الحديث الخامس.
عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ.
رواه البخاري ومسلم.
من فوائد الحديث:
1- فضل العلم في دين الإسلام، فهو من أفضل الأعمال الصالحة، وهو من أفضل وأجلَ العبادات.
2- ضرب الأمثال للسامعين لتقريبه لهم.
3- أن العلم الممدوح في القرآن والسنة إنما هو علم الشريعة، كما قال تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم وأوتوا العلم درجات " وفي الحديث " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".
4- أن الماء النازل من السماء إن كان ماء رحمةٍ فإنه يُسمى غيثاً، وإن كان عذاباً سُمي مطراً، كما قال تعالى " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته "، وقال " وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين".
5- هذا الدين مبناه على الهدى والعلم لا على الأهواء، فالعبادات لا تُشرع إلا بدليل من الكتاب أو السنة.
6- أن العلم إرث الأنبياء، فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – لم يورثوا درهماًَ ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم، فمنْ أخذ بالعلم فقد أخذ بحظ وافر من إرث الأنبياء.
7- أن على من تعلم شيئاً من علوم الشريعة فعليه أن يبلغه لغيره.
8- أن هناك من لا ينتفع بالعلم الذي حصله، فهو وبالٌ عليه، نسأل الله السلامة والعافية.
9- فضل الماء، فكثير ما يقع التشبيه به في الكتاب والسنة.