منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الطريقة التجانية ودعمها للحملات الإستعمارية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-02-15, 22:27   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ربوح ميلود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية ربوح ميلود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجزء الثالث
الهدية الهادية
إلى
الطائفة التجانية
تأليف
الدكتور محمد تقي الدين الهلالي
رحمه الله و غفر له
يقول محمد تقي الدين الهلالي
العصر فرجعنا وقلت لصاحبي لا نرجع إليه فقد كفانا الله شر لقائه لأنه مبغض لشيخنا وطريقته فالخير فيما اختاره الله تعالى فقال لي ليس الشيخ بملوم وقد اعتذر بعذر قائم والصواب أن نرجع إليه، فرجعنا إليه بعد العصر، ووجدت عنده من الترحيب والبشاشة والإكرام والتواضع ما لم أجده عند الشيخ الكتاني ولا عند أحد من علماء فاس وأخذنا في أحاديث أدبية وكان يقوم ويأتي بالكتب ويضعها أمامي . ووجدته كما قال السيد عمر بن الخياط ولما كادت الشمس تغرب استأذنته في الانصراف فقال لي إلى أين تذهب أنت غريب في هذا البلد وهذا المكان معد للضيوف لا نحتاج إليه فأمكث فيه وبت هنا فقبلت دعوته وبعد أن صلينا المغرب جاء أصحابه أذكر منهم الشيخ عبد السلام الصرغيني والشيخ المهدي العلوي وهو لا يزال في قيد الحياة أما الأول فقد مات فأخذ بعضهم يلعب الشطرنج وهو يراهم ولا ينكر عليهم فقلت في نفسي هذا دليل على أنه من العلماء الذين لا يعملون بعلمهم فهو جدير أن ينكر على أولياء الله ما خصهم الله به من كرامة ثم تركوا الشطرنج وأخذوا ينتقدون الطريقة الكتانية ويستهزئون بها ويسخرون من أهلها وكل منهم يحكي حكاية فقال الشيخ عندي حكاية هي أعجب وأغرب مما عندكم جاءني شاب كان متمسكا بالطريقة الكتانية تمسكا عظيما فقال لي أريد أن أتوب على يدك من الطرائق كلها وتعلمني التمسك بالكتاب والسنة فقلت وما دعاك إلى الخروج من طريقتك التي كنت مغتبطا بها فقال لي أنه أمس شرب الخمر وزني وترك صلاة العصر و المغرب والعشاء فمر بالزاوية الكتانية وسمع المريدين يرقصون ويصيحون بأصوات عالية والمنشد ينشدهم وكانت بقية سُكر لا تزال مسيطرة عليه فهَمَّ أن يدخل الزاوية ويرقص معهم ولكنه أحجم عن ذلك لأنه جُنب ولم يصلِّ شيئا من الصلوات في ذلك النهار إلا أن سُكره غلب على عقله فدخل الزاوية ووجد الشيخ محمد بن عبد الكبير في صدر الحلقة والمريدون يرقصون فاشتغل معهم في الرقص وكان


--------------------------------------------------------------------------------

أنشطهم فلما فرغوا من رقصهم دعاه الشيخ وقبله في فمه وقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قبلك فاقتديت به قال ولما دعاني خِفت خوفا شديدا وظننت أنه قد انكشف له حالي وهو يريد أن يوبخني على ذنوبي فلما قال لي ذلك أيقنت أنه كاذب في كل ما يدعيه ويدعوا إليه وإلاَّ كيف يرضى عنِّي النبي صلى الله عليه وسلم ويُقبِّلني في فمي مع تلك الكبائر التي ارتكبتها في ذلك اليوم قال فهذا سبب مجيئي إليك لأتوب إلى الله من الطرائق كلها وأتَّبع طريقة الكتاب والسنة . ولما رأيتهم يعيبون الطريقة الكتانية ويستهزئون بها أصابني خوف شديد وندمت على زيارتي للشيخ فقلت في نفسي هذا الذي كنت أخافه قد وقعت فيه فكيف الخلاص ؟
وذكرت قول التجاني بن بابا الشنقيطي في منيته :
ومن يجالس مبغض الشيخ هلك *** وضل في مهامه وفي حلك
وشدد النهي لنا الرسول *** في ذلك فلتعمل بما أقول
والشيخ قال هو سم يسري يحل *** من فعله في خسر


--------------------------------------------------------------------------------

ومعنى ذلك أن الشيخ أحمد التجاني قال : قال لي سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما قل لأصحابك لا يجالسوا المبغضين لك فإن ذلك يؤذيني فصممت على أن أخرج من ذلك المجلس فقمت فقال لي الشيخ إلى أين فقلت إلى بيت الخلاء، كذبت عليه، فلما وصلت إلى الباب منعني البواب من الخروج وقال لي هل أَذِن لك الشيخ في الخروج فقلت نعم فقال لي هذا محال لأنك غريب والقانون الفرنسي يقضي بأن التَّجول بعد الساعة العاشرة ليلا فيه خطر فإنك لا تمشي خطوات حتى يُقبض عليك وتؤخذ إلى السجن وتبقى فيه إلى ضحى الغد وحينئذ يُنظر في إطلاق سراحك وقال لي أنا لا أفتح لك الباب إلاّ إذا سمعت الإذن من الشيخ فقلت إذن أرجع ورجعت وجلست في مكاني ولم تخف حالي على الشيخ فقال لي أراك منقبضا فما سبب انقباضك فقلت سببه أنكم انتقلتم من الطعن في الطريقة الكتانية إلى الطعن في الطريقة التجانية وأنا تجاني لا يجوز لي أن اجلس في مجلس أسمع فيه الطعن في شيخي وطريقته فقال لي لا بأس عليك أنا أيضا كنت تجانيا فخرجت من الطريقة التجانية لما ظهر لي بطلانها فإن كنت تريد أن تتمسَّك بهذه الطريقة على جهل وتقليد فلك عليَّ ألا تسمع بعد الآن في مجلسي انتقادا لها أو طعنا فيها وإن كنت تريد أن تسلك مسلك أهل العلم فهلُمَّ إلى المناظرة فإن ظهرت عليَّ رجعتُ إلى الطريقة وإن ظهرتُ عليك خرجتَ منها كما فعلت أنا فأخذتني النخوة ولم أرض أن أعترف أني أتمسك بها على جهل فقلت قَبِلت المناظرة .
المناظرة


--------------------------------------------------------------------------------

قال الشيخ أريد أن أناظرك في مسالة واحدة إن ثبتت ثبتَت الطريقة كلها، قلت ما هي ؟ قال ادعاء التجاني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما وأعطاه هذه الطريقة بما فيها من الفضائل فإن ثبتت رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة وأخْذه منه الطريقة فأنت على حق وأنا على باطل والرجوع إلى الحق حق وإن بَطُل ادعاؤه ذلك فأنا على حق وأنت على باطل فيجب عليك أن تترك الباطل وتتمسك بالحق ثم قال تبدأ أو أبدأ أنا فقلت ابدأ أنت فقال عندي أدلة كل واحد منها كاف في إبطال دعوى التجاني قلت هات ما عندك وعليَّ الجواب فقال :
الأول : إن أول خلاف وقع بين الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان بسبب الخلافة قالت الأنصار للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير وقال المهاجرون إن العرب لا تذعن إلا لهذا الحي من قريش ووقع نزاع شديد بين الفريقين حتى شغلهم عن دفن النبي صلى الله عليه وسلم فبقي ثلاثة أيام بلا دفن صلاة الله وسلامه عليه فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصِل النزاع بينهم ويقول الخليفة فلان فينتهي النزاع كيف يترك هذا الأمر العظيم لو كان يُكلِّم أحدا يقظة بعد موته لكلَّم أصحابه وأصلح بينهم وذلك أهم من ظهوره للشيخ التجاني بعد مضي ألف ومائتي سنة ولماذا ظهر ؟ ليقول له أنت من الآمنين ومن أحبك من الآمنين ومن أخذ وردك يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب هو ووالداه وأولاده وأزواجه لا الحفدة فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الظهور يقظة والكلام لأفضل الناس بعده في أهم الأمور ويظهر لرجل لا يساويهم في الفضل ولا يقاربهم لأمر غير مهم فقلت له :


--------------------------------------------------------------------------------

إن الشيخ رضي الله عنه قد أجاب عن هذا الاعتراض في حياته فقال أن النبي صلى الله عليه وسلم يلقى الخاص للخاص والعام للعام في حياته أما بعد موته فقد انقطع اللقاء العام للعام وبقي اللقاء الخاص للخاص لم ينقطع بوفاته وهذا الذي ألقاه على شيخنا من إعطاء الوِرد والفضائل هو من الخاص للخاص فقال أنا لا أُسلِّم أن في الشريعة خاصا وعاما لأن أحكام الشرع خمسة وهذا الورد وفضائله أن كان من الدين فلابد أن يدخل في الأحكام الخمسة لأنه عمل أعد الله لعامله ثوابا فهو إما واجب أو مستحب ولم ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى حتى بين لأمته جميع الواجبات والمستحبات وفي صحيح البخاري عن علي ابن أبى طالب أنه قيل له هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم معشر أهل البيت بشيء فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا فهما يعطاه الرجل في كتاب الله وإلا ما في هذه الصحيفة ففتحوها فإذا فيها العقل، وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر فكيف لا يخص النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته وخلفاؤه بشيء ثم يخص رجلا في آخر الزمان بما يتنافى مع أحكام الكتاب والسنة فقلت إن الشيخ عالم بالكتاب والسنة وفي جوابه مقنع لمن أراد أن يقنع قال احفظ هذا .


--------------------------------------------------------------------------------

الأمر الثاني : اختلاف أبى بكر مع فاطمة الزهراء رضي الله عنهما على الميراث فلا يخفى أن فاطمة طلبت من أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه حقها من ميراث أبيها واحتجت عليه أنه إذا مات هو يرثه أبناؤه، فلماذا يمنعها من ميراث أبيها، فأجابها أبو بكر الصدِّيق بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة )، وقد حضر ذلك جماعة من الصحابة فبقيت فاطمة الزهراء مغاضبة لأبي بكر حتى ماتت بعد ستة أشهر بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم فهذان حبيبان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال فاطمة بضعة مني يسوءني ما ساءاها أو كما قال عليه الصلاة والسلام وصرح أن أبا بكر أحب الناس إليه، وقال: (ما أحد أمن علي في نفس ولا مال من أبي بكر الصدِّيق ) رواه البخاري . وهذه المغاضَبة التي وقعت بين أبى بكر وفاطمة، تسوء النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان يظهر لأحد بعد وفاته لغرض من الأغراض لظهر لأبي بكر الصديق وقال له : إني رجعت عما قلته في حياتي فأعطها حقها من الميراث، أو لظهر لفاطمة وقال لها يا ابنتي لا تغضبي على أبي بكر فإنه لم يفعل إلا ما أمرته به فقلت له ليس عندي من الجواب إلا ما سمعتَ قال احفظ هذا .


--------------------------------------------------------------------------------

الأمر الثالث : الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة، وعلي بن أبى طالب من جهة أخرى واشتد النزاع بينهم حتى وقعت حرب الجمل، في البصرة فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين وعقر جمل عائشة فكيف يهون على النبي صلى الله عليه وسلم سفك هذه الدماء ووقوع هذا الشر بين المسلمين بل بين أخص الناس به، وهو يستطيع أن يحقن هذه الدماء بكلمة واحدة وقد أخبر الله سبحانه في آخر سورة التوبة برأفته ورحمته بالمؤمنين وأنه يشق عليه كل ما يصيبهم من العنت وذلك قوله تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) } فقلت له ليس عندي من الجواب إلا ما سمعت وظهوره وكلامه للشيخ التجاني فضل من الله، والله يؤتي فضله من يشاء قال احفظ هذا وفكِّر فيه .
الأمر الرابع : خلاف علي مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر النبي صلى الله عليه وسلم لرئيس الخوارج وأمره بطاعة أمامه لحقنت تلك الدماء، فقلت الجواب هو ما سمعت، فقال لي احفظ هذا وفكر فيه، فإني أرجو أنك بعد التفكير ترجع إلى الحق ...


--------------------------------------------------------------------------------

والأمر الخامس : النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية، وقد قُتل في الحرب التي وقعت بينهما خلق كثير، منهم عمار بن ياسر، فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الظهور لأفضل الناس بعده وفي ظهوره هذه المصالح المهمة من جمع كلمة المسلمين وإصلاح ذات بينهم وحقن دمائهم، وهو خير المصلحين العاملين بقوله تعالى : وَأَصْلِحُوا { ذَاتَ بَيْنِكُمْ } وقوله تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } ثم يظهر للشيخ التجاني في آخر الزمان لغرض غير مهم وهو في نفسه غير معقول لأنه مضاد لنصوص الكتاب والسنة فلم يجد عندي جوابا غير ما تقدم ولكني لم أُسلِّم له فقال لي فكِّر في هذه الأدلة وسنتباحث في المجلس الآخر، فعقدنا بعد هذا المجلس سبعة مجالس كل منها كان يستمر من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء بكثير . وحينئذ أيقنت أنني كنت على ضلال، ولكن أردت أن أزداد يقينا فقلت له من معك من العلماء هنا في المغرب على هذه العقيدة ؟ وهي أن كل مسألة في العقائد أو في الفروع يجب أن نعرضها مع قصر باعنا وقلة اطلاعنا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ظهر لنا أنه موافق لهما قبلناه وما ظهر لنا أنه مخالف رددناه فقال لي يوافقني على هذا أكبر مُقدِّم للطريقة التجانية في المغرب كله وهو الشيخ الفاطمي الشرادي، فكدت أُكذِّبه لأن المشهور في جميع أنحاء المغرب أن هذا الرجل من كبار العلماء وهو أكبر مقدم للطريقة التجانية ولم أقل أكبر شيخ لأن الشيخ التجاني لا يبيح لأحد أن يكون شيخا للطريقة سواه، لأن تلقيبه بالشيخ قد يُفهم منه أنه يجوز لغيره أن يتصرف في أوراد الطريقة وفضائلها وعقائدها وذلك ممنوع لأن الذي أعطى هذه الطريقة هو النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما كما تقدم والمتلقي الأول لها هو الشيخ أحمد التجاني والنبي صلى الله عليه وسلم سماه شيخاً لهذه الطريقة، وكل ناشر للطريقة وملقن


--------------------------------------------------------------------------------

لأورادها يسمى مقدما فقط فالطريقة لها مصدر واحد وشيخ واحد ولا يجوز تعدد المصدر ولا تعدد الشيخ حسبما في كتب الطريقة .
فتوجهت إلى الشيخ الفاطمي رحمه الله وكان الوقت ضحى وقد أوصاني شيخنا محمد بن العربي ألا أسأله إلا في خلوة فوجدت عنده جماعة فانصرف بعضهم وجاء آخرون وبقيت عنده أنتظر أن أخلو به حتى صلينا الظهر وجاء الغداء فلم أستطيع أن أخلو به وكان ثلاثة ممن كانوا في مجلسه حاضرين فقلت له إن الشيخ محمد بن العربي العلوي يقول يجب علينا أن نعرض جميع المسائل أصولا وفروعا على كتاب الله وسنة رسول الله فما وافق في نضرنا القاصر قبلناه وما خالف رددناه ولو قال به الإمام مالك أو الشيخ أحمد التجاني فأشار إلي بيده يستمهلني وكان جلوسي عنده قد طال فانصرفت إلى مدرسة الشَّرَّاطين حيث كنت نازلا قبل لقائي بالشيخ العلوي وفي ذلك اليوم بعد صلاة العشاء جاءني بواب المدرسة وقال لي إن الشيخ الفاطمي الشرادي أرسل إليك عبده وبغْلته يطلب أن تزوره فتعجَّبتُ كثيرا لأمرين أحدهما أن الوقت ليس وقت زيارة وثانيهما أنه لم تجر العادة أن كبار العلماء الطاعنين في السن، يبعثون الدابة للركوب إلا لمن هو مثلهم في السن و العلم وأنا شاب فركبت البغلة وسار العبد أمامي حتى وصلت إليه وسلمت عليه فرد أحسن رد ورحَّب بي وقال يا ولدي أنا رجل كبير طاعن في السن ليس لي قدرة على القتال أما سيدي محمد بن العربي العلوي فهو شاب مستعد للقتال وأنت سألتني أمام الناس عن مسألة مهمة لا يسعني أن أكتم جوابها ولا أستطيع أن أصرح به أمام الناس فاعلم أن ما قال لك سيدي محمد بن العربي العلوي هو الحق الذي لا شك فيه وقد أخذت الطريقة القادرية وبقيت فيها زمانا، ثم أخذت الطريقة الوزانية وبقيت فيها زمانا، ثم أخذت الطريقة التجانية والتزمتها حتى صرت مقدما فيها فلم أجد في هذه الطرائق فائدة وتركتها ولم يبق عندي من التصوف إلا طلب الشيخ المربي على الكتاب والسنة علما


--------------------------------------------------------------------------------

وعملا ولو وجدته لصاحبته وصرت تلميذا له وأنت تريد أن تسافر إلى الشرق فإن ظفرت بالشيخ مرب متخلق بأخلاق الكتاب والسنة علما وعملا فاكتب إلي وأخبرني به حتى أشد الرحال إليه فازددت يقينا بالنتيجة التي وصلت إليها في مناظرتي مع الشيخ العلوي . ولو كان عندي من العلم مثل ما عندي الآن لقلت له إن ضالَّتك المنشودة هي أقرب إليك من كل قريب فإن هذا الشيخ الذي تطلبه وتريد أن تشد الرحال ولو بعُدت الدار وشط المزار هو أنت نفسك . بشرط أن يكون عندك العزم التام على العمل بالكتاب والسنة وطرح التقليد جانبا كيفما كان الأمر فجزاهم الله خيرا وتغمدهما برحمته، وبعد ذلك بعشرين سنة اجتمعت بالشيخ عبد العزيز بن إدريس من علماء تطوان وهو من تلاميذ الشيخ الفاطمي فذكرت له الحكاية السالفة فقال لي وأنا أيضا وقع لي ما يشبه هذا فإني بعد إتمام دراستي في جامع القرويِّين ذهبت إليه وهو أفضل شيوخي فقلت له أيها الشيخ أريد أن أرجع إلى وطني تطوان فأريد أن تزودني بدعاءك الصالح وأن تلقنني وِرد الطريقة التجانية فقال لي : يا أسفاً عليك أنت تحفظ كتاب الله وقد درست العلوم الإلهية التي تمكِّنك من فهم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يكفيك ذلك كله حتى تطلب الهدى في غيره والطريقة لا شيء فعليك بكتاب الله وسنة رسول الله فكشف الله عني بفضله ظلام الشرك والبدعة وفتح لي باب التوحيد والإتباع فله الحمد والمنة نسأله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنه الهادي إلى الصراط المستقيم .
من أين جاء أصل هذه المناظرة التي وقعت بيني وبين الشيخ محمد بن العربي العلوي رحمه الله تعالى ؟.


--------------------------------------------------------------------------------

كنت أظن أن أصلها من الشيخ العالم المصلح شعيب الدُكَّالي لأنه ناظر بها شيخنا محمد بن العربي فأفحمه واضطره إلى الخروج من الطريقة ففعل هو معي مثل ما فعله معه الشيخ شعيب الدكالي رحمهما الله تعالى ولكني بعد ذلك بزمن وجدت هذه المناظرة في كتاب (غاية الأماني في الرد على النبهاني ) لمؤلفه العالم السلفي محمود شكري الألوسي البغدادي رحمة الله، وهذا الكتاب من أنفس كتب السلفية جادل المبتدعين من المتصوفة وشدد عليهم الخناق بعبارات بليغة كأنها عقود الجمان في أجياد الحسان فيه من المتعة والفوائد ما يقل نظيره في الكتب والمثل الإنكليزي يقول ما معناه : ينبغي أن يكون الأصدقاء والكتب قليلين لكن طيبين، وهذا المثل ينطبق على هذا الكتاب .
هذا سبب خروجي من الطريقة التجانية الذي لم يكن يخطر ببالي، وإنما اضطرني إليه البرهان اليقيني الذي لا يترك شكا ولا ريبا في أن هذه الطريقة كما هي في كتب أهلها وفي اعتقادهم لا يمكن الجمع بينها وبين اتباع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم البتة وبيان ذلك تجده في الفصول التالية .
الفصل الأول : ما جاء في كتب الطريقة من فضل شيخها أحمد التجاني
اعلم نفعني الله وإياك بكتابه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعصمنا بها من الزيغ والزلل أن كتب الطريقة التجانية كثيرة أقتصر على ذكر بعضها :
الأول : "جواهر المعاني من فيض أبي العباس التجاني" لمؤلفه علي حرازم بن العربي برادة الفاسي أخبرني الشيخ أحمد سكيرج أنه قرأ بخط الشيخ أحمد التجاني على هامش النسخة المخطوطة التي كتبها علي حرازم العبارة التالية ( كل ما في هذا الكتاب فهو من إملائنا على محبنا سيدي علي حرازم ) وفضائل هذا الكتاب عندهم كثيرة، منها أن البيت الذي تكون فيه نسخة منه تكثر عليه الخيرات والبركات ويحفظ أهله من جميع الشرور ومما أحفظه من المنية أرجوزة في علوم الطريقة للتجاني ابن بابا الشنقيطي ما نصه :


--------------------------------------------------------------------------------

وقال فيه المصطفى كتابي *** وأنا ذا ألفت للأحباب
الضمير في فيه يعود إلى جواهر المعاني يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال جواهر المعاني كتابي وأنا الفته للأحباب وهم التجانيون وسيأتي في ذكر فضائلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحبهم محبة خاصة وأنهم تلاميذه وفقراؤه وهم مربيهم .
الكتاب الثاني : " الجامع " للشيخ محمد بن المشري، وهو من قدماء أصحاب الشيخ أحمد التجاني ولكن التجانيين لا يعباؤن بهذا الكتاب ومن الشائع عندهم أن الشيخ التجاني لم يكن راضيا عن مؤلفه كل الرضا لأنه أظهر الولاية وادعاء المشيخة في حياة شيخه وأن الشيخ أمره ألا يُساكنه في بلد واحد، قال محمد تقي الدين ولعل هذا النهي ينطبق على المثل المصري بلغة أهل الصعيد ( السفينة اللي فيها ريِّسين تغرق ) ترجمته ( السفينة التي فيها ربانان تغرق ) .
الكتاب الثالث : " الإفادة الأحمدية " ، إذا أردت أن تعرف تراجم علي حرازم مؤلف جوهر المعاني ومحمد بن المشري مؤلف الجامع، والطيب السفياني مؤلف الإفادة الأحمدية وعمر الفوتي مؤلف كتاب الرماح الآتي ذكره وغيرهم من رؤساء الطريقة التجانية، فعليك بمطالعة كتاب كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الأصحاب، لمؤلفه الشيخ أحمد سكيرج فإنه جمع فيه صحابة الشيخ التجاني ومناقبهم كما جمع الحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب والحافظ بن حجر في الإصابة تراجم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
الكتاب الرابع : " رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم " لمؤلفه عمر بن سعيد الفوتي السنيغالي .


--------------------------------------------------------------------------------
يتبع الرابع