهم المادية فطغَوا في البلاد، وأكثروا الفساد ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ* وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ* فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ﴾ . وكذلك صالح ولوط وشعيب وموسى- عليهم السلام- وكذلك كان منهج القرآن في عرض العقيدة والإيمان عرضًا غضًّا نقيًّا، بالعلم والعمل، والقرآن يتحدث عن المؤمنين وليس عن الإيمان أي يتحدث عن الشق الفعلي العملي وليس النظري
. سمات منهج دعوة الإخوان في عرض العقيدة
أ : اعتماد منهج القرآن والسنة المطهرة والسلف الصالح بعيدًا عن اصطلاحات الجَدلِيِّين والكلاميين :
يقول الإمام "البنا"- رحمه الله-: "لن ألجأ إلى المصطلحات الفنيَّة التي تواضع عليها العلماء المختصُّون بعلم الكلام ولا النظريات الفلسفية ولا الأساليب المتعلِّقة التي درج عليها المتكلمون، ولكن سألجأ إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما عرفناه من سيرة الصدر الأول"، ويري الاعتماد على طريقة القرآن والسنة في توصيل العقائد الدينية إلى النفوس واستيلائها على المشاعر والقلوب دون تعمق في الألفاظ أو تشعب في البحوث أو خوض في مصطلحات الفلاسفة والعقائد.
ب : الاهتمام ببيان أثر العقيدة على النفوس
فقد كان يرى ضرورة العناية ببيان آثار هذه العقيدة في النفوس؛ ليعلم القارئ أين نفسه من درجة استيلاء العقيدة الإسلامية عليه، فقد كانت العقائد عند أسلافنا عواطف مستقرة في القلب، ومشاعر مستولية على النفوس، فلمَّا أن صارت عندنا جدلاً وكلامًا ضعُف إيمان الأمة وتسرَّب إلى دينها الخللُ والوهَن العقائدي.
ج : اعتماد طريقَي المعرفة النقلية والعقلية
فالمعرفة النقلية مصدرُها الوحي بشقَّيه الكتاب والسنة، والمعرفة العقلية مصدرها الكون بشقيه الطبيعي والبشري، وِفق قاعدةِ "موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول"، و"درء تعارض العقل والنقل"، ويقول في الأصل التاسع عشر: "وقد يتناول كلٌّ من النظر الشرعي والعقل ما لا يدخل في دائرة الآخر، ولكنهما لن يختلفا في القطعي، فلن تصطدم حقيقةٌ علميةٌ صحيحةٌ بقاعدةٍ شرعيةٍ ثابتةٍ، ويُؤَوَّل الظنِّي منهما ليتفقَ مع القطعي فإن كانا ظنيَّين فالنظر الشرعي أولى بالإتباع حتى يثبُت العقليُّ أو ينهار"،
وهذا خلاصةُ ما انتهى إليه أهل التحقيق في هذه المسألة
د : أخذه بمبدأ الشمول
فالعقيدة منهج عضوي في إطار بناء متكامل لا تقبل التجزئة، فلا تنفصل العقيدة عن الحياة لتبقى مجردةً، بل هي منهج للحياة وأساسٌ للنظم، ولئن فُتِن الناس في بعض العهود بشركِ الأوثان والأموات، فإنَّ شرك الأحياء والأوضاع والنظم قد عظُم خطرُه واستطار شرُّه.
هـ : البُعد عن مداحض التكفير ومذلة التضليل
والأصل العشرون خاص بهذا، فأهل السنة والجماعة لا يكفِّرون أحدًا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتُبيَّن له المحجة، والكفر كفران: كفر يُخرج من الملة وهو الكفر الأكبر، وكفر أصغر لا يستوجب صاحبُه الخلودَ في النار، وهو كفر النعمة أو المعصية، كما أن هناك فرقًا بين القول الذي قد يكون كُفرًا وبين قائله، الذي لا يُحكم عليه بالكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه وتعليمه وإزالة الشبهة عنه.. أبعد ذلك يكون الإخوانُ مقصرين في التربية على العقيدة؟
يتبع