منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد المفحم على من اعتدى على صحيح الإمام مسلم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-05, 11:03   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
younes2005
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

(1/44)

إنَّ كلَّ ما بَنَيتَهُ على هذا القول المنحول هو بناءٌ على غير أساس أو هو كالبناء على الموج !
ولعلَّ هذه التخرُّصات لم تخطر ببال الدارقطني -رحمه الله- فأيُّ جرأة هذه ؟!!
- سادساً : تراه يجتهد في ذكر متابعات لحديث محمد بن رافع ولمعمر ولسفيان ابن عيينة وسعيد بن المسيب ,بينما يهدم المتابعات والشواهد المتعلقة بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ويتجاهل روايات الجبال لها مثل عبيد الله بن عمر ويحيى ابن سعيد القطان وغيرهما من الجبال لطرق حديث ابن عمر وميمونة -رضي الله عنهم- .
والأعجب من ذلك أنَّه في الأخير يكرُّ عليها كلّها : حديث أبي هريرة وحديث ابن عمر وحديث ميمونة فينسفُها وينسفُ شواهدها نسفاً !!
- سابعاً : ثم انظر كيف أجلبتَ على هذا المظلوم ابن أبي عمر-رحمه الله- بخيلك ورجلك فوجدت لمخالفيه متابعات ولشيوخهم إلى آخر السند من صحيح البخاري ومن صحيح مسلم ,وتجاهلت متابعاته وهي عندك في صحيح مسلم !
جهله بحقيقة المتابعة !
- ثامناً : ومن هذا البناء المنهار قولك : " ثم إنّ معمراً تابعه سفيان بن عيينة عن الزهري ومن طريق سفيان أخرجه البخاري في فضائل المدينة (3/63) "
- أقول : يا هذا ! يا مسكين ! إنّ حديث معمر في وادٍ وحديث سفيان في وادٍ
آخر : حديث معمر لفظه : ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلاَّّ المسجد الحرام ) مسلم (2/1012)
وحديث سفيان في البخاري : ( لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلاَّ إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الأقصى ).
فأين هذا من ذاك ؟!!
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة * * * وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم (!!)
تسلُّطُه على ابن أبي عمر ونتيجة هذا التسلُّط
ومنه : قولك " فأمَّا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ,فهو وإن كان ثقة فقد قال أبو حاتم : " كان رجلا صالحا وكان به غفلة , ورأيت عنده حديثا موضوعاً حدّث به عن ابن عيينة ,وكان صدوقا " اهـ

(1/45)

ثم قلتَ : وهذا ليس بتوهين إيّاه (كذا) ,لأنَّه وصفه بالغفلة بمجرد أنَّه رأى عنده حديثاً موضوعاً كما يظهر من كلام أبي حاتم ذاك لكن ولم يتبين لي من ترجمته ولا من ترجمة عبد الرزاق أنّ ابن أبي عمر سمع من عبد الرزاق قبل أن عمي (كذا) أو بعده وعبد الرزاق عمي وبدأ (كذا) قبول التلقين بعد المائتين على قول الإمام أحمد وابن أبي عمر توفي سنة 243هـ ) اهـ .
- أقول : مغزى هذا الكلام التقليل من شأن ابن أبي عمر حتى يجهز على آخر
نَفَسٍ من أنفاس روايته في صحيح مسلم ودفاعه عنه ضعيف جدا ,ولو أراد ذلكَ لساق أقوال العلماء الآخرين فيه .
وقوله : " ولكن لم يتبين لي من ترجمته ولا من ترجمة عبد الرزاق أنّ ابن أبي عمر سمع من عبد الرزاق قبل أن عمي أو بعد ... " إلخ .
- أقول فيه : ما أتعس حظَّ ابن أبي عمر عند هذا الباحث !
إِنْ بَحَثَ عن متابعاتٍ له لا يجدها ولو بعد بحث طويل ,وهي بين يديه وأمام عينيه ,وإن بحث ليعلم متى كان سماعه من عبد الرزاق لم يجد ما يحل هذه المشكلة غير أنَّه هذه المرَّة لم يقل لم أجدها بعد تتبع طويل ! فيبدو أنّه لم يكلّف نفسه عناء البحث عنها ,ولا أدري هل يُدرِك أبعادها أو لا يدرك ذلك ؟!
وأنا أُبيِّنُ له خطرها وأبعادها :
إنَّ ابن أبي عمر من رجال صحيح مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وقد روى عنه مسلم وحده مائتي حديث وستة عشر حديثا(1) ولعلَّ الأئمَّة الآخرين قد رَوَوْا عنه الكثير .
فإذا التبس علينا الأمر في سماع ابن أبي عمر هل سمع من عبد الرزاق قبل أن يختلط عبد الرزاق أو بعد الإختلاط وجب علينا أن نتوقف عن قبول روايته وجرَّت هذه المشكلة أذيالها على كل مروياته عن عبد الرزاق وعلى رأسها مرويات مسلم ومنها هذا الحديث الذي يدور النقاش حوله وقد أوقعه الباحث في فخ هذه المشكلة .
__________
(1) : تهذيب التهذيب (9/457) .

(1/46)

ليقرب القارئ من ترجيح أنّ سماعه من عبد الرزاق كان بعد الإختلاط يسوق هذا القول " وعبد الرزاق عمي وبدأ (كذا) قبول التلقين بعد المائتين على قول الإمام أحمد وابن أبي عمر توفي سنه 243هـ ) اهـ
ويريد المليباري أن يقول : وهذا مما يساعدنا على القول بأنَّه يغلب على الظن أنّ سماع ابن أبي عمر من عبدالرزاق كان بعد الإختلاط .
فنزداد حيرة وتوقفا في مروياته !! ولنبدأ بهذا الحديث .
ولا أعرف سرّ تقاعسه عن حل هذه المشكلة بالبحث عنها في مظانها ومن مظانها
بل في طليعها كتاب ((الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات)) لأبي البركات محمد بن أحمد المعروف بابن الكيال المتوفي سنة 939هـ وهو من مطبوعات المركز العلمي بجامعة أم القرى التي يدرس فيها الباحث ولا أستبعد أنّ عنده نسخة منها ,فإنَّ الجامعة توزّع هذا الكتاب على طلاَّب الدراسات العليا بها وعلى غيرهم من طلاب العلم ومن مظانه " التقييد والإيضاح شرح مقدّمة ابن الصلاح " للحافظ العراقي وهو كتاب مشهور ولا أستبعد أن يكون من محتويات مكتبة الباحث وقد ذكر هذان الإمامان في كتابيهما أنّ محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ممّن سمع من عبد الرزاق قبل الإختلاط . انظر : الكواكب النيرات(ص276-278) والتقييد والإيضاح (ص460) .
فبماذا يفسر تقصير الباحث وتقاعسه عن حل هذه المشكلة ؟!
الله وحده يعلم ما تنطوي عليه القلوب و ( إنّما الأعمال بالنيَّات وإنّما لكل امرئٍ مانوى ).
12ـ قال في ص5 : " وعلى كل حال أنَّه خالف الثقتين , أحدهما أوثق منه وانفرد بطريق عبدالرزاق عن معمر عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر , ولم أجد لأصحاب أيُّوب لاسيما حمادبن زيد وابن علية وهما من اثبات أصحابه رواية عن أيُّوب هذا الحديث في حدود تتبعي ,ولهذا قال الإمام الدارقطني :"وليس بالمحفوظ عن أيُّوب " ,ولولا أنَّه قال هذا لم أنتبه إلى هذه العلَّة البعيدة . والإسناد ظاهره سليم وبجودته نسارع إلى تصحيحه " .

(1/47)

- أقول : ما زال الباحث مُعجَباً بهذه الأسطورة التي يربطها بالدارقطني فتارة يسميها قوله وأخرى يزعم أنّ قول الدارقطني يشير إليها " ولولاَ أنَّه قال هذا لم انتبه إلى هذه العلة البعيدة "
أي أنَّه استطاع أن يأتي بما لم يستطعه الأوائل ! وذلك بإدراكه هذه العلّة البعيدة وهي-حقاً- بعيدة جداً عن الواقع فليس لها أيّ أساس و قد قدّمنا ما يبيّن زيفها و ممّا قلناه سابقا أنّ عبد الرزاق قد روى هذا الحديث في مصنفه ممّا يقضي على كلّ هذه التّهاويل ,ولو كُنَّا من هوات المجازفات والمغالطات لقلنا : أنّ هذين الثقتين هما اللذان أخطآ في رواية هذا الحديث فخالفا ما سجله شيخهما في مصنفه إذ روى الحديث فيه عن معمر عن نافع وهما يرويانه عن معمر عن الزهري .
ومحمد بن رافع مضطرب فبينما هو يروي لمسلم هذا الحديث عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري فإذا به يرويه للنسائي عن عبدالرزاق عن ابن جريج قال : سمعت نافعا يقول : حدّثنا إبراهيم ابن عبد الله بن معبد بن عبّاس أنّ ميمونة زوج النّبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلاّ مسجد الكعبة ) ( النسائي 5/168) باب الصلاة في المسجد الحرام .
فمحمد بن رافع يشترك مع عبد بن حميد في مخالفة ما رواه شيخهما عبدالرزاق في مصنفه ويزيد بأنّ روايته عند مسلم تخالف روايته عند النسائي فهو مثلا مضطرب على منطق باحثنا هذا كما سيأتى في مناقشته في الآتي فلو قابله مغامر مجازف بمثل هذا المنطق لكان أقوى منه حجة وأقرب إلى الواقع فبماذا يجيب ؟
و أيّهما أبعد عن الشبه رواية محمد بن أبي عمر أم رواية محمد بن رافع و عبد بن حميد ؟
وبعد أن اتضحت براءة محمد بن أبي عمر ممّا نسبه إليه الباحث ,وأنّ روايته في مسلم عن عبد الرزاق عن معمر عن نافع تؤكدها رواية شيخه في مصنفه .

(1/48)

نُجِيبُ عن هذه الشبه فنقول : إنَّ عبد الرزاق من المحدّثين المكثرين وهو حافظ متقن ويروي عن معمر عن أيُّوب ويروي عن معمر عن الزهري ويروي عن ابن جريج وقد أدَّى هذه المرويات إلى أصحابه كما سمعها وتلقاها عنه أصحابه ومنهم ابن أبي عمر ومحمد بن رافع وعبد بن حميد فأدَّوْا عنه كما سمعوا ,ما كان منها عن معمر عن الزهري ,وما كان منها عن معمر عن أيُّوب ,وما كان منها عن ابن جريج كلّ واحد منهم أدَّى كما سمع ولا نقبل أيّ تعليل لهذه الروايات وأمثالها إلاّ بحجج واضحة كالشمس ونرد الشبهات والأوهام والخيالات .
12ـ قال الباحث في ص5 : " وبعد هذا التحرير يتبين لنا أنّ رواية عبيد الله عن نافع -وهي أيضا منتقدة كما يأتي- لا يعطي (كذا) لطريق معمر عن أيُّوب أيّ قوة , لأنّ موضع الوهم إنّما هو في رواية ابن أبي عمر عن عبدالرزاق بهذا الوجه وأنّ طريق أيُّوب شاذّة ولا تصلح أن تكون متابعا لطرق أخرى -كرواية عبيد الله- ولاينفع الكلام هنا بأنّ أيُّوب من أثبت أصحاب نافع إذ أنّها لم يثبت (كذا ) وإذا ثبتت , فهو أولى بالترجيح ".
أيّ تحرير هذا وكيف يتبين لنا أنّ رواية عبيد الله عن نافع لا يُعطي (كذا) أيّ قوة لطريق معمر عن أيُّوب ,ولم تدرس رواية عبيد الله لا بحقّ ولا بباطل ولا حتى بالمجازفات ,وهل هكذا يفعل الحكام العدول ؟ يصدرون الأحكام بدون دعوى ولا إجابة و بدون أيّ حيثيات للأحكام التي يصدرونها ؟!
ولقد سبقت لك مجازفات وتهاويل حول رواية ابن أبي عمر عن عبدالرزاق عن معمر عن أيُّوب ورغم أنّها مجازفات -تبين زيفها فيما أسلفناه- فكان ينبغي أن تذكر خلاصة دراستك عنها وحدها.
ثم تقوم بدراسة وتتبعات طويلة لرواية عبيد الله ,ثم تقوم بدراسة وتتبعات طويلة

(1/49)

لرواية عبد الله بن عمر العمري ,ثم تقوم بدراسة وتتبعات طويلة لرواية عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر-رضي الله عنهما- ولو رافقتها كلها مجازفات وتهويلات ثم بعد كل هذا تقول : وبعد هذا التحرير تبين لنا .. الخ ليكون كلامك على الأقلّ مقبولا عند من لايعرف واقع الأمر فينطلي عليه !
أمَّا تحريرٌ على هذه الشاكلة فلا يقبله أحد له مُسكةُ من عقلٍ فضلا عن أن تتبيَّن له حقيقة الأمر.
13ـ قال الباحث في ص 5 : " ثم إنّ الذي نقل فضيلة الشيخ من كلام يحيى بن معين , لا أجد له أيّ فائدة هنا , فإنَّ أيُّوب من البصريين , ومعمر أيضا بصري الأصل . ثم نزل اليمن , ولاشىء في روايته عن أيُّوب , ثم الذي فيه أنّ معمرا لما قدم إلى بصرة (كذا) لزيارة أمّه ,لم يكن معه كتابه ,وكان يحدث من حفظه فأخطأ ,فإذا روى البصريون عنه فيحتاج إلى متابعة ليطمئن القلب معهم (كذا) أمَّا عبد الرزاق إنّما سمعه من كتابه , وروايته عنه صحيحة "
- أقول : إنّ السّر في نقلي لكلام ابن معين في معمر أنّ الدارقطني عالم فذّ ومثله لا يرسل الكلام جزافا فقدرت أنَّه لابد من سبب لقوله :"وليس بمحفوظ عن أيُّوب " , وكان قد ذكر معمرا معه في سياق كلامه فكان ذكره مع أيُّوب في سياق كلامه قرينة على أنَّه يقصد أو يعرض بمعمر .
وكنت ولا أزال أعتقد أنّ الدارقطني لا يحكم على الحديث , بأنَّه شاذ أو منكر بمجرد أن ينفرد به واحد من الثقات فرأيت أن أقرب ما يمكن ان يوجه به كلامه هو قول ابن معين فيما يرويه معمر عن العراقيين بصريين كانوا أوكوفيين .
لهذا الغرض المعقول نقلت كلام ابن معين , مع عدم الجزم بأنّ هذا هو قصده ومع احترامي للدارقطني , فلم أبن على كلامه أيّ نتيجة لأنَّه لم يقدم حجة تدعم قوله فما كان منّي إلاّ أن شددتُ برواية معمر عن أيُّوب عن نافع بقية الروايات عن نافع وذلك واضح في رسالتي بين الإمامين .

(1/50)

ثم أزيد الآن أنَّنِّي أقبل قول ابن معين في رواية معمر عن العراقيين بصريين وكوفيين إلاَّفي رواية قتادة وأيُّوب , فإنّهْ كان يحفظ حديثه عن قتادة وكان بينه وبين أيُّوب صلة وثيقة أعتقد أنَّه بهذه الصلة كان يحفظ حديث أيُّوب لأنَّ هذه الصلة عبارة عن الملازمة يُحسب لها حساب عند المحدثين ويرجحون بها عند الاختلاف " وانظر تهذيب التهذيب (10/245) وسير أعلام النبلاء (7/ 7-9) للتأكُّد من هذه الصلة بأيُّوب .
أمَّا قول الباحث ثم إنَّ الذي نقل فضيلة الشيخ من كلام يحيى بن معين لا أجد
له أي فائدة ) فهذا حكم على نفسه , هو صادقٌ فيه لأنَّه قلَّما يستفيد من كلام العلماء , ولو كان يستفيد من كلام العلماء لما وجدت بحثة هذا مليئا بالأخطاء .
ومن الكلام الذي لم يستفد منه كلام ابن معين هذا , فابن معين يفيدنا بكلامه هذا أنّ رواية معمر عن العراقيين البصريين والكوفيين ضعيفة وباحثنا يجعل مجرد كون معمر بصرياً من الأدلَّة على صحة روايته عن أيُّوب بدون أيِّ دليل إلاَّكونه بصريا ولم يُسلم بقول ابن معين فمعنى هذا أنَّه بحكم بصريته يجب أن تقبل روايته عن كل البصريين (!).
أمَّا أنا فاستفدت منه بأن حقَّقتُ به غرضاً كما أسلفت.
ولا أزال أستفيد منه كلَّما وجدت رواية معمر عن أحد من البصريين فإنِّي أستحضر مقولة ابن معين هذه فأنزلها منزلتها وأُعطيها حكمها إلاَّ من وجدت له دليلا يخرجه من قول ابن معين هذا وهو ثقة في نفسه كأيُّوب وقتادة فإنِّي أقبل
رواية معمر عنه وأُنزلها منزلتها وأُعطيها حكمها.

(1/51)

14- قال الباحث ص:5-6 : ( ثم المسألة الثانية وهي الاختلاف على أصحاب نافع عنه وقد أورد الإمام الدارقطني في العلل 3/1/57 وجوه الاختلاف وهي بعضهم قال : عن نافع عن أبي هريرة ,والبعض الآخر قال : عن نافع عن ابن عمر ,والآخر قال : عن سالم ونافع عن ابن عمر ,والبعض الآخر قال : عن نافع عن إياس عن أبي هريرة وبعضهم قال : عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عبّاس عن ابن عبّاس عن ميمونة ,وبعضهم قال : عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ميمونة بدون الواسطة .
وقال الدارقطني : وهو الصواب عن نافع . يعني عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ميمونة .
وكذا رجحه الإمام البخاري (1/203) وكذا النسائي في سننه (5/ 213) كتاب المناسك , باب ( فضل الصلاة في المسجد الحرام ) ,لكن في كلامه شيء كما أبدى فضيلة الشيخ (كذا) وكذا القاضي عياض كما أشار إليه الإمام النووي في شرحه لمسلم (9/166) وترجيحهم صحيح وموافق للقواعد ..
ولإيضاحه أذكر أنَّ أصحاب نافع الذين اختلفوا عنه في هذا الحديث كما ذكرهم الدارقطني في العلل هم :
1ـ موسى بن عقبة…… …2ـ ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
3ـ وعبيد الله بن عمر ……4ـ وموسى بن عبد الله الجهني
5ـ وعبد الله بن عمر العمري …6ـ وعبد الله بن نافع مولى بن عمر
7ـ وابن جريج ………8ـ والليث
وموسى بن عقبة اختلف عليه , فقيل عنه عن نافع عن أبي هريرة , وقيل : عنه عن سالم ونافع عن ابن عمر , وقيل : عنه عن نافع عن إياس عن أبي هريرة فرواية موسى بن عقبة مضطربة.
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى , قال : عن نافع عن أبي هريرة .
ومحمد هذا ضعيف لسوء الحفظ. ومع هذا خالفه أصحاب نافع .

(1/52)

وعبيد الله بن عمر قال : عن نافع عن ابن عمر . وعبيد الله هذا ذكروه في أثبات أصحاب نافع . وتابعه موسى الجهني وهوكوفي ,وثقوه إلاَّ أنَّ العجلي قال : ثقة في عداد الشيوخ . اهـ يعني دون الأثبات. وقال أبو زرعة صالح , وقال أبو حاتم : لا بأس به . هذا ولم يذكروه في أيِّ طبقةٍ من طبقات أصحاب نافع .
ثم تابعه عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف ذكروه في طبقة الضعفاء وتابعه أيضا عبد الله بن نافع أكبر ولد نافع مولى ابن عمر جعلوه في طبقة المتروكين.
ومتابعة موسى الجهني هي التي تقوي حديث عبيد الله .
وأمَّا متابعة عبد الله بن عمر لا تعطي له قوة عند مخالفة الثقات كما يأتي.
لكن خالفهم ابن جريج والليث بن سعد فرويا عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله ابن معبد عن ميمونة وهذا هو الصواب.
وذلك أنّ ابن جريج إذا صرّح بالسماع (كذا ) وصرح به في رواية النسائي ومسند الإمام أحمد (6/334) فهو من أثبات أصحاب نافع.
قال يحيى القطان : ابن جريج أثبت في نافع من مالك ومعروف أنّ مالك (كذا) عن نافع عن ابن عمر سلسة ذهبية عند الإمام البخاري.
والليث بن سعد إمام معروف وجعله النسائي في الطبقة الرابعة من أصحاب نافع وإذا اجتمع ابن جريج والليث فهو الذي يترجح ويتقوى من ما اجتمع عليه عبيد الله وموسى الجهني ..
أقول : هذا الكلام فيه تكرار وقد تقدمت الإجابة عن بعض النقاط فيه وسوف أناقش ما أرى أنَّه ينبغى مناقشته وأحيل على ما تقدم نقاشه :
15ـ أولاً : قوله : وقال الدارقطني : والصواب عن نافع ( يعني عن إبراهيم ابن معبد عن ميمونة ) .
ستأتي مناقشة هذا ,وقد قدَّمنا أيضا مناقشة الدارقطني في كلامه على هذا الحديث على التتبع .
16ـ ثانيا : قوله :" وكذا رجحه الإمام البخاري وكذا النسائي في سننه ... وكذا القاضي عياض ".
تقدمت مناقشة أقوالهم وبيان ضعف حججهم وعدم استيفائهم لأطراف الموضوع .
17ـ ثالثا : قوله : " ترجيحهم هذا صحيح وموافق للقواعد .. "

(1/53)

قد بينا سلفا ضعف حججهم وتفاوتها في هذا الضعف وسنستوفي البيان الشافي إن شاء الله في الآتي .
18ـ رابعا : ذكر أصحاب نافع الذين اختلفوا عليه في رواية هذا الحديث وهم ثمانية ذكرهم إجمالا وترك أيُّوب وهو التاسع .
ثم أعاد ذكرهم مصحوباً بشيءٍ من النقد وسنناقشه بما يبدو لنا :
مغالطات أو تسرُّعٌ في الأحكام وسوء تطبيقٍ للقواعد
1ـ قال :" وموسى بن عقبة اختلف عليه ,فقيل عنه عن نافع عن أبي هريرة وقيل عنه عن سالم ونافع عن ابن عمر ,وقيل عنه عن نافع عن إياس عن أبي هريرة , فرواية موسى بن عقبة مضطربة.
- أقول : هذا تسرع في الحكم لأنّه لم يدرس الأسانيد إلى موسى بن عقبة حتى يصدر مثل هذا الحكم.
- وثانيا : لا يجوز الحكم على الأسانيد المختلفة بالإضطراب إلاَّ بشرطين :
أولاً : عدم إمكان الجمع بين مختلفها.
وثانيا : بشرط أن لا يظهر رجحان لبعضها على بعض فإذا ظهر رجحان بعض الأسانيد لزم القول بترجيحه .
ويُؤكد ما أقول قول الحافظ في مقدمة الفتح (ص348-349) : ( .. الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطربا إلا بشرطين أحدهما : استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدم ولا يعل الصحيح بالمرجوح . ثانيهما : مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك ..) اهـ.
ولم يضع الباحث هذين الشرطين في حسبانه بل أقدم متسرعا إلى القول بالإضطراب.
ولعلَّ السَّبب أنَّه لم ير واحدة من هذه الروايات عن ميمونة فخشي أن تكون الرواية التي فيها قوله عن سالم ونافع عن ابن عمر هي الراجحة وتكون نتيجة رجحانها أن تثقل كفة عبيدالله بن عمر وأصحابه فيضيع جهده فسارع إلى القول باضطرابها.
وكان عليه إذ لم يجد سبيلا إلى دراستها وإلى معرفة الراجح من المرجوح منها أن يتوقف عن الحكم عليها مطلقا.

(1/54)

19ـ خامسا : قال : " وعبيد الله بن عمر قال عن نافع عن ابن عمر " .
وعبيد الله هذا ذكروه في أثبات أصحاب نافع لا أستبعد أنّ الباحث قد طالع ترجمة عبيد الله . ورأى ما قاله أئمَّة الجرح والتعديل من الإشادة بمنزلته العالية فلم يعجبه ذلك فأخذ هذه الجملة بيدٍ - أظنُّها مرتعشة - وأسرع إلى موسى الجهني ليذكر في ترجمته كل ما يُقلِّلُ من شأنه.
وسأذكر شيئا مما مدح به عبيد الله لأبرهن على مكانته العظيمة :
قال أبو حاتم : سألت أحمد بن حنبل عن مالك وأيُّوب وعبيد الله أيُّهُم أثبت في نافع ؟ فقال عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية .
وقال أحمد بن صالح : عبيد الله أحبّ إليّ من مالك في نافع .
و قال ابن معين : عبيد الله عن القاسم عن عائشة الذهب المشبَّك بالدُّرِّ "
تهذيب الكمال (2/886) وتذكرة الحفاظ (1/160/161)
ومن مرجحاته في نافع على مخالفيه أنّه بلديُّه فكلاهما مدني ,ومن مرجحاته ملازمته لنافع انظر تهذيب الكمال في الموضع السابق .
غمطه لموسى الجهني مرَّة أخرى
20ـ سادسا : قال : " وتابعه ( يعني عبيد الله بن عمر ) موسى بن عبد الله الجهني وهو كوفي ,وثَّقوه إلاَّ أنَّ العجلي قال : ثقة في عداد الشيوخ . اهـ
يعني دون الأثبات .
وقال أبو زرعة : صالح , وقال أبو حاتم : لا بأس به .
هذا ولم يذكروه في أيِّ طبقة من طبقات أصحاب نافع " .
يعني : أنَّه لم يكفه قول ابن حجر فيه :" ثقة عابد " ,ولا قول الذهبي فيه " حجة "
فلا بدَّ من البحث عن أقوال تهبط به عن هذه المرتبة فيقول : هو : " وثقوه " بدل (ثقة) أو (حجة) عبارتان قالهما الذهبي وابن حجر ولا أدري هل يعرف الفرق بين (ثقة) و (وثَّقُوه) أو لا ؟! وأظنُّه يعرف هذا الفرق .
خيانته في النَّقل !!
ومن المؤسف جدًّا أنَّه لم ينقل عبارة أبي حاتم بأمانة !!

(1/55)

فإنَّ أبا حاتم قال فيه : " لابأس به ثقة صالح " انظر : هذه العبارة في الجرح والتعديل (ج4قسم 1/ص149) في المصورة عن الطبعة الأولى (8/ 149) . وانظرها في تهذيب الكمال للمزي (3/ 1389) .
وهو مع الأسف يأخذ من العبارات ما يوافق هواه ويترك ما يخالفه .
فقد ترك قول ابن معين فيه " ثقة " وقول أحمد " كان ثقة " وقول يحيى بن سعيد
" كان ثقة " , فترك كل هذه العبارات العالية وأخذ العبارات الأدنى وحذف من كلام أبي حاتم ما يرفعه !! راجع المصدرين السابقين وأخذ ما يخفضه في نظره ولا أدري لماذا يرتكب كل هذه الأفاعيل ؟!
ثم قال : " ولم يذكروه - يعني موسى الجهني - في أيِّ طبقة من طبقات أصحاب نافع ماذا يريد بهذه العبارة وما فائدتها ؟
لعلَّه يتشكك في سماع الجهني من نافع أو يريد أن يُشكِّكَ غيره .
هضمه لعبد الله العمري
21ـ سابعا : قوله : " وتابعه أيضا عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف ذكروه في طبقة الضعفاء "
لم يسلك هذا الباحث مسلكا واحدا في تراجم هؤلاء الرِّجال !
فمثلا لم يعجبه في موسى الجهني قول الحافظَيْنِ : الذهبي وابن حجر فذهب يبحث عن أقوال تحقق غرضه وفعل ماذكرناه .
وفي عبد الله العمري وجد لأوَّل وهلة ما يشفي غليله فاكتفى به بل زاد عليه قوله : ذكروه في طبقة الضعفاء ,ولم يبحث عن أقوال أُخر ترفع من شأنه مثلاً أو بحث فوجد قول أبي حاتم : " رأيت أحمد بن حنبل يُحسِنُ الثناء عليه " ووجد قول ابن معين : ( صويلح ) وقوله الآخر : " ليس به بأس " وهذا اللَّفظ عند ابن معين معناه أنَّه ثقة .
وقول يعقوب بن شيبة : " ثقة صدوق في حديثه اضطراب " .
وقال النسائي : " ضعيف الحديث " وقال صالح جزرة : " مختلط الحديث " انظر تهذيب التهذيب (5/327) .
فأعرض عن هذا وذاك لأنَّ في مجموع هذا الكلام ما يرفع شأنه , وهذا خطر على غايته التي يرمي إليها ,فلو سلك في حقِّهم منهجاً واحداً لقلنا لا عتب عليه فإنَّه كان جادًّا في البحث عن الحقيقة !

(1/56)

هضمه لعبد الله بن نافع
وادِّعاؤه المُوهم بأنَّ أئمة الجرح قد تركوه
22ـ ثامنا : قوله : " وتابعه أيضا عبد الله بن نافع أكبر ولد نافع مولى ابن عمر جعلوه في طبقة المتروكين " .
أظنُّ أنَّ الرَّجل نظر في التقريب فرأى عبارة الحافظ ابن حجر فيه : " ضعيف "
فلم تعجبه فإنَّ من يقال فيه : ( ضعيف ) يصلح للاعتبار ,وأظنُّه رأى عبارة الذهبي فيه وهي : " ضعفوه " وهي أخفُّ من " ضعيف " فلم تعجبه ,والأمر جِدٌّ فلا بُدَّ من التخلص منه نهائياً فنظر في التهذيب ليجد ما يُحقِّقُ ما يقصد ,فوجد عبارة النسائي والدارقطني (متروك) فرأى فيها طِلْبَتَهُ فتشبَّث بها لكن رأى أنَّه لا يكفي نسبتها إلى النسائي والدارقطني ولابدَّ من عبارة أقوى من هذه تُشعِرُ باتفاق أئمَّة النقد على جرحه فقال : " جعلوه في طبقة المتروكين " .
ورأى مثلاً قول ابن عدي : ( هو ممَّن يُكتب حديثه ) وإن كان غيره يخالفه وقول ابن سعد : ( له أحاديث وهو يستضعف ).
ورأى قول ابن حبَّان كان يخطئ ولا يعلم فلا يحتجُّ بأخباره التي لم يوافق فيها
الثقات ) .
فأعرض عن مثل هذه العبارات لأنها تُبقِي في الرَّجل رَمَقاً يُؤهِّلُه للاعتبار والمتابعة وهكذا يكون الإنصاف والعدل !!!
23ـ تاسعا : قوله : " ومتابعة موسى الجهني هي التي تُقوِّي حديث عبيد الله وأمَّا متابعة عبد الله بن عمر لا تُعطي له قوَّةً عند مخالفة الثقات كما يأتي "
يعني أنَّه قد تخلص من متابعة أيُّوب فلا تصلح في العير ولا في النفير ولا تستحق الذكر وإن رواها مسلم للمتابعة.
ورواية عبد الله بن نافع لا تصلح للمتابعة من باب أولى لاتفاق أئمَّة الحديث على أنَّه متروك - على زعمه - وإن رواها عن أبيه وهذه وإن كانت من المرجِّحات عند المحدثين فإنَّ صاحبنا لا يبالي بها .
تصويب قائمٌ على المغالطات
24- عاشرا : قوله : " لكن خالفهم ابن جريج والليث بن سعد فرويا عن نافع

(1/57)

عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد وهذا هو الصواب " .
لقد تخلص الباحث من أيُّوب وعبد الله بن عمر العمري وعبد الله بن نافع فلا أدري ماذا يقصد بقوله " لكن خالفهم " بصيغة الجمع وكان المفروض أن يقول " لكن خالفهما " ليعود الضمير إلى عبيد الله بن عمر وموسى الجهني فقط لأنَّه لم يبق من يصلح للمعارضة غيرهما حسب ما قرَّره ,لكن لعلَّ هؤلاء الثلاثة غالبوه ليقفوا إلى جانب أخويهما فيشدوا أزرهما.
وأظنُّ أنَّ قوله : ( وهذا هو الصواب ) قائم على دراسته الدقيقة فهو اجتهاد منه لا تقليد !
كشف بعض مغالطاته
25ـ حادي عشر : قوله : " وذلك أنَّ ابن جريج إذا صرَّح بالسماع -وصرح به في رواية النسائي ,ومسند الإمام أحمد (6/ 334) فهو من أثبات أصحاب نافع ,قال يحيى القطان : ( ابن جريج أثبت في نافع من مالك ومعروف أنَّ مالك (كذا) ,عن نافع عن ابن عمر سلسلة ذهبية عند الإمام البخاري . والليث بن سعد المصري إمام معروف وجعله النسائي في الطبقة الرابعة من أصحاب نافع وإذا اجتمع ابن جريج والليث فهو الذي يترجَّح ويتقوَّى ممَّا اجتمع عليه عبيد الله وموسى الجهني " .
لماذا لم تذكر في ابن جريج الذي له والذي عليه ؟! لِمَ لَمْ تذكر أنَّه مدلِّس وقد عدَّهُ الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين.
لماذا لم تذكر قول مالك فيه أنَّه : حاطب ليل !
وقول ابن معين فيه : " ثقة في كل ما روي عنه من الكتاب" تهذيب التهذيب (6/404) يعني فإذا روى من غير الكتاب فهو بخلاف ذلك .
لماذا أخذتَ قول ابن القطان : ( ابن جريج أثبت في نافع من مالك ) ثمَّ قلتَ لترفع من شأن ابن جريج : " ومعروف أن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة ذهبية "
ليكون ابن جريج عن نافع عن ابن عمر سلسلة ماسية !
وتركتَ قول الأحمدين أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح في تفضيلهما عبيد الله بن
عمر على مالك في الرواية عن نافع .

(1/58)

إنِّ ابن جريج عظيم عندي ,ولكنَّ تصرفاتِك الغريبة تُلجئُ إلى مثل هذه المناقشة والمحاسبة.
خلاصة دراسة طرق حديث ابن عمر
- رضي الله عنهما -
والآن أنقل للقارئ الخلاصة التي وصلت إليها في كتابي "بين الإمامين " في المقارنة بين أصحاب نافع : بين عبيد الله بن عمر ومن معه من جهة وبين ابن جريج والليث من جهة أخرى مُضيفاً إليها ما جدَّ لي في هذه الدراسة والمناقشة.
فقلت في الكتاب المذكور (ص344) : ( وأمَّا المسألة الثانية : وهي اختلاف أصحاب نافع ,فالصَّواب فيها اختيار مسلم وما قاله النووي من أنَّه يحتمل صحة الروايتين .
ولا يظهر لترجيح البخاري والدارقطني وعياض لرواية اللَّيث وابن جريج على رواية عبيد الله وأيُّوب وعبد الله بن عمر وموسى الجهني وجهٌ ,فالصَّواب أنَّ كلا الوجهين صحيح.
القرائن والمرجحات إلى جانب عبيد الله ومعه
ومع هذا فإنَّ رواية عبيد الله ومن معه أصح في نظري للأمور الآتية :
1ـ أنَّ عبيد الله بن عمر أثبت الناس في نافع كما يقول الإمام أحمد وأحمد بن صالح ومن قَصَّر به يُساوِيه بمالك في نافع ,وأزيد الآن :
2ـ ولأنَّه بلدي نافعٍ فكلاهما مدني .
3ـ ولأنَّه لازم نافعاً ملازمة طويلة ,وهاتان الميزتان لا يُشاركه فيها ابن جريج ولا اللَّيث فابن جريج مكي ,واللَّيث مصري ولم يلازماه كعبيد الله .
وهاتان الميزتان من المُرجِّحات عند العلماء مُحدِّثين وأصوليين.
4ـ أنَّه قد تابعه ثلاثة في روايته عن نافع وهم :
موسى الجهني .
وأيُّوب .
وعبد الله بن عمر العمري(1) .
ولنا أن نضيف عبد الله بن نافع فإنَّه لا يبعد أن يكون قد حَفِظ هذا الحديث عن أبيه ,والقرابة من المرجِّحات لأنَّ صاحب البيت بما فيه أدرى .
__________
(1) : روايته في مصنف عبد الرزاق (5/121) ومسند أحمد (2/68) وبتعليق أحمد شاكر رقم (5358) وقال أحمد شاكر : إسناده صحيح . وأما الحافظ فقال : إنَّه ضعيف .

(1/59)

ولا ننسى رواية موسى بن عقبة هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر.
وسوف ندرسها مع رواياته الأُخرى -إن تيسر لنا ذلك- فإن ترجَّحت روايته
عن نافع عن ابن عمر ضممناها إلى جانب رواية عبيد الله.
5- أنَّه قد اختلف على ابن جريج واللَّيث في رواية هذا الحديث عنهما عن نافع وهذا الاختلاف يُؤثِّر في روايتهما نوع تأثير :
- أمَّا الاختلاف على ابن جريج فمن الرواة عنه من قال : ( عن ابن جريج عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ميمونة )
وهما : أبو عاصم النبيل(1) وعبد الله بن المبارك(2) .
- وخالفهما مكي بن إبرهيم(3) وعبد الرزاق(4) فقالا : ( عن ابن جريج عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس عن ميمونة ) أي بوساطة ( ابن عباس ) بين إبراهيم بن عبد الله وميمونة .
- وأمَّا الاختلاف على اللَّيث فقد روى الحديث عنه قتيبة(5)
__________
(1) : روايته في التاريخ الكبير للبخاري (1/1/302) وأبو عاصم , ثقة ثبت .التقريب(1/3372) .
(2) : روايته في مسند أحمد (6/334) وابن المبارك هو الإمام الشهير.
(3) : روايته في التاريخ الكبير للبخاري (1/1/302) .
(4) : روايته في المصنف (5/121) ومسند أحمد (6/334) والسنن الكبرى للنسائي (51) وهي مصورة بالجامعة الإسلامية برقم (2169) عن مخطوطة بمكتبة مراد ملا أستانبول تحت رقم (96) من طريق إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع النيسابوري وذلك بخلاف ما في المطبوع من سنن النسائي ففيه : عن إبراهيم بن معبد عن ميمونة وقد نبَّه على ذلك المِزِّي في الأطراف فرجَّح ذكر (ابن عباس) في هذا الإسناد .وكلامه سيأتي -إن شاء الله- .
(5) , (4) : وروايتهما في مسلم (2/1014) وكلاهما ثقة ثبت.
(5) : وروايته في مشكل الآثار للطحاوي (1/246) وعبد الله بن وهب ثقة حافظ عابد .
وأضيف الآن : عبد الله بن صالح حيث روى الطبراني في المعجم الكبير (23/425) قال : حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي ثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس عن ميمونة مرفوعاً . ومطلب قال فيه ابن يونس : ثقة ,وقال الحافظ : صدوق . انظر لسان الميزان (6/50) .

(1/60)

وابن رمح(1) وأزيد الآن ابن وهب(2) فقالوا : عن اللَّيث عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس عن ميمونة أي بوساطة ( ابن عباس ) بين إبراهيم وميمونة .
- وخالفهم :
أ ـ عبد الله بن صالح .
ب ـ وحجاج بن الشاعر .
ج ـ وقتيبة نفسه في رواية أخرى .
فروَوْا الحديث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ميمونة مباشرة بدون وساطة ( ابن عباس ) .
وقد رجَّح البخاري والدارقطني الرواية التي لا ذكر فيها لابن عباس فهذا الاختلاف على ابن جريج واللَّيث له أثره دون شكٍّ على روايتهما ممَّا يجعلها دون مستوى رواية عبيد الله ومن معه عن نافع عن ابن عمر في الصِّحة بل ترجيحها عليها.
المزايا المرجحة لرواية عبيد الله ومن معه
وبعد : فلقد تبيَّنَ لنا ما لرواية عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ومن مع عبيد الله من مزايا تفوق بها رواية ابن جريج والليث صحةً وثبوتًا وتبيَّن لنا بُعْدُ ما ذهب إليه الدارقطني والبخاري والنسائي ومن تبعهما - في ترجيح رواية ابن جريج والليث عن نافع- .
هذا ما قلته في كتابي "بين الإمامين مسلم والدارقطني" مع إضافات قليلة تُؤكِّدُ هذه الحقيقة وسأزيد الآن توضيحاً وإضافةً لما جدَّ في البحث ممَّا يزيد ما قرَّرتُه في كتابي المذكور تأكيدًا وقوةً إن شاء الله.
- الإيجابيات التي في جانب عبيد الله ورفقته الذين روَوْا الحديث عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضى الله عنهما- مرفوعا :
- أولاً : الكثرة وهي من المرجحات عند المحدثين وعند الأصوليين فهم خمسة : ثلاثة ثقات واثنان ضعيفان يصلحان للاعتبار ولا ينزلان عن هذه الدَّرجة.
- ثانيا : أنَّ ثلاثة منهم مدنيون وهم : عبيد الله بن عمر وأخوه عبد الله وعبد الله بن نافع ,فهم وشيخهم تجمعهم بلدة واحدة وهي المدينة ومن يُقابلهم يفقد هذه الميزة.

(1/61)

- ثالثا : يربطهم بشيخهم رباط خاص أَلاَ وهو علاقة الولاء فهم وشيخهم كأسرة واحدة وأهل البيت أدرى بما فيه ,وخاصة ابن الرَّواي ألاَ وهو عبد الله ابن نافع .
- رابعا : أنَّ عبيد الله لا أعرف عنه إلاَّ الثناء المطلق من المحدِّثين ,وقد قال فيه إمامان إنَّه أثبت الناس في نافع بل أثبت من مالك فيه .
- خامسا : أنَّه لازم نافعاً زمناً طويلاً فهو أعلم بأحاديث نافع وأضبطهم لها وهذه ميزة لا يُشاركُه فيها الجانب الآخر الذي خالفه في رواية هذا الحديث .
فهذه مرجحات معتبرة عند المحدِّثين والأصوليين تدفع من يُدرِكُها إلى القول بصحة رواية عبيد الله وأصحابه ولا يستطيع عاقل بعد إدراكه كل هذه المرتكزات القوِّية أن يقول إنَّ أسانيدها كلها منتقدة معللة !! وإنَّ مسلمًا أوردها
لبيان عللها وإيضاحها !!.
- سلبيات الجانب المقابل لعبيد الله وأصحابه :
- أولاً : القِلَّة : فهما اثنان وهما ثقتان إمامان لا شكَّ في ذلك ولكن منزلتهما الكبيرة لا يجوز أن نأخذ منها مِعْوَلاً نهدم به ذلك البناء القوي الذي حاز تلك الميزات التي ذكرنا لعبيد الله وشركائه .
- ثانيا : ينقصهما عدم الملازمة التي امتاز بها عبيد الله .
- ثالثا : ينقصهما عدم المواظبة وهي ميزة انفرد بها عبيد الله وزملاؤُه الثلاثة الذين ذكرنا لهم هذه الميزة .
- رابعا : مما يُضَعِّف جانب هذين الإمامين -وخصوصاً ابن جريج- اختلاف أصحابهما عليهما في إسناد هذا الحديث فإنَّ الاختلاف يدلُّ أحياناً على عدم الضَّبط مما يُؤدِّي أحياناً إلى الحكم بالاضطراب وأحيانا إلى التوقف عن الحكم لأحد الجانبين. وأحيانا إلى ترجيح أحد الجانبين بمرجحات تظهر للنَّاظر فيه .
والاختلاف على ابن جريج كثيرٌ ويحير الناظر فيه لدرجة لا تسمح للمُنصِفِ أن يقول برجحان روايته -مع رواية اللَّيث- على رواية عبيد الله ورفقائه.

(1/62)

وعند عبدالرزاق في المصنف (5/120ـ121) اختلاف آخر على ابن جريج : 1ـ قال عبد الرزاق عن ابن جريج قال : حدثني عطاء أنَّ أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره عن أبي هريرة أو عن عائشة أنَّها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلاَّ المسجد الحرام ).
2ـ عبد الرزاق عن ابن جريج قال : أخبرنا عطاء أنَّه سمع ابن الزبير يقول على المنبر: ( صلاة في المسجد الحرام خير من مئة صلاة فيما سواه من المساجد )
قال : " ولم يسمِّ مسجد المدينة . فيخيل إليَّ أنَّما يريد مسجد المدينة " .
فإن تسرَّعنا -كما تسرَّع الباحث- في الحكم على روايات موسى بن عقبة بالاضطراب فإنَّ الروايات عن ابن جريج مختلفة اختلافاً كثيراً فهي مضطربة على منهج الباحث ! وحينئذ لا يبقى في مقابل عبيد الله ومن معه - على ما يتمتع به جانبهم من…ميزات - إلاَّ اللَّيث بن سعد.
وهو أيضا مختلف عليه فعلى ما مشى عليه الباحث في روايات موسى بن عقبة تكون روايات اللَّيث –أيضا- مضطربة !!
فلم يبق على منهج الباحث أحدٌ يصلح لمعارضة عبيد الله بن عمر ومن معه -لأنَّه لم يختلف على أحد منهم- ويبقى تعلقه بالبخاري والدارقطني والقاضي عياض تعلق بغير علم ولا هدى .
لكنَّنا -ولله الحمد- لم نَسِر على هذا المنهج المُتهوِّر فيما مضى ولا الآن ونسأل الله أن يحفظنا في المستقبل منه ومن كلِّ زللٍ خصوصاً في مجال دراسة سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخدمتها.
فنقول : إنَّ ابن جريج وعبد الرزاق من المحدِّثين المُكثرين ولهما في هذا الباب أحاديث عن عائشة وعن أبي هريرة وعن ميمونة فكونهما يرويان في هذا الباب عن عددٍ من الصَّحابة لا يُستكثر عليهما.

(1/63)

وأمَّا الاختلاف على ابن جريج في حديث ميمونة فلعلَّ سببه أنَّ ابن جريج ينشط أحياناً فيقول عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة وأحياناً يكسل فيُسقِطُ ( ابن عباس ) والمحدِّثون يفرضون مثل هذا الاحتمال .
أو نقول : إنَّه أحيانا ينسى ذكر ( ابن عباس ) في الإسناد فيسمعه في هذه الحال بعض أصحابه ومنهم أبو عاصم النَّبيل وعبد الله بن المبارك ويستحضر أحياناً أنَّ ابن عباس في الإسناد فيذكره في الإسناد ,ويكون قد سمعه في هذه الحال بعض أصحابه ومنهم: عبد الرَّزَّاق ومكي بن إبراهيم ,وجَلَّ من لا ينسى . وقد يَنسَى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصَّحابة -رضوان الله عليهم- فضلا عن غيرهم.
وإذا احتمل الأمر هذا وذاك قلنا : إنَّ مع عبد الرزاق ومكي بن إبراهيم زيادة وهما ثقتان والزيادة من الثقة مقبولة ومَنْ حَفِظ حجة على من لم يحفظ فأثبتنا زيادة ( ابن عباس ) في إسناد حديث ميمونة بهذا الإسناد ,وأمَّا الاختلاف على الليث فيقال فيه ما قيل في الاختلاف على ابن جريج وينتهي فيه بالقول بقبول زيادة الثقة وهذه الزيادة جاءت من ثقات ويضاف إلى ذلك أنَّ رواية قتيبة وابن رمح في مسلم ورواية مخالفيهما خارج الصحيحين وما كان في الصحيحين أو في أحدهما يُرجَّحُ على ما في سواهما.
ويضاف أيضا أنَّ في الجانب المقابل للزيادة عبد الله بن صالح(1) وهو متكلم فيه ورواة الزيادة لا كلام فيهم .
فبهذه الدراسة الشاملة لكلِّ جزئيات هذه القضية والقائمة بدراسة جزئياتها واحدة واحدة في ضوء قواعد المحدثين بدون إفراط أو تفريط وبدون تعصب أو هوى لأحد وصلتُ إلى تقرير هذه النتائج التي أرجو أن تكون صحيحة وهذا يتفق مع ما أَثْبَتُّه في كتابي"بين الإمامين مسلم والدارقطني " وهو قولي :
__________
(1) : وأيضا رواية عبد الله بن صالح مختلف فيها .

(1/64)

( وأمَّا المسألة الثانية : وهي : اختلاف أصحاب نافع , فالصواب فيها اختيار مسلم وما قاله النووي من أنَّه يحتمل صحة الروايتين )
ولا يظهر وجهٌ لترجيح البخاري والدارقطني وعياض لرواية الليث وابن جريج على رواية عبيد الله وأيُّوب وعبد الله بن عمر وموسى الجهني.
فالصواب أنَّ كلا الوجهين صحيح , ومع هذا , فإنَّ رواية عبيد الله ومن معه أصح في نظري للأمور الآتية ... إلخ .
وانظر في رسالتي بين الإمامين (ص344-346) .
وأستدرك الآن فأقول : إنَّ كلا الوجهين ثابت ,فرواية عبيد الله بن عمر وزملائه عن نافع صحيحة , ورواية الليث وابن جريج عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة حسنة , لأنَّ إبراهيم بن عبد الله صدوق كما قال الحافظ ,ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحاً ولا تعديلاً ,وسكت عنه الذهبي في "الكاشف" .
تطبيق خاطئ لكلام أئمة النَّقد
26ـ قال الباحث ص7:" ثم إنَّ طريق نافع عن ابن عمر طريق الجادة ويسبق إليها اللسان".
والثانية طريقة غير مشهورة , لا يسبق إليها اللسان وبمثل هذا يعلل أبو حاتم الأحاديث كثيرا ".
- أقول : لو كان راوي طريق نافع عن ابن عمر واحدا فقط , لقلنا : إنَّه سلك الجادة.
أمَّا والرواة جماعة اتفقت كلمتهم على ذلك, ولهم مالهم من المزايا لاسيما عبيد الله فلا يتأتَّى القول بأنهم سلكوا الجادة, إلاَّ إذا كان القائل يريد المكابرة والعناد!.

(1/65)

فهذا أسلوب غير علمي ولا يُتَصَوَّرُ من عاقل- فضلا عن مُحدِّث- أن يقبله ولو درس أبو حاتم أو غيره من الأئمَّة ,حتى البخاري دراسة وافية لما تجاوزوا -في نظري- النتائج التي وصلت إليها ,لأنِّي -بحمد الله- مع هذه الدراسة طَبَّقْتُ قواعد المحدثين بكل دقة ولم آلُ في ذلك جهداً (1) .
27ـ قال الباحث ص7:"ولهذا رجحوا حديث ابن جريج والليث , وهم أئمَّة(2) هذا الشأن ثمَّ إنَّ الذي قال فضيلة الشيخ وقد ورد الاختلاف عن ابن جريج والليث ,وزاد بعض رواتهما عنهما " ابن عباس" قبل ميمونة , وبعضهم لم يذكروا هذا الاختلاف وهذا الاختلاف يؤثر في روايتهما نوع تأثير"
قلت : إنَّ الاختلاف إنَّما يؤثر في إسناده إذا لم يترجح إحدى طرقه , أمَّا إذا ترجح فيصبح محفوظا ,وهنا حكموا بأنَّ ذكر ابن عباس وهمٌ وإسقاطه محفوظ , لأنَّ أثبات أصحابهما رووا عنهما بإسقاط ابن عباس.
__________
(1) : لقد أرجف المليباري كثيراً بهذا الكلام ومن يُقارن بين دراستي لهذين الحديثين ودراسة العلماء الذين عارضوا الإمام مسلماً فيها وحججهم يجد صدق ما نقول ,فهؤلاء العلماء درسوا ألوف الألوف من الأحاديث ودرسوا الألوف من الرِّجال ولا بُدَّ أن تكون لهم أخطاء فيما ضعَّفوه وصححوه ولا بُدَّ أن يكون منهم تقصير فيما ضعَّفوه ولهم من الصَّواب الشيء الكثير ,ومن يقول غير هذا فهو مبطل مجازف .
ومن يأتي بعدهم يجد ما يتعقبه عليهم ويكون الصواب معه وإن كان هو دونهم وأقلَّ منهم علماً .وكتب النَّقد كثيرة ومن يقول غير هذا فقد كذب وجازف وتحجر على فضل الله تعالى .
وعجباً !لهذا الرجل الذي يُخالف علماء تسعة قرون ويطعن في جهودهم بالجهل والهوى ثمَّ يُرجف عليَّ بهذا الكلام!
(2) : هذا من التمويه على القرَّاء ,فالذين خالفوا مسلماً تتفاوت وجهات نظرهم ومجموع من صحَّح حديث ابن عمر وميمونة وشواهدهما يبلغون خمسة وعشرين عالماً وناقداً . فأين وضعهم هذا المتعالم المتطاول ؟! .

(1/66)

وما هو ذنب المتقن الذي روى عن شيخه , وأتقن , ثمَّ روى سيء الحفظ عن ذلك الشيخ وأخطأ ".
- أقول : على هذا الكلام ملاحظات :
1- إنَّ هذا الكلام الذي نسبه إليَّ وإن كان لا يختلف معناه عن معنى كلامي إلاَّ أنَّ هناك فرقا بين التعبيرين فأحيل القارئ إلى ص344 ليرى الفرق بين العبارتين.
2- أن قوله :"قلت إن الاختلاف إنما يؤثر في إسناده (كذا) إذا لم يترجح إحدى (كذا) طرقه , وأمَّا إذا ترجح فيصبح محفوظا - كلام من نسج خياله وإلاَّ فليخبرنا بمن سبقه مِنَ العلماء إلى هذا الشرط.
استخفاف بعددٍ من الأئمة الحُفَّاظ ومجازفة مقيتة
3- إنَّ قوله :" وهنا فقد حكموا(1) بأن ذكر ابن عباس وهم , وإسقاطه محفوظ لأنَّ أثبات أصحابهما رووا عنهما بإسقاط ابن عباس وماهو ذنب المتقن الذي روى عن شيخه وأتقن ثمَّ روى سيء الحفظ(2) عن ذلك الشيخ وأخطأ ".
هو قول من يرسل الكلام جزافا دون روية ودون وعيٍ لما يقول مع الأسف الشديد.
فقد بينَّا ضعف أدلة من رجح إسقاط ذكر ابن عباس من حديث ميمونة بيانا مدعَّماً بالأدلة الواضحة فيما سبق والحمد الله.
ثم إنَّ قوله : "لأنَّ أثبات أصحابهما (يعني ابن جريج والليث بن سعد ) رووا عنهما بإسقاط ابن عباس" من العجائب ولله في خلقه شؤون ولو لم يكن من زلاَّتِه ومجازفاته في هذا البحث إلاَّ هذه الزلة لكفته.
من قال من أئمَّة الحديث أنَّ عبد الرزاق ومكي بن إبراهيم اللذين رويا هذا الحديث عن ابن جريج عن نافع بإثبات ابن عباس سيئا الحفظ ؟! ومن قال : إنَّ قتيبة وابن رمح وابن وهب وقد ذكروا ابن عباس في إسناد حديث ميمونة سيئوا الحفظ؟!.
__________
(1) : هذا تعميم باطلٌ يُوهم أنَّ أهل الحديث قد اتفقوا على ما يدَّعيه وقد عرفتَ بطلان هذه الدعوة وأمامك الآن ما ينقضها .
(2) : هذا الكلام فيه استخفاف بخمسة من الأئمة الحفَّاظ ! .
يـــــــتبع ....









رد مع اقتباس