السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي الأفاضل
لقد جُبلنا نحن معشر المعلمين على تدبّر أمرنا و تجاوز محننا. فألفنا الخضوع
و الخنوع على أن نعرّض مصير أبنائنا الطلبة للخطر. و اعتاد مسؤولونا مداراة
أخطائهم وتعليق فشل سياساتهم على شماعة المعلم المغبون. و كنا نسكت في
كل مرة حتى لا نثير أو تُثار ضدنا القلاقل والأحكام الجائرة.
و جاءت ساعة الحقيقة... و كنا أمام المحك. فاخترنا الإنتفاضة على الخضوع
و العزة على الهوان . اخترنا الإضراب لتحقيق العدالة و إحقاق الحقّ ...
و هنا ثارت ثائرة المجتمع. لقد أقاموا الدنيا و لم يقعدوها. لقد أزبدت أشداقهم
و استعملوا أبواقهم لثنينا عما عزمنا فعله، مستخدمين في ذلك كل الطرق و لعلّ
أهمها و رقة التلميذ. فأقض تحاملكم علينا مضاجعنا و أرهق انتقادكم لنا كواهلنا
و همّنا تكالبكم علينا و تحاملكم. فلاكتنا ألسنتكم حتى الوجع، و تقاذفتنا ظنونكم
بنا فما زادنا ذلك إلى عزما و إصرارا.
لقد جانبكم الصواب، أحبتي في تشخيص حال التعليم، و تحديد أسباب تردّيه
و تدنيه. كما عُمِّيت عليكم أنجع الطرق لاستئصال الورم الذي ينخر جسد
الأمة و بفقدها توازنها. فعمدتم إلى تعليق أسباب بوار التعليم و فشله على
شماعة المعلم المغبون .فليتكم تتوجهون بلمزكم و غمزكم غير المحدود و غير
المحمود لمن يتربص حقا بأبنائنا الدوائر، و يستهتر بمصائرهم ممن يؤسس
للمنظومة التربوية من أعلى الهرم إلى أخمص القاعدة.
و لكن دعوني، أحبتي في هذه العجالة أن أطرح سؤالا جوهريا علّه يميط
اللثام عن كثير من المغالطات التي تفنّن الوزير في حبكها و المغرضون في
سبكها : لم لا تمعنون النظر في سياسة الوزير و ما شانها و شابها من
سلبيات لا تعدّ و لا تحصى؟ لقد كنا و أبناؤنا الطلبة ضحية استهتاره و قراراته
غير المحسوبة لسنوات خلت. و كنا في كل مرة ندق ناقوس الخطر عساه
يعيد قطارالتعليم إلى سكّته. و لكنه لا يتورع عن التمادي في غيّه وظلاله !!
ما عسانا نفعل و قد بلغ السيل الزبى؟ و ما تراكم فاعلون إن كنتم مكاننا ؟
أم تريدوننا أن ننسلخ عن آدميتنا و نلبس ثوب المثالية لنشبع غروركم؟
ثم هل عسيتم إن تفرغنا لتعليم أبنائنا و ولّينا مصالحنا الدبر، أن يستقيم حال
التعليم عندنا ؟ أم تراكم قد أصابكم الزهو و غرتكم الأماني بالنتائج الخرافية
التي بات طلابنا يسجلونها على مدار السنوات القليلة الماضية ؟ أم تراكم ظننتم
بأن الوزير ضليع بأمر التربية و التعليم ؟
لقد ادلهمت بنا الخطوب، أحبتي و تقاذفتنا الهموم و تربّص بنا المبطلون.
لقدوُضغنا قسرا بين مطرقة الإنتفاضة لجلب المصالح، و سندان الخضوع
و الخنوع لدرء المفاسد. أمران أحلاهما مرّ. فأي الأمرّين كنتم لتختاروا؟
أجيبوا بربكم.
إن الساكت عن الحق شيطان أخرس. فما بالكم و الحق حقنا و حق أبنائنا.
نسأل الله أن يحقّ الحق و يبطل الباطل. إنه ولي ذلك و القادرعليه...
فما حكّ جلدك إلا ظهرك على قول العرب قديما.
لتخرس الأبواق الناعقة و لتركن إلى مستقرها غير مأسوف عليها.
أعاننا الله لما فيه خير البلاد و العباد و ألهمنا السداد في القول و العمل.
تحيتي