أحكامٌ متفرقة إتمام المناسك : فإذا انتهت أيام الرمى ونزل الحاج إلى مكة طاف طواف الإفاضة إن لم يكن طافه فى أيام التشريق وسعى بعده بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً أما إذا كان مفرداً أو قارناً فإن كان سعى بعد طواف القدوم فليس عليه سعى أما إن كان طاف طواف القدوم ولم يسع بعده أو جاء متأخراً وتوجه إلى عرفة مباشرة بدون طواف قدوم فيجب عليه سعى الحج للمفرد، وسعى الحج والعمرة معاً للقارن بعد طواف الإفاضة وبعد ذلك يحلّ له كل شيء حتى النساء. عمل الحاج بعد أداء المناسك وبعد أداء الحاج لمناسك الطواف والسعى يبقى عليه عدة أشياء: 1. العمرة التى هى قرينة الحج: بالنسبة للحاج المفرد عليه أن يتوجه إلى التنعيم (مسجد السيدة عائشة) وينوى العمرة بعد إحرامه وصلاته ركعتين بالمسجد ثم يتوجه إلى البيت الحرام فيطوف، ويسعى، ويحلق أو يقصر، وبذلك يكون قد انتهى من نسكه لأن العمرة قرينة للحج، وفى ذلك يقول ابن عباس إنها لقرينته فى كتاب الله: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ } 2. تعجيل الرجوع: يستحب للحاج التعجيل بالرجوع إلى الأهل، لما روى عن عائشة أنها قالت قال رسول الله r:{ إِذَا قَضَىٰ أَحَدُكُمْ حَجَّهُ فَلْيُعَجلِ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ فَإنَّهُ أَعْظَمُ لأَجْرِهِ }[1]. 3. أحكام فى العمرة: إذا كان عنده وقت لارتباطه بفوج فلا بأس عليه أن يؤدى عمرة لنفسه، أو لغيره بعد أيام التشريق،أما العمرة فى أيام الحج وهى شوال وذي القعدة وخمس عشرة يوماً من ذى الحجة فإن أداها الحاج عن نفسه أو غيره فى هذا الوقت فعليه دم ما دام قد انتظر للحج أما إذاأداها ورجع إلى أهله ( أى لم يؤدِ الحج ) فلا شيء عليه. 4. يندب للحاج أثناء إقامته بمكة أن يزور الأماكن الفاضلة إن تيسر له ذلك فإن لم يتيسر له ذلك فلا شيء عليه، ومنها: · غار حراء: وهو الذي كان يتعبد فيه رسول الله rوفيه بدأ نزول الوحى عليه. · غار ثور: وهو الذي اختبأ فيه رسول الله rمع أبى بكر t عند الهجرة إلى المدينة. · المعلى: وهو مقبرة مكة وفيها يقول رسول الله r:{ من قُبر بمكة مُسلماً بعث آمناً يوم القيامة }[2]ويقول أيضاً r:{ مَنْ مَاتَ في أَحَدِ الحَرَمَيْنِ بُعِثَ آمِناً يَوْمَ القِيَامَةِ }[3]. · ختم القرآن بمكة: يستحب للحاج أن يختم القرآن بمكة مرة على الأقل، لأنها تعدل مائة ألف ختمة بغيرها من البلاد. طواف الوداع فإذا عزم الحاج على مغادرة مكة فليكن آخر شيء يعمله بمكة أن يودِّع البيت بالطواف به فى ملابسه العادية ويكثر فى دعائه:{ ألاّ يكون آخر عهده بالبيت ويسأل الله U أن يرزقه زيارة هذا البيت مرات وكرات }فإذا طاف طواف الوداع، وصلى ركعتين بعده سنّة الطواف فلا يحل له أن يشترى شيئاً من مكة إلا الطعام أو شراب أو علاج أو شيء أوجبته الضرورة وذلك إلا الحائض والنفساء، فليس عليهما طواف وداع. الفوات والإحصار وهما شيئان قد يتعرض لهما الحاج فلا يستطيع أن يؤدى فريضة الحج وحكمهما: 1. الفوات: وهو أن يتأخر الحاج بسبب السفر، أو المرض، أو تعطل لوسائل المواصلات، فيصل إلى عرفة وقد فاته وقت الوقوف (أي يصل بعد فجر يوم العيد)فعليه فى هذا الوقت أن يغير نيته بالحج وينوى عمرة، ويذهب إلى البيت ويعتمر،ويذبح هدياً، فإن تيسر له الحج من عام قابل فبها ونعمت، وإلا فليس عليه شيء. 2. الإحصار: وهو أن يُحصر الحاج فى الطريق إلى مكة، أى يُمنع،فيمنعه مانع أو يحبسه حابس من الوصول، مثل عدوّ أو قطاع طريق، أو وحش مفترس،أو مرض مفاجئ فيمكث مكانه ولا يستطيع أن يكمل السفر إلى مكة حتى يفوته أداء الحج: فماذا يفعل عندها؟ عليه فى هذا الموضع أن يذبح مكانه ويحلق أو يقصر، ويرجع إلى أهله، وليس عليه قضاء حجه، وهذا بإجماع المذاهب إلا الإمام أبو حنيفة t،فقد أوجب عليه ان يرسل هديه ليذبح بمكة، ولا يتحرك من مكانه راجعاً إلى أهله حتى يتحقق ويتيقن بأن هديه قد ذبح بمكة. العمرة وهى: زيارة البيت فى أى وقت من العام وليس لها وقت محددٌ، وإن كان أفضل أوقاتها شهر رمضان المبارك، لقول رسول الله r للرجل الذي قال له عقب حجة الوداع أن زوجته كانت تنوى أن تحج معه e فقال له عليه الصلاة والسلام{ أَخْبرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِيَ عمرةٌ فـي رمضانَ }[4]. أركانها: وأركانها هى: الإحرام الطواف بالبيت السعي بين الصفا والمروة، والحلق والتقصير وليس فيها لا وقوف بعرفة، ولا ذهاب إلى منى، وليس أيضاً على فاعلها هدى إلاإذا فعلها فى أيام الحج وانتظر حتى حج هذا العام أما من يؤديها بعد انتهاء أيام التشريق وإن كان فى الحج فليس عليه هدى. فضلها: قال r: { الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا }[5] وقال r:{ تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمَرَةِ فَإنَّ مُتَابَعَةً بَيْنِهِمَا يَنْفِيانِ الذُّنُوبَ وَالفَقْرَ كَما يَنْفِي الكِيرُ الخَبَثَ}[6] وفى رواية أخرى: { تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَانَّ مُتابَعَةً بَيْنَهُمَا تَزِيدُ فِي العُمْرِ وَالرِّزْقِ وَتَنْفِيانِ الذُّنُـوبَ، كما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ }[7]. فضل الله على الحاج وهذا حديث جامع يبين بعض ما يتفضل الله به على الحاج من حين يخرج من بيته إلى آخر طوافه بالبيت فقد ورد عن ابْنُ عُمَرَ y قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ النَّبِيِّ فِي مَسْجِدِ مِنًى فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَرَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فَسَلَّمَا ثُمَّ قَالاَ: يَارَسُولَ اللَّهِ جِئْنَا نَسْأَلُكَ فَقَالَ e:{ إنْ شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَاجِئْتُمَا تَسْأَلاَنِي عَنْهُ فَعَلْتُ وَإنْ شِئْتُمَا أَنْ أُمْسِكَ وَتَسْأَلاَنِي فَعَلْتُ؟» فَقَالاَ: أَخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الثَّقَفِيُّ لِلأَنْصَارِيِّ: سَلْ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ،فَقَالَ: جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ مَخْرَجِكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَمَا لَكَ فِيهِ وَعَنْ رَكْعَتَيْكَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَمَا لَك َفِيهِمَا، وَعَنْ طَوَافِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَا لَكَ فِيهِ،وَعَنْ وُقُوفِكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ رَمْيِكَ الْجِمَارَ وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ نَحْرِكَ وَمَا لَكَ فِيهِ مَعَ الإفَاضَةِ،فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِٱلْحَقِّ لَعَنْ هٰذَا جِئْتُ أَسْأَلُكَ. قَالَ:فَإنَّكَ إذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ لاَ تَضَعُ نَاقَتُكَ خُفًّا، وَلاَ تَرْفَعُهَ إلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ بِهِ حَسَنَةً،وَمَحَا عَنْكَ خَطِيئَةً، وَأَمَّا رَكْعَتَاكَ بَعْدَ الطَّوَافِ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَمَّا طَوَافُكَ بِٱلصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كَعِتْقِ سَبْعِينَ رَقَبَةً وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَإنَّ اللَّهَ يَهْبِطُ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ يَقُولُ: عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثاً مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ جَنَّتِي، فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ، أَوْكَقَطْرِ الْمَطَرِ، أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُوراً لَكُمْ، وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ، وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتَهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ الْمُوبِقَاتِ،وَأَمَّا نَحْرُكَ فَمَذْخُورٌ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ، وَأَمَّا حِلاَقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَيُمْحَىٰ عَنْكَ بِهَاخَطِيئَةٌ، وَأَمَّا طَوَافُكَ بِٱلْبَيْتِ بَعْدَ ذٰلِكَ، فَإنَّكَ تَطُوفُ وَلاَذَنْبَ لَكَ، يَأْتِي مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ فَيَقُولُ:ٱعْمَلْ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَىٰ } [8] فضل من مات حاجاً أو معتمراً قال رسول الله r:{ مَنْ مَاتَ فِي هٰذَا الْوَجْهِ حَاجّاً أَوْمُعْتَمِراً، لَمْ يُعْرَضْ وَلَمْ يُحَاسَبْ وَقِيلَ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ} [9] وعن أبى هريرة tقالr: {مَنْ خَرَجَ حَاجّاً فَمَاتَ كُتِبَ له أَجْرُ الحَاجِّ إلى يَوْمِ القِيَامَة،ِ وَمَنْ خَرَجَ مُعْتَمِراً فَمَاتَ؛ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ مُعْتَمِرٍ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ خَرَجَ غازياً فَمَاتَ؛ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الغَازِي إلى يَوْمِ القِيَامَةِ}[10]. حكم من مات محرماً من مات محرماً حالة لبسه ثياب الإحرام: فحكمه أن يدفن على هيئته بعد تغسيله، أي لا يغطى وجهه ولا قدميه، وذلك لقولهr:{ مَنْ مَاتَ مُحْرِماً حُشِرَ مُلَبيَاً }[11] ويكفن بملابس الإحرام، فقد قال e :{ يُحْشَرُ الْمَرْءُ فِي ثَوْبَيْهِ الَّذِيْنَ مَاتَ فِيهِمَا } [12] 1- سنن البيهقى الكبرى والمستدرك للحاكم. [2] رواه الحافظ أبو الفرج. [3] رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط. [4] سنن البيهقى الكبرى. [5] صحيح مسلم عن أبى هريرة. [6] مسند الإمام أحمد عن بن عامر بن ربيعة عن أبيه. [7] مسند الإمام أحمد عن عمر t. [8]رواه الطبراني في الكبير والبزار ورواه ابن حبان في صحيحه [9] عن عائشةَ y، جامع المسانيد والمراسيل [10] مسند أبو يعلى. [11] الخطيب فى التاريخ عن ابنِ عبَّاسٍ، جامع الأحاديث والمراسيل. [12]عن أبو سعيد الخدري، الحاوي الكبير في الفقه الش