
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي الله يعينك ويوفقك لكل خير

.
أختي أولا قولك أنه لابد للبنك من إيجاد السيولة عن طريق القروض.

فهو كلام ضعيف , ذلك أن هذا التفكير هو طريقة البنوك التقليدية القديمة
وإلا فإن إيجاد السيولة له طرق كثيرة وكثير منها شرعي كالتقسيط الحقيقي (البيع بالآجل) أو بيع التورق (بشروطه الشرعية)
ثانيا: القول بجواز العمل في شركات أغلب رأس مالها وأرباحها من الحرام الصريح كالفوائد الربوية -كما هو حال بنوك الجزائر-
هو قول يعتريه ضعف من كل الجهات سواء مقاصديا كاعتبار المآلات أو إستدلاليا.
واعلمي أن هذا الربا هو أشد أنواع الربا حرمة وقد حرمه الشارع تحريم مقاصد لا تحريم وسائل كربا الفضل والنسيئة.
وهو ما يسمى بربا البيوع, وهو الذي نزل فيه قوله تعالى {فليأذن بحرب من الله ورسوله} وهو ربا الجاهلية.
فلو كان عملك في مؤسسة قائمة من الأصل على معاملة مباحة ويعتريها بعض المعاملات المحرمة, هذا ممكن التساهل فيه (وهو ما يعبر عنه المعاصرين بالشركات المختلطة)
أما كون الشركة أو المؤسسة مختلطة ورأس مالها محرم كالبنوك فالقول بالحرمة هو الصحيح من ذلك, لما يلي:
1- لما ذكر مما سلف.
2- عَنْ جَابِرٍ قَالَ: {لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ} متفق عليه.
فانظري أختي إلى هذا النص القاطع ,وعملك أقرب ما يكون من المكاتب والله المستعان.
والمكاتب لا يشترط فيه أن يزاول الربا من أحد أطرافه كما تظني بحسب ما فهمت, بل ذكر العلماء من أحد أسباب فساد العقود وبطلانها أن يشتمل على ربا, وهذا سواء كنت مقرضة أو قارضة أو كاتبة أو شاهدة أو معاونة في أي شيء.
3- لما فيه المعاونة على الإثم والعدوان وهو محرم بنص كتاب الله جلا وعلا كما في قوله تعالى {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} فالقول بالجواز مصادم كليا للنص القرآني.
4- القول بالجواز هو فتح للذرائع على بابها من حدب, مع ان الواجب فيها السد, إذ أن القول بجواز العمل في البنوك يفتح العمل في كل ما هو محرم وهو إبطال لكثير من المنهيات.
ولذا فإن تركك العمل هو الأقوم عند ربك وأحسن لك ولمن حولك.
فإن كنت تخافين العيلة , فاعلمي أنك لا ترزقين نفسك , بل الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
فكل رزق يأتيك هو من عند الله , لا من جهدك ولا من قفازتك كما يقولون, إنما هو من فضل الله.
فالله رزاق لك ولأسرتك سواء كنت عاملة أو بطالة.
هذا أختي الكريمة في حالة مقدرتك على بحث عن عمل آخر ولو فيه بعض المشقة.
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
أما إذا كنت من أهل الضرورة ولك حالات خاصة من ترتب مفسدة أعظم من تركك العمل, فأقول لك عليك أن تعرضي حالتك على أهل العلم الموثوقين بالتفصيل

.
فالضرورة لها أحكام خاصة, كالإباحة عند المحرمات

.
واسأل الله العظيم أن يفرج عنك كربتك, آمين

.
والله أعلم