منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهم السنة وكيفية التعامل معها
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-01-30, 11:17   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ربوح ميلود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية ربوح ميلود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أدلة القول الثاني :
ذهب أصحاب هذا القول إلى أن الإسبال لغير الخيلاء مكروه كراهة تنزيه ، وليس بمحرم .
وقد استدلوا لقولهم بالكراهة بالأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول والتي فيها الأمر برفع الإزار فوق الكعبين ، ولكن ذلك الأمر ليس للوجوب ، وإنما هو للاستحباب –إذ كان الإسبال لغير الخيلاء- لما سيأتي من الأدلة .
وحينئذ فمخالفة هذا الأمر مكروهة ، ومما يدل لذلك أيضاً ما نُقل من اتفاق العلماء على كراهة كل ما زاد على الحاجة والمعتاد في اللباس من الطول والسعة ( ).
وقد استدل أصحاب هذا القول على أن الإسبال لغير الخيلاء ليس بمحرم بحمل النصوص التي فيها النهي عن الإسبال مطلقاً على النصوص المقيدِّدة لذلك بحال الخيلاء ، واستدلوا كذلك بأدلة من السُّنَّة وبآثار عن بعض الصحابة ، وبيان ذلك فيما يأتي :
أولاً : حمل النصوص المطلقة على النصوص المقيدة :
وردت نصوص مطلقة فيها الوعيد بالنار لمن أسبل من غير تقييد ذلك بالخيلاء كحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار " وغيره من الأحاديث التي سبق ذكرها ضمن النوع الأول من أدلة أصحاب القول الأول ، ووردت نصوص أخرى كذلك فيها النهي عن الإسبال مطلقاً من غير تقييده بالخيلاء ، كحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تسبل إزارك فإن الله لا يحب المسبلين " وغيره من الأحاديث التي سبق ذكها ضمن النوع الثاني من أدلة أصحاب القول الأول .
ووردت نصوص أخرى مقيِّدة النهي عن الإسبال والوعيد للمسبل بما إذا فعل ذلك على وجه الخيلاء كحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " وغيره من الأحاديث التي سبق ذكرها .
وقد ذهب أصحاب هذا القول إلى أن النصوص المطلقة التي فيها النهي عن الإسبال والوعيد لمن أسبل تُحمل على النصوص المقيدة لذلك النهي والوعيد بحال الخيلاء . وحينئذ يكون الإسبال المنهي عنه والمتوعد عليه إنما هو الإسبال للخيلاء .
قال النووي ( ) – رحمه الله- : " الأحاديث المطلقة بأن ما تحت الكعبين في النار يُراد بها ما كان للخيلاء لأنها مطلقة فوجب حملها على المقيدة " أهـ .
وقد اعترض على هذا الاستدلال بعدم صحة حمل المطلق على المقيد في هذه الحال؛ لأن من شرط صحة حمل المطلق على المقيد اتحادهما في الحكم كما هو مقرر عند الأصوليين( )، وهو غير متحقق في هذه المسألة ، إذ إنَّ العقوبتين قد اختلفتا ، فإن عقوبة من أسبل ثوبه خيلاء أن الله تعالى لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه ولا يكلمه وله عذابُ أليم ، وعقوبة من أسبل ثوبه لغير الخيلاء أن ما أسفل من الكعبين ففي النار أي أنه يعذب بالنار في موضع المخالفة فقط وهو ما أسفل من الكعبين .
ومما يدل على عدم صحة حمل المطلق على المقيد في هذه المسألة ، حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أزره المسلم إلى نصف الساق ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ومن جرَّ إزاره بطراَ لم ينظر الله إليه " ( ) .
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم مثالين في حديثٍ واحد ، وبيَّن اختلاف حكمهما لاختلاف عقوبتهما ، فهما مختلفان في الفعل في الحكم والعقوبة ، ولو كان يصح حمل المطلق على المقيد في هذه المسألة لكان في هذا الحديث تكرارُ وتطويلُ لا فائدة منه ، إذ يكون المعنى : ما كان أسفل من الكعبين على وجه البطر
والخيلاء فهو في النار ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه ، ولو كان ذلك هو المراد لقال : من جرَّ إزاره بطراً لم ينظر الله إليه وهو في النار ( ) فلما لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك دلَّ على اختلاف الفعل واختلاف الحكم والعقوبة ( ).
ثانياً : الأدلة من السنة :
استدل أصحاب هذا القول على عدم تحريم الإسبال لغير الخيلاء بأدلة خاصة من السنة ، منها :
1- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " فقال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله إنَّ أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لست ممن يصنعه خيلاء " ( ) .
ووجه الدلالة : أنَّ قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " لست ممن يصنعه خيلاء " تصريح بأن الوعيد المذكور في الحديث على جر الثوب إنما هو مختص بمن يفعل
ذلك على وجه الخيلاء ، وهذا يدل بمفهومه على أن ذلك إذا كان على غير وجه الخيلاء فإنه غير داخل في هذا الوعيد مما يدل على أن الإسبال لغير الخيلاء غير محرم ( ).
وقد اعترض على هذا الاستدلال بأنه خارجُ من محل الخلاف ، إذ إنَّ الخلاف فيمن قصد الإسبال فأرخى لباسه وتجاوز به الحد المقرر شرعاً لغير قصد الخيلاء ، والاستدلال المذكور بهذا الحديث لا يدخل تحت هذه الحال ، وإنما يدخل تحت الحال الأولى التي سبق بيانها وهي ما إذا استرخى ثوبه عرضاً من غير قصد الإسبال فتجاوز الحد المقرر شرعاً ( ) بدليل قول أبي بكر رضي الله عنه " إن أحد شقي إزاري يسترخي .. " ولم يقل : إن إزاري جعلته طويلاً ، وكذلك قوله : " إلا أن أتعاهد ذلك منه " فهذا يدل على أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يقصد استرخاء الإزار . وإنما يسترخي بنفسه ، وذلك لنحافة جسمه كما جاء في بعض الروايات ( )، ومع ذلك فقد كان أبو بكر رضي الله عنه يحرص على إصلاحه وتعاهده( ).
قال الحافظ ابن حجر( ) – رحمه الله - : " كأن شدَّه – أي شد الإزار – كان ينحل إذا تحرك بمشي أو غيره بغير اختياره ، فإذا كان محافظاً عليه لا يسترخي لأنه كلما كان يسترخي شدَّه " أهـ . فمراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " لست ممن يصنعه خيلاء " أنَّ من يتعاهد ملابسه إذا استرخت حتى يرفعها لا يعد ممن يجر ثوبه خيلاء لكونه لم يقصد الإسبال ، بل هو معذور بذلك وغير داخل في الوعيد المذكور ( ).
2- ما جاء في صحيح مسلم ( ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول :"من جرَّ إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة".
ووجه الدلالة : أن قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يريد بذلك إلا المخيلة " يفهم منه أنه إذا لم يرد بذلك المخيلة فإنه لا يلحقه الوعيد المذكور ، وهذا يدل على عدم تحريم الإسبال لغير الخيلاء ( ) .
وقد اعترض على هذا الاستدلال من وجهين :
- الوجه الأول : أن قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يريد بذلك إلا المخيلة " قيد خرج مخرج الأغلب ، والقيد إذا خرج مخرج الأغلب لم يعتبر له مفهوم ( ) .
- الوجه الثاني : على التسليم بأن ذلك القيد له مفهوم معتبر ، فإن غاية ما يدل عليه أن من جرَّ ثوبه لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد المذكور في الحديث ، وذلك لا يستلزم عدم التحريم ، فإنه قد وردت أحاديث أخرى تدل على أنه يعذب بالنار
على قدر موضع المخالفة فقط ، وهذه العقوبة وإن كنت أخف من عقوبة عدم نظر الله إليه يوم القيامة إلا أنها تدل على التحريم كما هو ظاهر( ).
ثالثاً : الآثار عن بعض الصحابة :
وردت آثار عن بعض الصحابة رضي الله عنهم تدل على أنهم لا يرون بأساً بالإسبال لغير الخيلاء ، ومنهم : عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه فقد ورد عنه أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال : إني رجلُ حمش ( ) الساقين ( ) .
ووجه الدلالة : أن إسبال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لإزاره ، مع جلالة علمه وفضله يدل على أن الإسبال لغير الخيلاء غير محرم ، إذا لو كان محرماً لما فعله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، ولأنكر عليه ذلك بقية الصحابة .
وقد اعترض على هذا الاستدلال من وجهين :
الوجه الأول : أن إسبال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه محمول على أنه أسبله زيادة على المستحب – وهو أن يكون إلى نصف الساق – ولا يُظن به أنه جاوز به الكعبين ، ومما يدل لذلك أنه لما قيل له في ذلك قال : إني رجل حمش الساقين ، وهذا يدل على أنه إنما أسبل لتغطية ساقيه الدقيقتين ، وذلك يتحقق بجعل إزاره إلى الكعبين ، إذ لا حاجة إلى إطالته أسفل من الكعبين ما دام أنَّ ذلك هو المقصود ( ) .
الوجه الثاني : على التسليم بأنه أسبل إزاره إلى ما تحت الكعبين فهو اجتهاد منه رضي الله عنه لا يقوى على معارضة الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على تحريم ذلك ، ولعله لم تبلغه تلك الأحاديث ( ) .
الترجيح :
بعد عرض قولي العلماء في هذه المسألة ، وما استدل به أصحاب كل قول ، يظهر –والله أعلم- أن القول الراجح في هذه المسألة هو القول الأول القاضي بتحريم الإسبال لغير الخيلاء ، وذلك لقوة أدلته ، وسلامتها من الاعتراضات ، ولضعف استدلال أصحاب القول الثاني كما يظهر ذلك من الاعتراضات الواردة عليها .
وآخر نقطة يجب الاشارة اليها وهي مدار العمل بالاحكام المتداخلة وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم للحديث المشهور الحلال بين والحرام بين .....حتى قال : فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .....
فأنت ايها المسلم المتبع لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ان انت رفعت ثوبك فوق الكعب فأنت بين الاباحة والسنة وان انت اسبلته فأنت بين الكراهة والحرمة فتنبه اخي المسلم
اخوكم ابو انس ميلود ربوح