تفشي ظاهرة التطاول علي العلماء ، أو التعصب لهم
إن الناس في هذا الزمان قد اختلفت مواقفهم مع العلماء إلي ثلاثة أصناف .
الصنف الأول :
محب لهم مشفق عليهم ، منتبه لزللهم يدعو لهم ، يتحاشى الوقوع في أعراضهم ، يحاول جاهدا ، عدم المساس بهم ، لا كرامة لهم فقط ، وإنما كرامةً لمكانتهم التي في قلوب الناس جميعا ، مطيعهم وعاصيهم ، ويبذل النصيحة الواجبة لهم ، بأدب يليق بمكانتهم ، سالكا طرائقه الشرعية .
ولا شك أن هذا المسلك صواب لا غبار عليه ، وهو بعض ما نريد أنَّ نذهب إليه من خلال هذه الرسالة .
الصنف الثاني :
مبالغ في حبهم ، لا يري خطأ عليهم ، أو تقصيراً في جانبهم ، لذا لا يري نصحهم أو بمعني أخر ، تبيين الأمر وتجليته لهم ، وفي المقابل يشنع علي من بذل النصيحة لهم ، ويري الصواب دائماً في كل ما يقولون أو يسكتون عليه ، وكأنهم معصومين من الزلل والخطأ ، ولا شك أن هذا مسلك خطأ كثير فساده .
الصنف الثالث :
صنف تحامل علي العلماء ، لشدة ما يري أنهم قصروا عن أداء ما كلفهم الله عن بذل الوسع في الصدع بالحق ، وعدم الخوف والملامة إلا من الله .
فهؤلاء أرخوا العنان لأقلامهم ، ووسعوا دائرة سبهم ، وتناولوا أعراضهم في كل شاردة وواردة ، وفي كل صغيرة وكبيرة ، وحملوهم وزر الأمة والوقوع في الغمة !!
وأخذ – هؤلاء – على متابعتهم وتتبعهم ، ومناقشة طرحهم ، ورد كلامهم وتسفيه عقولهم ، بل لا أبالغ إذا وصل الأمر إلى تكذيبهم .
وهذا الصنف الأخير محق في غضبه ، وزيادة ألمه ، ولكنه ، غير محق في إسقاط مكانتهم - شعروا بذلك أو لم يشعروا - بسبب موقف أو اثنين أو عشرة ؛ وذلك لأن الدين نصيحة وهذه النصيحة لها هدي يجب أن نتبعه كأي عبادة من العبادات لابد فيها الإخلاص مع متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، و [ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ]
سلسلة الآداب الشرعية
النَّصِيْحَةُ
تأليف
إسلام منصور عبد الحميد
كلية أصول الدين – جامعة الأزهر