منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تخريج حديث : (( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم )) من كتاب الإرواء ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-02, 22:23   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
علي الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية علي الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي


قلت : في هذا الكلام ما يمكن مناقشته :
أولا : ان التلون الذي أشار إلى أنه يوهن راويه ، هو الاضطراب الذي يعل به الحديث
ويكون منبعه من الراوي نفسه ، وحديثنا ليس كذلك .
ثانيا : إن الاختلاف فيه قد عرفت أن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر
الصحابي . وثور بن زيد قال الحافظ نفسه في ( التقريب ) : ( ثقة ثبت ) واحتج به البخاري كما سبق
فهل هو الراوي الواهي أم خالد بن معدان وقد احتج به الشيخان ، وقال في ( التقريب ) : ( ثقة عابد ) !
أم الصحابي نفسه ؟ ! ولذلك فنحن نقطع أن التلون المذكور ليس من واحد من هؤلاء ، وإنما ممن دونهم .
ثالثا : ان الاختلاف الاخر الذي أشار إليه الحافظ لا قيمة له تذكر ، لانه من طريق الفضيل بن فضالة
أن خالد بن معدان حدثه أن عبد الله بن بسر حدثه أنه سمع أباه بسرا يقول . فذكره . وقال :
وقال عبد الله بن بسر : إن شككتم فسلوا أختي ، قال : فمشى إليها خالد بن معدان ، فسألها
عما ذكر عبد الله ، فحدثته ذلك . أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ) ( 1 / 59 / 2 ) .

قلت : لا قيمة تذكر لهذه المخالفة ، لان الفضيل بن فضالة ، لا يقرن في الثقة والضبط بثور بن يزيد ،
لانه ليس بالمشهور ، حتى أنه لم يوثقه أحد من المعروفين غير ابن حبان . وهو معروف بالتساهل في التوثيق .
والحق يقال : لو صح حديثه هذا ، لكان جامعا لوجوه الاختلاف ومصححا لجميعها ، ولكنه لم يصح ،
فلابد من الترجيح وقد عرفت أن الوجه الاول هو الراجح . وقد جاء ما يؤيده فروى الليث بن سعد
عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بسر عن أبيه عن عمته الصماء به . أخرجه البيهقي .
ولكني لم أعرف ابن عبد الله بن بسر هذا ( 1 ) ، وقد تبادر إلى ذهني أن قول عبد الله بن بسر
( عن عمته ) يعني عمته هو ، وليس عمة أبيه . وان كان يحتمل العكس ، فإن كان كما تبادر الي
فهو شاهد لا باس به ، وإن كان الاخر لم يضر لضعفه .
ثم وجدت لثور بن يزيد متابعا جيدا ، فقال الامام أحمد ( 6 / 368 369 ) : ثنا الحكم بن نافع قال :
ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدي عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر
عن أخته الصماء به . قلت : وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات ، فإن إسماعيل بن عياش ثقة في روايته
عن الشاميين وهذه منها . * ( هامش ) * ( 1 ) ثم رأيته عند ابن خزيمة ( 2165 ) من هذا الوجه دون لفظة ( ابن ) ،
فلعله الصواب . ( * )
فهذا يؤيد الوجه الاول تأييدا قويا ، ويبطل إعلال الحديث بالاضطراب إبطالا بينا ، لانه لو سلمنا أنه اضطراب
معل للحديث فهذا الطريق لا مدخل للاضطراب فيه . والحمد لله على توفيقه ، وحفظه لحديث نبيه
صلى الله عليه وسلم .
وقد جاء ما يؤيد الوجه الثاني من وجوه الاضطراب ، فقال يحيى بن حسان : سمعت عبد الله بن بسر يقول :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكره مختصرا دون الزيادة . أخرجه أحمد ( 4 / 189 )
والضياء في ( المختارة ) ( 141 / 1 ) .
قلت : وهذا سند صحيح رجاله ثقات ، ويحيى بن حسان هو البكري الفلسطيني . وتابعه حسان بن نوح
قال : سمعت عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ترون يدي هذه ؟
بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وسمعته يقول : فذكره بتمامه . أخرجه الدولابي في ( الكنى ) ( 2 / 118 )
وابن حبان في ( صحيحه ) ( 940 )
وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) ( 9 / 4 / 1 )
والضياء في ( المختارة ) ( 106 / 1 - 2 ) .
ورواه أحمد في ( المسند ) ( 4 / 189 ) من هذا الوجه ولكن لم يقل : ( سمعته ) ، ووإنما قال :
( ونهى عن صيام . . . ) . وهو رواية للضياء أخرجوه من طريق مبشر بن اسماعيل وعلى بن عياش كلاهما
عن حسان به . وخالفهما أبو المغيرة نا حسان بن نوح قال : سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره .
أخرجه الروياني في ( مسنده ) ( 30 / 224 / 2 ) : نا سلمة نا أبو المغيرة .
قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير حسان بن نوح وثقه العجلى وابن حبان وروى
عنه جماعة من الثقات وقال الحافظ في ( التقريب ) : ( ثقة ) .
قلت : فإما أن يقال : ان حسانا له إسنادان في هذا الحديث احدهما عن عبد الله بن بسر ، والاخر
عن أبى أمامة ، فكان يحدث تارة بهذا ، وتارة بهذا ، فسمعه منه مبشر بن إسماعيل وعلي بن عياش
منه بالسند الاول ، وسمعه أبو المغيرة - واسمه عبد القدوس بن الحجاج الخولاني - منه بالسند الاخر ،
وكل ثقة حافظ لما حدث به .
واما أن يقال : خالف أبو المغيرة الثقتين ،فروايته شاذة ، وهذا أمر صعب لا يطمئن له القلب ، لما فيه
من تخطئة الثقة بدون حجة قوية . فان قيل : فقد تبين من رواية يحيى بن حسان وحسان بن نوح
أن عبد الله بن بسر قد سمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم ، وهذا معناه تصحيح للوجه الثاني أيضا
من وجوه الاضطراب المتقدمة ، وقد رجحت الوجه الاول عليها فيما سبق ، وحكمت عليها بالشذوذ ،
فكيف التوفيق بين هذا التصحيح وذاك الترجيح ؟
والجواب : ان حكمنا على بقية الوجوه بالشذوذ وإنما كان باعتبار تلك الطرق المختلفة على ثور بن يزيد ،
فهو بهذا الاعتبار لا يزال قائما . ولكننا لما وجدنا الطريقين الاخرين عن عبد الله بن بسر يوافقان الطريق
المرجوحة بذاك الاعتبار ، وهما مما لا مدخل لهما في ذلك الاختلاف ، عرفنا منهما صحة الوجه الثاني
من الطرق المختلفة . بعبارة أخرى أقول : ان الاضطراب المذكور وترجيح أحد وجوهه إنما هو باعتبار
طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ابن بسر ، لا باعتبار الطريقين المشار إليهما بل ولا باعتبار
طريق لقمان بن عامر عن خالد بن معدان ، فانها خالية من الاضطراب أيضا ، وهى عن عبد الله بن بسر
عن اخته الصماء ، وهي من المرجحات للوجه الاول ،
وبعد ثبوت الطريقين المذكورين ، . يتبين أن الوجه الثاني ثابت أيضا عن ابن بسر عن النبي
صلى الله عليه وسلم باسقاط أخته من الوسط .
والتوفيق بينهما حينئذ مما لابد منه وهو سهل ان شاء الله تعالى ، وذلك بان يقال : ان عبد الله بن بسر
رضي الله عنه سمع الحديث أولا من أخته الصماء ، ثم سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة .
فرواه خالد بن معدان عنه على الوجه الاول ، ورواه يحيى وحسان عنه على الوجه الاخر ، وكل حافظ
ثقة ضابط لما روى .


ومما سبق يتبين لمن تتبع تحقيقنا هذا أن للحديث عن عبد الله بن بسر ثلاثة طرق صحيحة ، لا يشك
من وقف عليها على هذا التحرير الذي أوردنا أن الحديث ثابت صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فمن الاسراف في حقه ، والطعن بدون حق في رواته ما رووا بالاسناد الصحيح عن الزهري أنه سئل عنه ؟
فقال : ( ذاك حديث حمصي ) ! وعلق عليه الطحاوي بقوله : ( فلم يعده الزهري حديثا يقال به ، وضعفه ) !
وأبعد منه عن الصواب ، وأغرق في الاسراف ما نقلوه عن الامام مالك أنه قال : ( هذا كذب ) !
وعزاه الحافظ في ( التلخيص ) ( 200 ) لقول أبى داود في ( السنن ) عن مالك . ولم أره في ( السنن )
فلعله في بعض النسخ أو الروايات منه ؟
وقال ابن الملقن في ( خلاصة البدر المنير ) بعد أن ذكر قول مالك هذا ( 103 / 1 ) :
( قال النووي لا يقبل هذا منه ، وقد صححه الائمة ) .
والذي في ( السنن ) عقب الحديث : ( قال أبو داود : وهذا حديث منسوخ ) .
قلت : ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس : ( أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها : أي الايام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
أكثر لصيامها ؟ قالت : يوم السبت والاحد ، فرجعت إليهم فاخبرتهم ، فكأنهم أنكروا ذلك ،
فقاموا بأجمعهم إليها * ( هامش ) * ( 1 ) هو في النسخة التازية آخر الباب . ( * )









رد مع اقتباس