بين الشيخ ربيع والشيخ بكر أبو زيد
قال المتعصب لسيد قطب والمسمى الشايجي :
( ولو قرأت ماكتبه العلامة بكر أبو زيد في هذه الطائفة حيث سماها بالجراحين وكيف تعرض بعد ذلك ومازال لسهامهم وتصنيفهم فقد بدعوه بعد هذا الكتاب وبعد أن كانو يقولون فيه " هو حبرنا وعالمنا وسيدنا .. "
اذا بهم ينقلبون عليه ويقولون " هو شرنا .." " وهو من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير " ) الشيخ ربيع في الحد الفاصل 137 ص 56 .
أقول :أن الشيخ ربيعا امام في الحديث ، امام في السنة ، امام في قمع أهل الأهواء والمخالفين على شتى أصنافهم ، إمام في المروءة والكرم والتواضع نحسبه كذلك والله حسيبه .
والشيخ بكر أبو زيد عرفناه من خلال كتبه فهو عالم سني صاحب أبحاث عظيمة ومشاركات في العلم عديدة .
وما حصل بينهما هو داخل في إطار المنهج السلفي (1) ولادخل للغرباء في ذلك ورد الشيخ ربيع على الشيخ بكر في الحد الفاصل من أكبر الادلة على أن السلفيين لاتأخذهم في الله لومة لائم وأن مقصدهم وأساس تحركهم هو الدين وليست الحزبية الضيقة ، فكل من أخطأ وإن كان من أقرب المقربين ردوا عليه وبينوا خطأه .
وهذه الميزة يجعلها بعض السفهاء عيبا ونقصا لكونهم اعتادوا على الحزبية وانظر الى حال الاخوان والتبليغ والقطبيين وكيف أنهم لايردون على بعضهم البعض مهما بلغت أخطاؤهم بحجة ( لاتصدعوا الصف من الداخل ، لاتثيروا الغبار من الخارج ، لا تحركوا الخلاف بين المسلمين ، نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) (1) .
وهكذا حتى تراكمت الاخطاء ووقعوا في أوحال البدع والمخالفات الشرعية الكبيرة وأهل السنة يردون على كل أحد كائنا من كان ، لأن نظرتهم الى الدين والى العقيدة ، حتى تبقى ناصعة صافية من أي شوب كما كانت عند الصحابة ، ويصدق عليهم ماجاء في الأثر ( ينفون عن القرآن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) .
وقد صنّف الشيخ بكر أبو زيد كتابا في ذلك أسماه ( الرد على المخالف من أصول الاسلام ). وبين فيه أنه لايجوز السكوت عن أي خطأ مهما صغر .
بل إن أهل السنة - أحيانا - يشدون على أقرب الناس اليهم ويطلقون عليهم بعض الكلمات التي يظهر منها الغض وذلك للوصول الى مصلحة شرعية وهي الحذر من الخطأ الذي وقع فيه حتى لو كان عالما جليلا أو صديقا محبا ، بل وربما اعتبروا العالم الجليل أولى في بيان خطئه والشدة عليه خوفا من اتباع الناس له .
واليك بعضا من كلام المعلمي في ذلك . قال في التنكيل 1/12
( فلهذا كان من أهل العلم والفضل من إذا رأى جماعة اتبعوا بعض الافاضل في أمر يرى أنه ليس لهم اتباعه فيه إما لأن حالهم غير حاله وإما لأنه يراه أخطأ ، أطلق كلمات يظهر منها الغض من ذاك الفاضل لكي يكف الناس عن الغلو الحامل لهم على اتباعه فيما ليس لهم أن يتبعوه فيه .
، فمن ذلك ما في “ المستدرك 2/329 عن خيثمة قال : كان سعد بن ابي وقاص - رضي الله عنه - في نفر فذكروا عليا فشتموه ، فقال سعد : مهلا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم فوالله انه كان يبغضك ويسميك الاخنس ، فضحك سعد حتى استعلاه الضحك ، ثم قال : أليس قد يجد المرء على أخيه في الامر يكون بينه وبينه ثم لاتبلغ ذاك أمانته ؟ " قال الحاكم
صحيح على شرط الشيخين ) وأقره الذهبي .
وفي الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه قال : ( ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه الا لسعد بن ابي مالك " هو سعد بن ابي وقاص " فإني سمعته يقول يوم أحد : ارم فداك أبي وأمي ..)
ومنه مايقع في كلام الشافعي من تبجيل استاذه مالك ، ومنه ماتراه في كلام مسلم في مقدمة صحيحه مما يظهر منه الغض الشديد من مخالفة في مسالة اشتراط العلم باللقاء ، والمخالف هو البخاري ، وقد عرف من مسلم تبجيله للبخاري ).
وهذا هو الذي حصل بين الشيخين الجليلين ، فالشيخ ربيع لم يبدع الشيخ بكر ابو زيد كما يقول الشايجي وحاول أن يصطاد في الماء العكر .
فهو محروم لايستطيع أن يصل الى مستوى السلفيين وتحررهم من كل القيود الحزبية التي تفرض على صاحبها السكوت عن أخطاء إخوانه الحزبيين .
ولايستطيع أن يفهم سر شدة بعض السلفيين على إخوانهم أحيانا ، فهو يعيش في زنزانة ضيقة لايشم منها الهواء الطلق والحرية ولايستطيع التخلص من القيود الفاسدة .
بل المسكين - حقيقة - مكبل بالظلمات والوساوس التي عشعشت في رأسه ، من ان الرد على الاصحاب كارثة مابعدها كارثة وأنه يجب السكوت عن أخطائهم مهما بلغت .
ولهذا حاول أن يغتنم فرصة ما حصل بين الشيخين الفاضلين فأراد ان يسقط أكثرهما شدة على منهجه وعلى إخوانه الحزبيين والبدعيين . فجعل الشيخ ربيع زعيم ( طغمة - طائفة - سفهاء - قطيع ) وأخذ يكيل له السب والشتم دون حياء أو خوف من الله . (1)
ولانقول له الا كما قال الشيخ بكر أبو زيد ( وما هذه الا وخزات مرجف وطعون مقرع . وهي مواقف يتشفى بها ، من في قلبه علة ، وفي دينه رهق وذلة ، من أهل البدع والأهواء وغيرهم . ) الرد على المخالف 88
وقال قبلها ( على كل مسلم موحد النهوض بالحقوق الشرعية عليه للعلماء العاملين من توقيرهم ، وتبجيلهم ، واعطائهم قدرهم ، والكف عن أعراضهم والوقيعة فيهم ، والبعد عن إثارة التشكيك في نياتهم ونزاهتهم ، والتعسف في حمل تصرفاتهم بالفتيا والقول على محامل السوء ، وتصيد المعايب عليهم والصاق التهم بهم ، والحط من أقدارهم ، والتزهيد فيهم . فإن هذا من أعظم وسائل " الهدم " ومواطن الاثم وتفتيت الامة ، واضعاف القيادة العلمية ..)
الرد على المخالف من اصول الاسلام / ص 88
__________________________________________________ _____________________________
(1) كان الشايجي يصف الشيخ ربيع وبكر أبوزيد بـ" العالمين الفاضلين الجليلين " / الوطن 10/9/94
ولكن هذا الوصف للشيخ ربيع كان قبل كلامه في الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق !! .