الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الأطهار وصحابته الأخيار،
"سُبْحَانَك إِلَهِي .. أُحْكِمَت كُل شَيْء خَلْقا .. كَم لَك فِي كُل أَمْر مِن تَدْبِيْر وَحِكْمَة .. الكَوْن شَاهِد بِعَظَمَتِك وَحِكْمَتِك .. حَارَت الْأَذْهَان فِي حِكْمَتِك الْبَالِغَة .. وَاعْتَرَفْت بِالْعَجْز مُنْقَادَة لَك وَخَاضِعَة .. سُبْحَانَك إِلَهِي .. أَحَاط عِلْمُك وَحِكْمَتِك بِالأَشْيَاء .. فَلَا مُعَقِّب لِحُكْمِك ، وَلَا رَاد لِقَضَائِك".
أُم بَعْد:
فَالَقِصَّة التَّالِيَة التي ذَكَرَهَا الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الْحُوَيْنِي، فِيْهَا عِبْرَة:
- إلى كل مَن لَم يُحِط بَعْد بِّمَدْلُوْل اسْمِيّ الَلّه تَعَالَى "الحَكِيْم العَلِيْم"، فَلَم يَعْمَل بِهَا بِحَق َفِي اعْتِقَادِه وفِي وَاقِعِه ،
- إلى كُل مَن لَم يَفْهَم بَعْدُ المَعْنَى الحَقِيقِي العُبُوْدِيَّة لِلَّه وَمَعْنَى الإِسْلَام الَّذِي هُو الِاسْتِسْلَام لِلَّه تَعَالَى، الَّذِي مَنْشَأَه الإِيْمَان بِالغَيْب،
"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"
- وَأُهْدِيِهَا بِخَاصَّة وَمَن أَعَمَاق قَلْبِي إِلَى كُل مَن يُرَد الأَحَادِيْث الصَّحِيْحَة الثَّابِتَة لِأَنَّه عَقْلِه المَحْدُوْد القَاصِر لَم يَهَضَمُهَا، لِعَدَم إِدْرَاكِه الحِكْمَة مَن ذَلِك، أَو لِسُوْء فَهْمِه أَو لَهَوَى ، فَرَفْضُهَا بِالكُلِّيَّة، فَعَوِّض أَن يَحْكُم عَقْلَه لِلنُّصُوص الثَّابِتَة الَّتِي أَوْحَاهَا الخَالِق، يُحْكَم الْنُّصُوص الْصَّحِيْحَة لِعَقْلِه الْمَخْلُوْق!!.
القصة:
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني ـ شفاه الله تعالى ـ :
" وهناك حكاية ذكرتها منذ مدة طويلة تبين لك أن هناك حلقات في الأحداث الجارية التي قد تراها بعينيك لا يعرفها إلا الله تعالى ، فلابد إذا كنت تعتقد وهذا يجب عليك اعتقاده: أن الله حكيم، فلا تعترض عليه لأنك لا تدري ، ........
وأنا أضرب المثل أو أذكر هذه الحكاية من باب توضيح المراد .
فقد ذكر أبو الشيخ الأصبهاني:
أنّ نبياً من أنبياء بني إسرائيل كان يجلس بالقرب من بئر ماء.
فجاء رجل فارس يحتاج أن يشرب فنزل من على فرسه وشرب الماء وعندما أراد أن يخرج من البئر سقطت حافظة نقوده ولم يلتفت إليه لأنه لم يأخذ باله من الموضوع ، انطلق الفارس.
فجاء راعي غنم يرد الماء فشرب وشربت الغنم فوجد الصرة فأخذها ووضعها في جيبه وانصرف.
وجاء رجل شيخ كبير في السن فشرب من البئر ثم جلس على حافة البئر يلتقط أنفاسه في هذه اللحظة بحث الفارس عن المال فلم يجد المال فقال إن النقود عند البئر فرجع إلي البئر ليلتقط المال فوجد الشيخ الكبير جالساً عند البئر فقال له أنت أخذت نقودي وخبأتها ,فقال له الرجل لم أخذ شيئًا فتنازع مع الشيخ فضربه بالسيف فقطع رقبته .
فهل هذا الرجل الشيخ أخذ النقود ؟ لم يأخذ النقود فكيف تضرب رقبته وهو لم يأخذ شيء فهو مظلوم ؟
فهذا النبي _صلوات الله عليه_ من بني إسرائيل قال يارب ّضُرِبت عنق الرجل ولم يأخذ المال إنما أخذ المال الراعي؟ فجلي لي الحكمة في ذلك، فأوحى الله إليه قال : إن والد الفارس أخذ هذا المال من والد الراعي فرددت المال إلى الوارث ، أعاد المال إلى مستحقه وهو الراعي ابن الراعي الذي أخذت فلوسه وإن هذا الشيخ قتل والد الفارس فاقتصصت منه .
قال الشيخ الحويني معلقا : فلولا أن الله عز وجل أوحي بهذا فتوجد حلقات مفقودة نحن لا نعرفها ، فلابد أن تسلم لله عز وجل فيما قضي.
وصدق إبراهيم الحربي رحمه الله لما قال : [ من لم يؤمن بالقدر لم يتهنى بعيشه ] يظل طوال عمره في نكد لماذا هذا أغني مني ؟ لا يوجد جواب ، لماذا هذا قوي وأنا ضعيف ؟ لا يوجد جواب ، لماذا يتحكم هذا في ويحكمني ؟ لا يوجد جواب ، لماذا هذا صحيح وأنا مريض ؟ لا يوجد جواب ، في الأخر سيصاب بضغط الدم أو تصلب شرايين و في الآخر يتهم ربه أن ربنا عز وجل ليس حكمًا عدلاً وطبعًا هذا فيه من الكفران ما لا يخفي على أدنى إنسان له شيء من الفهم .
..فسلم لربك تبارك وتعالي إنه العليم الحكيم " انتهى
المصدر : موقع الشيخ أبو إسحاق الحويني
https://www.alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=8998
والله أعلم،
وكتبه أبو جابر الجزائري
الجمعة 2 ذي القعدة 1432
الموافق ل 30 سبتمبر 2011
.................................................. ..........................